الأحزاب تستخدم حسابات وهمية لتضخيم حجم جمهورها على المواقع الإلكترونية

TT

الأحزاب تستخدم حسابات وهمية لتضخيم حجم جمهورها على المواقع الإلكترونية

تستحضر منصات التواصل الاجتماعي في لبنان المتاريس التي حسب اللبنانيون أنها غابت مع طي صفحة الحرب الأهلية قبل ثلاثين عاماً، ما إن ينشب الخلاف بين القادة السياسيين لسبب أو لآخر.
وليس صحيحاً أن الحملات المنظمة للجيوش الإلكترونية وما تتضمنه من سرديات عنيفة لا تعكس لسان حال المجتمع بكل تجاذباته السياسية الحادة، إذ يعلو صوت المعارك على هذه المنصات على وقع الخلافات، إلا أنها سرعان ما تختفي مع المصالحات وعودة التواصل بين المتخاصمين.
فقد اندلعت المعارك عبر موقع «تويتر» على إيقاع خلافات الفترة الماضية، مع حادثة الجبل ونبش ذاكرة الحرب الأهلية بين الحزب التقدمي الاشتراكي و«التيار الوطني الحر»، لتطوى صفحتها مع إعادة ربط ما انقطع بين النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس الجمهورية ميشال عون وصهره وزير الخارجية جبران باسيل.
أما «وثيقة معراب» التي وضعت أسس التفاهم بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» فقد فقدت صلاحيتها مع الحرب الإلكترونية الحامية الوطيس والمستمرة بين الطرفين.
أما البيئة الحاضنة لـ«حزب الله»، فهي تتربص بكل كلمة تصدر عن خصوم الحزب، فتهجم جيوشها الإلكترونية مهددة ومخوّنة ومتعالية على كل منتقد لمواقف أمينه العام حسن نصر الله.
لكن هل تساهم هذه المعارك الإعلامية في تغيير المعادلات وزيادة جمهور هذا الحزب أو ذاك؟ أو تغير تفكير الناس وفق تبادل الاتهامات والشتائم بين هذا الطرف أو ذاك؟ وأين يذهب شحن المحازبين بعد انحسار اللغة المحتدمة بين الجماهير المتخاصمة ما إن تتم المصالحة وينتهي الخلاف السياسي؟
تقول الصحافية المتخصصة بالتقنيات الحديثة والإعلام الجديد نايلة صليبي لـ«الشرق الأوسط» إن «الشعب اللبناني يتميز بالعصبية الطائفية والمذهبية والسياسية. فالمحازبون يتبعون بشكل أعمى الزعماء السياسيين. وبطبيعة الحال فالجيوش الإلكترونية لا تأتي بجديد، فوسائل الإعلام في لبنان تقوم بعملية التجييش نفسها؛ لأنها تابعة للأحزاب وليست محايدة».
ويقول رئيس تحرير موقع «IM LEBANON» طوني أبي نجم لـ«الشرق الأوسط» إن «الموقف الذي يطلقه السياسي له تبعاته، سواء صدر في الصحف أو التلفزيونات أو المنصات الاجتماعية. لكن الأمر لا ينسحب على الناس الذين أصبحوا يعيشون، عملياً، في عالم افتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي الذي ينقلهم إليه المحازبون لهذا الطرف أو ذاك».
ويوضح أن «التوجيهات تأتي عبر (الواتساب) من مسؤولين في الأحزاب للتصويب على أحد السياسيين وفق مفاتيح كلام تحدد وجهة المعركة، وذلك بناء على تعليمات قيادتهم، ومن دون أي فهم للأبعاد السياسية لسبب الهجوم. وتنتهي المعارك الافتراضية عندما تنتفي الحاجة إليها. لذا عندما يتصالح المسؤولون المتواجهون تنقلب المواقف 180 درجة ولا تترك صدى على أرض الواقع؛ لأن من يشنون هذه الحروب لا يتجاوزون الخمسين وليسوا ألوفاً مؤلفة. ولا يتسببون في مواجهات مباشرة. فالاشتباك المباشر له مقومات مختلفة، كما في حادثة الجبل أو الفيديو المسرب لوزير الخارجية جبران باسيل الذي هاجم فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري».
ويضيف أبي نجم: «تستخدم أكثر الجيوش الإلكترونية حسابات وهمية على مواقع التواصل، وبصور وهمية وأسماء وهمية. وذلك وفق مستويين. يبدأ الأول على مجموعة تنشأ على الواتساب تضم في أحسن الأحوال من 100 إلى 150 محازباً لأكبر الأحزاب. وكل من هؤلاء المحازبين ينشئ من 20 إلى 30 حساباً وهمياً، لتدار عبرها معظم المعارك الإلكترونية، تجنباً للملاحقة القانونية، ولتضخيم أعداد المحازبين والمؤيدين».
وترى صليبي أن «الهجمات المختلفة على (تويتر) وغيرها هي تتمة للخطاب الإعلامي لكل حزب ولتهييج المحازبين. ولم تعد في لبنان أي مساحة لخطاب المنطق. لذا لا تتغير مواقف المحازبين بعد انحسار اللغة المحتدمة بين أطراف هذه المعارك، ما إن تتم المصالحة وينتهي الخلاف السياسي، وكأن هناك مخدرا في أصابعهم يردد التغريدات نفسها ويتماهى وخطاب الحزب والزعيم الذي يتبعونه. لا سيما أن الرسائل عبر المنصات الاجتماعية، خلال حملات الجيوش الإلكترونية والتي تستخدم في معظم الأحيان حسابات وهمية، تكرر الخطاب نفسه، ويمكن أن تؤثر لدى من لديهم ضعف ما في ثقافتهم وتفكيرهم».
وتربط صليبي «كيفية مساهمة الجيوش الإلكترونية لزيادة جمهور حزب ما أو إنقاصه، بمراقبة نسبة أعمار مستخدمي (تويتر) الذين يتعرضون لهذه الرسائل، ومدى تأثرهم بها، خاصة إذا كانوا من المراهقين وليست لديهم ثقافة سياسية مختلفة عن ثقافة أهلهم».
ويؤكد أبي نجم أن «المعارك الإلكترونية لا تزيد رصيد الحزب من المؤيدين ولا تستقطب أحداً ولو بنسبة 1 في المائة، وفي أحسن الأحوال تصنع توجهاً عاماً لدى القاعدة الحزبية في الإطار الضيق ولا تغير أي معادلة». وعن إمكان الملاحقة القانونية يقول: «المشكلة أنه لا قانون واضح ينظم استخدام المنصات الإلكترونية، وهي تحتاج إلى جهاز أمني ضخم لملاحقة من يشتم أو يبث الفتنة. كما أن عدداً لا بأس به من مستخدمي منصات التواصل بشكل تحريضي هم خارج لبنان ولا يمكن ملاحقتهم».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».