السعودية تنجح في احتواء هجوم «بقيق»... والاحتياطات كافية لتعويض الإمدادات

ترقب لافتتاح الأسواق اليوم مع ثقة بقدرة المملكة على إدارة الأزمة بكفاءة

لوحة لأسعار الأسهم في السعودية أمس (رويترز)
لوحة لأسعار الأسهم في السعودية أمس (رويترز)
TT

السعودية تنجح في احتواء هجوم «بقيق»... والاحتياطات كافية لتعويض الإمدادات

لوحة لأسعار الأسهم في السعودية أمس (رويترز)
لوحة لأسعار الأسهم في السعودية أمس (رويترز)

أكد خبراء في مجال الطاقة أن السعودية نجحت في استيعاب الصدمة الأولى لحادثة استهداف منشأتين نفطيتين في بقيق يوم أول من أمس، بعد تعرض أكبر معمل لمعالجة النفط في العالم لحادث إرهابي نفذ بطائرات مسيرة «درونز».
ومساء أمس، نقلت «وول ستريت جورنال» الأميركية عن مسؤولين سعوديين، دون تعريفهم، أن المملكة تعمل على استعادة نحو ثلث الإنتاج المتوقف قبل بدء تعاملات الأسواق اليوم (الاثنين)، كخطوة أولى في طريق استعادة مجمل الإنتاج بأقصى سرعة.
وأشارت بعض المصادر للصحيفة إلى إمكانية استخدام مصافٍ أخرى لحين استكمال الإصلاحات في بقيق. وقال مسؤول للصحيفة: «بحلول (اليوم) الاثنين... سنكون قد استعدنا نحو مليوني برميل». كما أكد آخر أن السعودية «تحرص على ألا تشهد السوق أي نقص حتى نستعيد الإنتاج بالكامل».
وأعلن الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي اللجوء إلى المخزونات الاحتياطية لتعويض نقص الإمدادات، كما قال إن الهجوم الإرهابي الذي نفذ يوم أول من أمس أدى إلى توقف عمليات الإنتاج في معامل بقيق وخريص بشكل مؤقت.
وبحسب التقديرات الأولية، فقد أدى الهجوم إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام تقدر بنحو 5.7 مليون برميل في اليوم، وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان قال مساء أول من أمس إن السعودية ستلجأ إلى استخدام مخزوناتها النفطية الكبيرة لتعويض عملائها، وأضاف: «سيتم تعويض جزء من الانخفاض لعملائها (السعودية) من خلال المخزونات».
وتملك السعودية احتياطيات تبلغ نحو 188 مليون برميل، وهو ما يعادل طاقة المعالجة في معمل بقيق لمدة 33 يوماً تقريباً، وذلك وفق ما ورد في مذكرة يوم أول من أمس من «رابيدان إنرجي غروب».
وينظر المراقبون إلى الآثار التي سيتركها الحادث على تعاملات أسواق النفط مع بدء تعاملاتها اليوم؛ حيث يعتقد أن السعودية قادرة على إدارة نقص الإمدادات بكفاءة عالية، طمأنت الأسواق والمتعاملين حول وفرة الإمدادات.
«الشرق الأوسط» تحدثت مع مختصين في المجال النفطي، هما كامل الحرمي الخبير النفطي الكويتي، ومصطفى البازركان الخبير النفطي العراقي، اللذان أكدا قدرة السعودية على استيعاب الحادث الإرهابي واستغلال احتياطاتها النفطية في طمأنة الأسواق وتوفير احتياجات عملائها الرئيسيين.
وقال الحرمي: «إن حجم التأثير الذي سيقع على الأسواق وعلى أسعار النفط، يعتمد حجم الأضرار التي وقعت في المنشآت النفطية في كل من خريص وبقيق». ويضيف: «لدى السعودية الخبرة الكافية في هذا المجال وفي التعامل بشفافية حول الأضرار وإعطاء تفاصيل أكثر حول الحادث لبثّ تطمينات لدى المتعاملين، كما أن لديها المخزونات الكافية لتلبية احتياجات عملائها وحاجة الأسواق، أيضاً لديها القدرة على إصلاح الأضرار وإعادة المنشأتين إلى العمل في أقرب وقت».
ويعتقد الحرمي أن الأسواق ستستوعب الحادث، وهذا هو المهم. وأمام السعودية وقت كافٍ لبثّ هذه التطمينات؛ حيث وقع الحادث في بداية العطلة الأسبوعية للأسواق النفطية، فيما تبدأ الأسواق الآسيوية عملها صباح اليوم بعد يومين من وقوع الحادث الإرهابي.
ويتابع أن الأسواق خلال هذه الفترة متخمة بالنفط الخام، وكانت السعودية أساساً تبحث خفض إنتاجها، لذا يرى أن الأسعار لن ترتفع بشدة، لأن الأسواق كان أمامها يومان تقريباً - من وقت الحادث - وهو وقت كافٍ حتى تعرف مدى الأضرار التي أصابت المنشأتين النفطيتين.
بدوره، يعتقد مصطفى البازكان وهو خبير نفطي عراقي أن الحادث رغم ثقله وتأثيره - حيث جرى استهداف أكبر معمل نفطي من نوعه في العالم - فإن تأثير الحادث على الأسواق سيكون مؤقتاً، وأضاف: «أعتقد أنه من السابق لأوانه التنبؤ بردّة فعل الأسواق النفطية، فما زالت هناك عدة ساعات حتى نتعرف على تأثيره على الأسواق».
ويتابع: «ستتضح الرؤية صباح (اليوم) عندما تبدأ الأسواق الآسيوية العمل، لذا التوقعات تجنح إلى أن التأثيرات ستكون مؤقتة، ولن تستمر طويلاً».
ويلفت الخبير النفطي العراقي النظر إلى أن هناك عوامل جيوسياسية مؤثرة استوعبتها الأسواق، مثل حظر النفط الإيراني، وهذا العامل أيضاً وهو غير جيوسياسي سيتم استيعابه، لذا قد تستجيب الأسعار صعوداً، لكن ليس بشكل حاد.
ويوكد البازركان على أهمية أن تطلق السعودية جملة تطمينات، وتكشف في أسرع وقت عن حجم الأضرار وتفاصيل عن مدة إصلاح الضرر لطمأنة الأسواق والمستثمرين.
ويوم أمس، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن سمير مدني، أحد مؤسسي موقع «تانكر تراكرز» لتعقب حركة الشحن البحري، قوله إنه «بناء على حجم الأضرار ووقوع أي أعطال، ستلجأ (أرامكو) إلى خطط الطوارئ عبر استخدام مخزونها إذا لزم الأمر».


مقالات ذات صلة

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

الاقتصاد العاصمة الرياض (رويترز)

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية، في بيع سندات على 3 شرائح، وسط طلب قوي من المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد منشأة «لوسيد موتورز» في كوستا ميسا بكاليفورنيا (رويترز)

«لوسيد» تتفوق على تقديرات تسليم السيارات الكهربائية... وسهمها يرتفع

أعلنت مجموعة «لوسيد» المتخصصة في السيارات الكهربائية عن تسليمات قياسية في الربع الرابع يوم الاثنين، متجاوزة توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مبنى وزارة التجارة السعودية (واس)

نمو السجلات التجارية المصدرة في السعودية 67 % بالربع الرابع

ارتفع إجمالي السجلات التجارية في السعودية بنسبة 67 في المائة خلال الربع الرابع من عام 2024 مقارنة بالفترة المماثلة من 2023 حيث تم إصدار أكثر من 160 ألف سجل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الرياض (رويترز)

غداة إعلان خطتها الاقتراضية لـ2025... السعودية تبدأ تسويق سندات دولية

تطرُق السعودية أسواق الدين العالمية ببيع مزمع لسندات على ثلاث شرائح، ومن المتوقع أن تُسهم حصيلتها في تغطية عجز الموازنة وسداد مستحقات أصل الدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تحسن نشاط القطاع الخاص اللبناني بعد وقف إطلاق النار

رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)
رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)
TT

تحسن نشاط القطاع الخاص اللبناني بعد وقف إطلاق النار

رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)
رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)

سجّل مؤشر مديري المشتريات الرئيسي الصادر عن بنك «لبنان والمهجر» التابع لـ«ستاندرد آند بورز» ارتفاعاً ملحوظاً في ديسمبر (كانون الأول) 2024، مسجلاً 48.8 نقطة، مما يعكس تحسناً واضحاً في الأوضاع الاقتصادية اللبنانية بعد انخفاض مؤشرات الإنتاج، والطلبيات الجديدة، وطلبيات التصدير في الشهر السابق.

كما شهدت الشركات اللبنانية تحسناً كبيراً في مستويات الثقة بمستقبل الأعمال إلى مستويات قياسية بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأظهرت المؤشرات الفرعية للمؤشر خلال الشهر الأخير من العام ارتفاعاً كبيراً، لا سيما في مؤشر الإنتاج المستقبلي. وقدمت الشركات المشاركة في المسح توقعات كانت الأكثر إيجابية في تاريخ المسح بشأن النشاط التجاري، مشيرةً إلى انتعاش النشاط التجاري خلال الاثني عشر شهراً المقبلة مدعومةً بوقف إطلاق النار.

