غرقت هونغ كونغ مساء أمس بأعمال عنف جديدة، بعدما لجأت الشرطة إلى قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه ضدّ ناشطين مناهضين لبكين كانوا يرشقون بدورهم الحجارة وقنابل المولوتوف خلال مظاهرة محظورة. وناشد المتظاهرون كلاً من لندن وواشنطن لدعم موقفهم، وحملوا أعلاماً بريطانية وأميركية.
وتحدى عشرات الآلاف من الأشخاص حظر السلطات المحلية، ونزلوا مجدداً إلى شوارع وجادات وسط المدينة. وفي مشهد أصبح مألوفاً جداً خلال 3 أشهر من الاحتجاجات، سرعان ما خرجت الأمور عن السيطرة ووقعت أعمال عنف بين عناصر الشرطة ومجموعات راديكالية صغيرة، كان أفرادها يحاولون مهاجمة المبنى الذي يضمّ مقر الحكومة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وألقى رجال الشرطة عدداً من قنابل الغاز المسيل للدموع، ولجأوا إلى خراطيم المياه التي كانت تحوي سائلاً ذا لون أزرق، فيما رمى المتظاهرون الحجارة وقنابل المولوتوف من فوق السياج الذي يلفّ المبنى الحكومي. وأظهرت صور تناقلتها القنوات التلفزيونية مشاهد لمتظاهرين يمزقون ويحرقون لافتة تحتفي بالذكرى السبعين على قيام الصين الشيوعية، وقاموا أيضاً بإحراق علم الصين.
وقبل الانسحاب من أمام عناصر شرطة مكافحة الشغب، تسلّق بعض المتظاهرين متاريس، وأشعلوا ناراً، وخرّبوا محطات مترو، في ظل تجنبهم للاشتباك مباشرة مع عناصر الشرطة. وتضع هذه المواجهات حداً لهدنة غير معلنة سرت لبضعة أيام بين الشرطة والمتظاهرين.
وتتكاثر عبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي الدعوات إلى مظاهرات جديدة خلال الأسابيع المقبلة، مع اقتراب مناسبتين رئيسيتين، الأولى هي تاريخ ذكرى 5 سنوات على انطلاق «تحرك المظلات» في 28 سبتمبر (أيلول)؛ والثانية تاريخ الذكرى السبعين على تأسيس جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر (تشرين الأول).
ومنذ 100 يوم، تواجه المستعمرة البريطانية السابقة أسوأ أزمة سياسية منذ عودتها إلى الصين عام 1997، وسط نشاطات ومظاهرات معارضة تكاد تتحوّل إلى شبه يومية، هدفها المطالبة بإصلاحات ديمقراطية والتنديد بردود فعل الشرطة التي يعتبرها المتظاهرون عنيفة.
وتشكّل هذه الحركة الاحتجاجية تحدياً غير مسبوق للحكومة الصينية وللحكومة المحلية في هونغ كونغ. وبموجب الإعلان الصيني - البريطاني لعام 1984، الذي أدى إلى عودة الجزيرة للصين، لا تزال هونغ كونغ تحظى بحريات استثنائية غير قائمة في باقي أنحاء الصين، وذلك حتى عام 2047 وهي تحكم تحت شعار «دولة واحدة، نظامان».
غير أنّ الناشطين يتهمون بكين بالتراجع عن التزاماتها عبر تشديد سطوتها السياسية على هذه الجزيرة، وعبر رفض السماح بتنظيم انتخابات مباشرة. وقبل أن يغرق وسط هونغ كونغ بالفوضى أمس، تجمّع متظاهرون أمام مقر القنصلية البريطانية مطالبين لندن ببذل مزيد من الجهود لحماية سكان مستعمرتها السابقة.
وأنشد مئات المتظاهرين «فليحفظ الله الملكة» في إشارة إلى الملكة إليزابيث الثانية، رافعين العلم البريطاني وأعلاماً تعود إلى حقبة الاستعمار. وكُتب على إحدى اللافتات أن «الإعلان الصيني - البريطاني المشترك باطل». ودعا كثيرون إلى أن يتمّ منحهم الجنسية البريطانية أو جنسية إحدى دول الكومنولث.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، وقّع نحو 130 نائباً بريطانياً على رسالة مشتركة تدعو الدولة البريطانية ودول الكومنولث إلى وضع «سياسة تأمين» لأهالي هونغ كونغ، تُمكّنهم من الانتقال للعيش في الخارج في حال أرادوا ذلك. وانطلقت المظاهرات في شهر يونيو (حزيران)، وأثارتها خطة تمّ التخلي عنها حالياً لتسليم المطلوبين إلى البر الصيني.
واعتبرت الصين أن المظاهرات ممولة من الخارج، وانتقدت بريطانيا والولايات المتحدة على وجه الخصوص، رغم أنها لم تقدم أدلة كثيرة باستثناء تصريحات مؤيدة للحراك أدلى بها بعض المسؤولين الغربيين. وتتعامل بريطانيا بحذر مع المظاهرات، في مسعى للمحافظة على بكين كشريك تجاري مهم؛ خصوصاً في ظل الضبابية التي يتسبب بها انسحابها الوشيك من الاتحاد الأوروبي. لكنها أعربت عن قلقها بشأن الاتجاه الذي تسير فيه الأمور في هونغ كونغ، وقالت إنها مضطرة إلى السهر على احترام الإعلان الصيني - البريطاني.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية في يونيو، إنّ «الإعلان المشترك معاهدة ملزمة قانونياً (...) وهو ملزم اليوم أيضاً بقدر ما كان ملزماً حين جرى توقيعه قبل 30 عاماً». وينشط المحتجون في المدة الأخيرة لتوعية المجتمع الدولي على ما يحصل لديهم.
وحضّ الناشط جوشوا وونغ، أحد وجوه «حراك المظلات» والمًوجود حالياً في الولايات المتحدة، الرئيس الأميركي دونالد ترمب على تضمين «بند بشأن حقوق الإنسان» في أي اتفاق تجاري مع الصين. كما التقى قبل أيام وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، ما فجّر توتراً دبلوماسياً حاداً بين بكين وبرلين.
متظاهرو هونغ كونغ يناشدون لندن وواشنطن دعمهم مع احتدام المواجهات
الشرطة لجأت إلى الغاز المسيّل للدموع ورُشقت بالحجارة و«المولوتوف»
متظاهرو هونغ كونغ يناشدون لندن وواشنطن دعمهم مع احتدام المواجهات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة