يبدو مؤكدا أن هيلاري كلينتون، السيدة الأميركية الأولى لثمانية أعوام (خلال رئاسة زوجها بيل كلينتون)، والسيناتورة عن ولاية نيويورك (ستة أعوام)، ووزيرة الخارجية في إدارة الرئيس باراك أوباما (أربعة أعوام)، ستترشح باسم الحزب الديمقراطي لرئاسة الجمهورية في انتخابات عام 2016. طبعا، ستواجه مرشحا جمهوريا قويا، وستريد الفوز عليه. لكن يبدو أنها ستواجه، أيضا، الإعلام الأميركي.
رغم قول كثير من الناس، ورغم الاعتقاد العام، بأن الصحافيين الأميركيين يميلون نحو الحزب الديمقراطي أكثر من ميلهم نحو الحزب الجمهوري، يبدو الصحافيون في نهاية المطاف يميلون نحو نشر أخبار محايدة، من دون وضع اعتبار لرجل، أو امرأة، أو حزب، أو دولة. لهذا، لا يمكن وصف الصحافيين الأميركيين بأنهم «أعداء» لهيلاري كلينتون. وقبلها، وحتى الآن، لزوجها. يمكن وصفهم بأنهم «ناقدون».
هذا ما كتبه موقع «ديموكراسي ناو» (الديمقراطية الآن)، وهو موقع ليبرالي، وكان تأسس قبيل غزو العراق (عام 2003). هيلاري كلينتون وزوجها، أيضا، ليبراليان. لكن، كما كتب الموقع مؤخرا «يبدو أن الحكم هو اختبار الليبرالي الحقيقي». يشير هذا إلى عدم رضا كثير من الليبراليين، خاصة التقدميين وسطهم، عن كل من الرئيس باراك أوباما وهيلاري كلينتون. بسبب عدم وقفهم الحروب الأميركية الخارجية، والتدخل العسكري الأميركي (من شعارات الليبراليين منذ التدخل العسكري الأميركي في فيتنام، والذي انتهى عام 1973). لهذا، موقف الإعلام الأميركي هو كما يأتي:
أولا: يريد عرض هذه الانتقادات، خاصة لأنها من ليبراليين ضد ليبراليين.
ثانيا: يريد إثارة صحافية، لا على حساب نزاهة الخبر، ولكن لزيادة أهمية الخبر.
ثالثا: يريد رفع مستوى العمل السياسي بسبب أكاذيب السياسيين، وفضائحهم، وفسادهم. لهذا، لسوء حظ هيلاري كلينتون، صارت نجمة إعلامية مفضلة. وقبلها، نال زوجها نصيبه، خاصة بسبب علاقاته الجنسية مع عدد من البنات، عندما كان حاكما لولاية اركنساس، وعندما كان في البيت الأبيض، خاصة لأن هيلاري وقفت إلى جانب زوجها (لم تقل إن العلاقات الجنسية لم تحدث، لكنها كررت عبارة «فاست رايت كونسبيراسي» (مؤامرة اليمين المتطرف). صحيح، كان ذلك قبل عشرين عاما تقريبا. لكن، أليست مهمة الصحافي هي نشر خلفية لكل خبر؟ أليست غراميات الزوج، ودعم الزوجة، خلفية لخبر أن الزوجة تريد أن تكون رئيسة لأميركا (وللعالم الحر)؟
ربما تعرف الزوجة، والزوج، ذلك أكثر من الصحافيين أنفسهم. لهذا، يتوقعان هجمات وانتقادات، ليست فقط من المرشح المنافس لرئاسة الجمهورية، ولكن، أيضا، من الإعلام. هل يقدران على كسب الإعلام أو، على الأقل، على تحييده؟
لهذا، كان المؤتمر السنوي لمؤسسة «كلينتون غلوبال» (يعقد في نيويورك مع بداية اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة)، اختبارا عن كيف ستعامل هيلاري كلينتون الإعلام، وكيف سيعاملها الإعلام.
كتب كريس سيليزا، كاتب بلوغ لصحيفة «واشنطن بوست»: «يمكن أن يمثل حادث واحد أثناء المؤتمر نظرة هيلاري وبيل كلينتون للإعلام الأميركي، وهي نظرة، بصراحة، سوداء، وشبه مجنونة». وأضاف «ببساطة، لا هيلاري كلينتون، ولا بيل كلينتون، يحب الإعلام الأميركي، أو يرى إمكانية استخدامه استخداما إيجابيا بالنسبة لهما».
وقع الحادث لإيمي شوزيك، صحافية في صحيفة «نيويورك تايمز»، ومتخصصة في تغطية أخبار هيلاري كلينتون، ويتوقع أن تواصل التغطية مع ترشيح كلينتون لرئاسة الجمهورية. ويبدو أن هيلاري، أو زوجها، أو مسؤولين عن الإعلام يعملون معهما، عرفوا ذلك. لهذا، خلال مؤتمر كلينتون، تبعتها مساعدة إعلامية إلى المرحاض. وحكت الصحافية «هي في العشرينات من العمر، وقررت أن تكون مرافقة لي إلى المرحاض، في فندق شيراتون، حيث يقام المؤتمر كل عام». لم تعرف الصحافية إذا كانت المساعدة تحرسها، أو تريد تقديم خدمات لها، أو تتجسس عليها. لكن، مجرد هذا الاهتمام بالإعلام يعكس ما قال صحافي «واشنطن بوست».
وهذه أمثلة لتوتر العلاقات بين آل كلينتون والإعلام الأميركي، أو، على الأقل، أمثلة عدم الثقة في الإعلام الأميركي:
في عام 2012، سقطت هيلاري فاقدة الوعي في بيتها في واشنطن، بسبب تجلط دموي، ومكثت في المستشفى قرابة شهر. وجلب الحادث عطفا شعبيا، ومن قادة الحزبين الديمقراطي والجمهوري. لكن، تساءل كارل روف، مستشار للرئيس السابق بوش الابن، في مؤتمر صحافي، عما إذا كلينتون تعاني من تلف المخ، مما يعني أنها غير قادرة على العمل. وغضب كلينتون الزوج ليس فقط لتصريحات روف (وهو منافس جمهوري)، ولكن، أيضا، لأن الإعلام نقل هذه التصريحات.
وفي عام 2013، مع نهاية عملها وزيرة للخارجية، نشرت مجلة «ماثر جونز» تقريرا طويلا عن عملها ذاك، وكان التقرير سلبيا جدا. نشرت عن دورها في الهجوم الإرهابي في بنغازي، في ليبيا، على القنصلية الأميركية، والذي أدى إلى قتل السفير الأميركي لدى ليبيا. وكتبت الصحيفة أن هيلاري كلينتون هي المسؤولة. ثم كتبت أنها «مثلية جنسية، وزواجها من بيل كلينتون ليس إلا غطاء». ثم كتبت أنها «مثل أغلبية نخبة المثقفين والسياسيين في واشنطن، سحلية تعشق شرب دماء الشعوب الأخرى».
وأخيرا، إذا هذه تغطية صحيفة ليبرالية، وقبل أن تعلن كلينتون ترشيحها، كيف ستكون تغطية الصحيفة عندما تترشح؟ وكيف ستكون تغطية الصحف الأخرى؟
هيلاري كلينتون ستواجه منافسا.. والصحافيين الأميركيين
علاقة المرشحة المرتقبة للرئاسة بالإعلام مضطربة.. مثل زوجها
هيلاري كلينتون ستواجه منافسا.. والصحافيين الأميركيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة