تسابق دولي لعقد مؤتمر لتطويق «حرب طرابلس»

فرنسا تدعو إلى مشاركة جميع الأفرقاء على طاولة مفاوضات واحدة

TT

تسابق دولي لعقد مؤتمر لتطويق «حرب طرابلس»

تتسابق بعض القوى الدولية لمحاصرة العملية العسكرية الدائرة، منذ قرابة 6 أشهر في الضاحية الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس، من خلال عقد مؤتمر دولي يضمن وقف الحرب في البلاد، والعودة إلى طاولة التفاوض، وهو الأمر الذي لاقى استحساناً من بعض الأطراف المحلية التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط» أمس، وعدّت اللقاء «فرصة لحقن الدماء، وإعادة الاستقرار».
وبينما يواصل المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة جولاته الخارجية لحشد المجتمع الدولي حول المؤتمر المرتقب، جددت فرنسا على لسان وزير خارجيتها جان إيف لودريان الذي التقى نظيره المصري سامح شكري في القاهرة، أمس، أنها «تدعم الأفرقاء الليبيين للتوصل إلى حل سلمي وسياسي»، وأنه «يمكن تحقيق ذلك عبر احترام الشروط الأساسية لوقف إطلاق النار».
وكان القادة المشاركون في قمة مجموعة السبع الأخيرة دعوا إلى عقد مؤتمر دولي بمشاركة جميع الأطراف المعنية بالصراع الليبي، لاستئناف الحوار ووقف إطلاق النار.
ودخلت ألمانيا على خط الأزمة وأعلنت تبنيها فكرة المؤتمر، وقال سفيرها لدى ليبيا أوليفر أوفكزا إن بلاده تهدف إلى عقد «منتدى حول ليبيا» هذا العام بالتعاون مع الأمم المتحدة لمحاولة إرساء الاستقرار. وأضاف السفير عبر حسابه على «تويتر»: «بدأت ألمانيا من أجل ذلك عملية تشاور مع أطراف دولية رئيسية. مع وجود أعمال تحضيرية كافية، قد تقود هذه الجهود إلى حدث دولي مهم هذا الخريف».
وأبدى عضو مجلس النواب الليبي الدكتور أبو بكر بعيرة في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أمس، تأييده لعقد المؤتمر. وقال: «نرحب بهذا التحرك، طالما أنه يستهدف حل الأزمة الليبية، ويعيد الاستقرار إلى البلاد».
وقضى أكثر من 1200 ليبي في حرب دامية تدور رحاها منذ الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، بين الجيش الوطني وقوات موالية لحكومة الوفاق على الأطراف الجنوبية للعاصمة، بهدف «تحرير» طرابلس من «الجماعات الإرهابية» والميليشيات المسلحة، وفقاً لأمر أصدره المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش.
وأُعلن في ليبيا أمس أن رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، سيلتقي في روما اليوم رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، كما نقلت وكالة «أكي» الإيطالية، أمس، عن مجموعة «أدنكرونوس» الإعلامية الإيطالية، أن السراج سيلتقي كونتي الذي كان قد استقبله للمرة الأخيرة في قصر الحكومة أوائل مايو (أيار) الماضي.
وتأتي زيارة السراج بالتزامن مع وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى روما، لإبرام اتفاق ثنائي مع كونتي، الذي يتصدر الملف الليبي جدول أعماله.
وعلى هامش لقاء وزير الخارجية المصري مع نظيره الفرنسي في القاهرة، أمس، تطرق الاجتماع إلى الأزمة الليبية، وتحدث الأخير عن أن بلاده تدعم «مشاركة جميع الأفرقاء على طاولة مفاوضات واحدة، واحترام المسارات السياسية، وصولاً إلى إجراء انتخابات».
وقال لودريان في مؤتمر صحافي مع شكري: «إذا اتفق المجتمع الدولي على هذه القضية، وهو أيضاً قرار الأمم المتحدة ونائبها العام، فنحن على المسار الصحيح، ونتوقع نتائج في هذا الصدد، خلال انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل». وأضاف أن «الوضع طارئ في ليبيا، ويجب علينا التدخل لإيجاد حل، ونعلم أن الدول الأفريقية المجاورة، تريد حلاً لهذه المسألة، لذلك سنعمل معاً للتوصل إلى حل سياسي».
ورأى أبو بكر بعيرة، النائب عن مدينة بنغازي، أن فكرة عقد هذا المؤتمر في هذا التوقيت، ودعوة جميع الأفرقاء إليه، «فكرة ذكية وعملية». وعزا ذلك إلى أن اللجوء لدعوة جميع الأطراف للحوار «ربما يكون جاء على خلفية تصاعد المواجهة بين حفتر والسراج، ولم يعد بينهما قابلية للنقاش، وبالتالي ربما يُدعى إلى هذا المؤتمر ممثلون لأطراف سياسية في البلاد».
وعلى خلاف الساسة في ليبيا، لم يعد المواطن العادي يأبه بعقد مؤتمرات دولية حول الأزمة المستحكمة في بلاده، إذ يرى أن جميعها فشلت في إيجاد حل لوقف نزيف الدماء، وتحسين الأوضاع المتدنية، فضلاً عن إخفاقها في لجم تصاعد حدة الانفلات الأمني، منذ إسقاط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011.
وخلال الأيام الماضية، التقى سلامة مسؤولين دوليين وسفراء دول غربية لبحث متطلبات انعقاد المؤتمر. ومطلع الأسبوع الماضي، التقى سلامة في العاصمة الجزائرية الوزير الأول نور الدين بدوي، بحضور وزير الخارجية صابري بوقادوم، وتم تبادل وجهات النظر حول الأزمة الليبية، حيث أكد الوزير الأول على دعم الجزائر الثابت لجهود الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا.
وقال سياسي ليبي مقرب من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق لـ«الشرق الأوسط» أمس: «نحن مللنا عقد مؤتمرات دولية بشأن الأزمة المستحكمة، ونرى أن الحل يأتي من الداخل الليبي»، مستكملاً: «لكن مع إراقة الدماء وتراكم القتلى بالمئات، في ظل تصاعد حالة الكراهية بين الليبيين بعد الحرب على طرابلس، يجب علينا البحث عن حل سريع، قبل دخول البلاد في حرب أهلية حقيقية، لا تبقي ولا تذر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».