في الوقت نفسه، أظهر المسح انخفاضاً في معدلات الانكماش في مؤشرات الإنتاج، والطلبيات الجديدة، وطلبيات التصدير الجديدة، مما يعكس تحسناً جزئياً في بعض القطاعات الفرعية في الاقتصاد اللبناني. كما استقر مؤشر التوظيف بشكل عام، ولم تسجل مستويات المخزون أي تغييرات ملحوظة.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات للشهر الثاني على التوالي من 48.1 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 إلى أعلى مستوى في ثمانية أشهر بواقع 48.8 نقطة في ديسمبر 2024. ومثَّلت هذه القراءة تعافياً لقراءة المؤشر من أدنى مستوى له في أربعة وأربعين شهراً في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وأشارت إلى أدنى تدهور في النشاط الاقتصادي لشركات القطاع الخاص اللبناني منذ أبريل (نيسان) 2024.

وأشارت بيانات المسح إلى انخفاض مستوى النشاط التجاري في شركات القطاع الخاص اللبناني، رغم أن معدل الانخفاض تراجع إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2024. وتماشياً مع ذلك، سجل إجمالي الطلبيات الجديدة الانخفاض الأدنى في تسعة أشهر في الشهر الأخير من السنة. وفي كلتا الحالتين، تعد قراءتا هذين المؤشرين أعلى مما كانت عليه في أكتوبر من العام الماضي، بعد تصاعد الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل.

وتراجع معدل الانخفاض في طلبيات التصدير الجديدة بشكل حاد خلال فترة المسح الأخيرة، وكان معدل الانكماش الأدنى في عشرة أشهر. وأشار ذلك إلى انخفاض ملحوظ في معدل انكماش الأعمال الواردة من العملاء الدوليين.

وفي ضوء مؤشرات على تعافي ظروف المبيعات، قلَّصت شركات القطاع الخاص اللبناني من أنشطتها الشرائية بدرجة طفيفة في ديسمبر. وفي الواقع، لم يطرأ أي تغيير على مخزونات مستلزمات الإنتاج، مشيرةً إلى استقرار مستويات المخزون. وأشارت الأدلة المنقولة إلى تحسين بعض الشركات لمخزونها لتلبية الطلب المرتفع.

وشهدت أوضاع التوظيف في لبنان استقراراً خلال فترة المسح الأخيرة نظراً لعدم تسجيل أي تغيير في أعداد موظفي شركات القطاع الخاص اللبناني في ديسمبر. وفي المقابل، حافظت تكاليف الموظفين التي تتحملها الشركات اللبنانية على ثباتها. ورغم ذلك، أشارت البيانات الأخيرة إلى أن الضغوط على التكاليف كانت ناتجة عن ارتفاع أسعار الشراء. وأشار أعضاء اللجنة إلى زيادة أتعاب الموردين. ومع ذلك، كان معدل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الأدنى في ثلاثة أشهر.

ورفعت شركات القطاع الخاص اللبناني أسعار سلعها وخدماتها سعياً إلى تمرير أعباء النفقات التشغيلية المرتفعة إلى عملائها. وبما يتماشى مع اتجاه أسعار مستلزمات الإنتاج، تراجع معدل تضخم أسعار مستلزمات الإنتاج إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر.

وتعليقاً على نتائج مؤشر مديري المشتريات، قال حلمي مراد، محلل البحوث في بنك «لبنان والمهجر»: «من المثير للاهتمام أن الشركات المشاركة في المسح قدمت توقعات إيجابية بشأن النشاط التجاري خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، حيث سجل مؤشر الإنتاج المستقبلي أعلى قراءة بواقع 61.8 نقطة. وربطت الشركات التوقعات الإيجابية باتفاق وقف إطلاق النار بين (حزب الله) وإسرائيل، فيما كانت الآمال أن الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 9 يناير (كانون الثاني) 2025 ستسفر عن اختيار رئيس جمهورية جديد أحد العوامل التي ساهمت في تقديم التوقعات الإيجابية».

وأضاف: «نأمل أن يتبع ذلك تشكيل حكومة جديدة لتنفيذ الإصلاحات الضرورية لجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية. ومن المشجع أيضاً أن تقرير البنك الدولي الأخير كشف عن أن خسائر النشاط الاقتصادي بسبب الحرب في لبنان، التي بلغت 4.2 مليار دولار، كانت أدنى من الخسائر المتوقعة سابقاً».