بعثة أممية تحذّر من «إبادة» الروهينغا المتبقين في ميانمار

جددت دعواتها لنقل القضية إلى «الجنائية الدولية» أو محكمة مختصة

لاجئون من الروهينغا وراء حاجز من الأسلاك على الحدود بين ميانمار وبنغلاديش في 25 أبريل 2018 (أ.ف.ب)
لاجئون من الروهينغا وراء حاجز من الأسلاك على الحدود بين ميانمار وبنغلاديش في 25 أبريل 2018 (أ.ف.ب)
TT

بعثة أممية تحذّر من «إبادة» الروهينغا المتبقين في ميانمار

لاجئون من الروهينغا وراء حاجز من الأسلاك على الحدود بين ميانمار وبنغلاديش في 25 أبريل 2018 (أ.ف.ب)
لاجئون من الروهينغا وراء حاجز من الأسلاك على الحدود بين ميانمار وبنغلاديش في 25 أبريل 2018 (أ.ف.ب)

حذّرت بعثة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة، أمس، من أن نحو 600 ألف من الروهينغا الذين لا يزالون في ميانمار يواجهون خطر التعرض «لإبادة»، مشيرة إلى أن عودة مئات الآلاف منهم كان الجيش طردهم سابقاً تبقى أمراً «مستحيلاً».
وعدّت البعثة التابعة لمجلس حقوق الإنسان عمليات الجيش البورمي في عام 2017 «إبادة»، وطالبت بمحاكمة كبار الجنرالات؛ وبينهم قائده مين أونغ هلاينغ، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وفرّ 740 ألفاً من الروهينغا من ولاية راخين (غرب ميانمار) في أغسطس (آب) 2017 بعد حملة قمع من الجيش في ميانمار حيث غالبية السكان من البوذيين.
وأكدت البعثة أن الروهينغا البالغ عددهم 600 ألف شخص وما زالوا داخل ولاية راخين، يعيشون أوضاعاً متدهورة و«مؤسفة». وذكرت البعثة في تقريرها النهائي المقرر أن يتم تقديمه اليوم في جنيف، أن لديها «أسباباً مقنعة للاستخلاص بأن الأدلة التي تدفع إلى الاقتناع بأن للدولة نوايا بارتكاب إبادة؛ تعززت» منذ العام الماضي، وأن «ثمة تهديداً جدياً بوقوع إبادة جديدة». كما أكدت «استحالة عودة اللاجئين الروهينغا».
وأضاف التقرير أنّ ميانمار «تنفي ارتكاب أي خطأ، وتُدمّر الأدلة، وترفض التحقيقات الفعلية، وتزيل وتحرق وتصادر وتبني على أراض هُجّرت الروهينغا منها».
وذكر أن الروهينغا كانوا يعيشون في ظروف «غير إنسانية»، مشيراً إلى تدمير أكثر من 40 ألف مبنى خلال حملة القمع. وجددت البعثة مطالبة مجلس الأمن الدولي بإحالة ملف ميانمار للمحكمة الجنائية الدولية، أو إنشاء محكمة خاصة بها على غرار يوغوسلافيا السابقة أو رواندا.
كما كشفت البعثة أن لديها قائمة سرية بأكثر من 100 شخص، بينهم مسؤولون يشتبه بتورطهم في الإبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، بالإضافة لستة جنرالات أعلنت عن أسمائهم العام الماضي. وجدد التقرير دعوته الحكومات والشركات الأجنبية إلى وقف الروابط التجارية كافة مع الجيش، داعياً إلى «تجميد» الاستثمار ومساعدات التنمية في ولاية راخين.
وتعرضت الأقلية المسلمة لقيود كبيرة على الحركة، مما جعل من الصعب؛ بل حتى المستحيل، على كثير منهم الحصول على خدمات الصحة والتعليم أو العمل. وترفض ميانمار ذات الغالبية البوذية منح مسلمي الروهينغا الجنسية أو الحقوق الأساسية، وتشير إليهم باسم «البنغال» في إشارة إلى أنهم مهاجرون غير شرعيين من بنغلاديش.
وبرّر الجيش البورمي حملة القمع بأنها وسيلة «للقضاء على المتمردين»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. ووقعت بنغلاديش وميانمار اتفاقاً لإعادة آلاف اللاجئين قبل عامين، لكن لم يعد أي لاجئ حتى اليوم. وأكد عناصر البعثة الذين لم يُسمح لهم بالتوجه إلى ميانمار: «يستمر هذا البلد في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في أعمال غير إنسانية تتسبب بمعاناة كبرى واضطهاد، في إطار هجوم معمم ومنهجي ضد السكان الروهينغا». ووصفوا الظروف في ميانمار بأنها «غير آمنة ومستحيلة» لإعادة اللاجئين الروهينغا إلى ديارهم.
واتهموا أيضاً الجيش بممارسة انتهاكات جديدة ضد المدنيين في شمال ولاية راخين. ودخلت المنطقة من جديد في نزاع مع شنّ الجيش البورمي حملة تستهدف «جيش أراكان» الذي يقاتل من أجل حقوق من إثنية البوذيين في ولاية راخين.
واتهمت البعثة الجيش في ميانمار بفرض العمل القسري والتعذيب، كما أشارت إلى أن «جيش أراكان» متهم أيضاً بارتكاب انتهاكات؛ لكن على نطاق أصغر. لكن المتحدث باسم الجيش في ميانمار رفض الخلاصات التي توصلت إليها البعثة، وعدّها «متحيزة». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «بدلاً من توجيه اتهامات يطغى عليها الانحياز، عليهم الذهاب إلى الأرض لرؤية الواقع».
وقام الفريق بتسليم تقريره إلى لجنة تحقيق تهدف إلى تكوين أدلة لدعم أي محاكمة في المستقبل. وقال كريستوفر سيدوتي، أحد أفراد البعثة: «يجب إنهاء فضيحة التقاعس الدولي. ما لم تتخذ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إجراءات فعالة هذه المرة، فإن هذا التاريخ المحزن قد يتكرر».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».