نتنياهو في معركة حياة أو موت

بنيامين نتنياهو  (أ.ف.ب)
بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو في معركة حياة أو موت

بنيامين نتنياهو  (أ.ف.ب)
بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

يتوجه نحو 6 ملايين و395 ألف ناخب إسرائيلي إلى صناديق الاقتراع، غدا الثلاثاء، لانتخاب 120 عضوا في الكنيست (البرلمان)، إثر معركة انتخابية شرسة، تتركز حول مستقبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ويشارك في التنافس 30 قائمة انتخابية، يتوقع أن تسقط معظمها، لتتوزع المقاعد بعدها بين 10 – 12 قائمة. ويدور التنافس بالأساس حول معسكرين، الأول يميني متشدد برئاسة بنيامين نتنياهو، والثاني وسط ويسار برئاسة بيني غانتس، رئيس أركان الجيش يخوض المعركة على رأس حزب الجنرالات، الذي يضم 4 رؤساء أركان سابقين للجيش وعددا من القادة السابقين في الأجهزة الأمنية.
ويسعى نتنياهو بكل قوته للحفاظ على كرسيه، كرئيس للوزراء، ليس بسبب الطموح للقيادة فحسب، بل لأنه يخوض معركة فاصلة، «معركة حياة وموت»، لمستقبله الشخصي. فهو ينتظر قرارا حاسما من المستشار القضائي للحكومة، في 2 أكتوبر (تشرين الأول)، يبت فيه بأمر التوصية المقدمة له من الشرطة ومن النيابة بتقديم ثلاث لوائح اتهام خطرة، لممارسته الفساد (رشوة، خيانة أمانة، تلاعب بأموال جمهور، تناقض مصالح، احتيال). وهو يريد أن يصل إلى هذا التاريخ وهو منتصر في الانتخابات، حتى يدير معركته القضائية بقوة المنصب. ويسعى لتشكيل حكومة يمين متطرف توافق على مساعدته في إجهاض محاكمته، وذلك مقابل قرارات وممارسات سياسية تعزز الاستيطان والتهويد وتخلد الاحتلال وتجهض حل الدولتين.
وبالمقابل، يسعى غانتس، لوضع حد لحكم نتنياهو، لمصلحة الاتجاه الليبرالي اليميني واليساري، الذي يرى أن أزمة نتنياهو الجنائية باتت تهدد إسرائيل استراتيجيا.
وهذا الاتجاه، الذي يلتقي فكريا وسياسيا وعمليا مع طروحات المؤسسة العسكرية الأمنية القائلة بأن سياسة نتنياهو تقوض أسس الدولة وأركانها. فالرجل يدير الدولة العبرية من خلال مصالح شخصية وحسب، وبذلك يشوه مسار اتخاذ القرارات ويجعلها ليس فقط فردية بل محكومة بالمصلحة الشخصية. فيقولون إنه مستعد لعمل أي شيء في سبيل البقاء في الحكم، ولا يكترث للثمن السياسي أو الاستراتيجي الذي تدفعه.
وهم يتحدثون عن الفرصة الذهبية التي يضيعها نتنياهو لإقامة سلام مع العالمين العربي والإسلامي مقابل تسوية القضية الفلسطينية، ويتحدثون عن نيته ضم ثلث مساحة الضفة الغربية لتخوم إسرائيل وإجهاض حل الدولتين، ويتحدثون عن تفاوضه مع الرئيس ترمب حول إبرام معاهدة حلف دفاع مشترك من دون الرجوع للمؤسسة الأمنية وعن إدارة نهج عنصري يعادي 20 في المائة من السكان (العرب من فلسطينيي 48) ويتحدثون عن إهماله تدهور الأوضاع الصحية والمستشفيات وعن ضرب جهاز التعليم وتسليمه لغلاة المتطرفين وعن زعزعة سلطة القضاء وعن ضرب الإعلام وتكبيله.
لقد جاءت هذه الانتخابات بعد خمسة شهور من الانتخابات الأخيرة، التي فشل فيها نتنياهو في تشكيل حكومة يمينية متطرفة، والسبب أنه دخل في صدام مباشر مع أحد أخلص حلفائه، أفيغدور ليبرمان. ولكن استطلاعات الرأي تجمع على أن النتائج هذه المرة ستكون شبيهة بنتائج الانتخابات السابقة. والفارق هو أن ليبرمان يضاعف قوته ويتحول إلى لسان الميزان فلا يستطيع نتنياهو تشكيل حكومة من دونه، هذا من جهة، والعرب من جهة أخرى، الذين أعادوا تشكيل القائمة المشتركة ينافسون ليبرمان على هذه الصفة «لسان الميزان»، لأنهم في حال العودة إلى نسبة التصويت العالية نسبيا (64 في المائة في سنة 2015)، فإنهم سيدخلون للكنيست 15 نائبا. وعندها لن تكون هناك حكومة يمين. وأية حكومة يسارية وسطية ستقوم ستكون بحاجة إلى دعمهم.
من جهته، قرر ليبرمان استبعاد دور حاسم للعرب، عن طريق التأكيد أنه يريد حكومة وحدة بين الليكود وحزب الجنرالات وهو معهما. فإذا حصل، سيكون العرب حزب المعارضة الرئيسية. وسيكون رئيس قائمتهم، أيمن عودة رئيس المعارضة، وهو في إسرائيل منصب رسمي رفيع، إذ أن رئيس الحكومة ملزم بإطلاعه على أسرار الدولة ويصبح من حقه أن يتكلم بعد رئيس الحكومة كل مرة يتكلم فيها في البرلمان، فيطرح بديلا لسياسته، ويلتقي جميع الضيوف الرسميين.
لكن حزب الجنرالات، الذي يحبذ حكومة وحدة كهذه، يشترط ألا يكون نتنياهو فيها، لا رئيسا ولا وزيرا.
من هنا فإن المعركة شرسة ومصيرية ويحاول كل طرف فيها أن يرفع من أسهمه وشعبيته حتى يحظى بالقوة الكافية للتكليف. وفي الأيام الأخيرة من هذه المعركة يلاحظ أن نتنياهو يصب كل قوته لسحب الأصوات من الأحزاب المتحالفة معه في اليمين المتطرف، وغانتس يحاول الأمر نفسه مع معسكر اليسار والوسط. فالأول أيقن بأنه لن يستطيع الحصول على أصوات في اليسار أو الوسط وبالتأكيد لن يحصل على أصوات عند العرب، والثاني لن يحصل على أصوات في اليمين.
ولهذا باتت المعركة داخلية، في المعسكرين. والجمهور من جهته يبدي قنوطا وشبه إحباط من قادته، لذلك يحتاجون جميعا إلى هبة خاصة تستحث الناس وتحفزهم على الخروج إلى صناديق الاقتراع. فنسبة التصويت كانت في المرة الماضية متدنية (66 في المائة عند اليهود و49 في المائة عند العرب)، وإذا بقيت على حالها فإنهم سيعودون إلى المربع الأول.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».