تقويض فرص إقالة عبد المهدي... والحكيم يعزز جبهة المعارضة

TT

تقويض فرص إقالة عبد المهدي... والحكيم يعزز جبهة المعارضة

بدأ البرلمان العراقي، أمس، أولى جلسات فصله التشريعي الجديد، في حين يحزم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، حقائب سفره، ليشد الرحال إلى الصين لغرض توقيع أكبر اتفاقيات اقتصادية وتجارية مع هذا البلد.
التناقضات والخلافات السياسية طغت على جدول أعمال الجلسة الأولى للبرلمان التي كان يتوقع الجميع إنها سوف تكون حافلة بالقضايا التي كانت مؤجلة قبل العطلة التشريعية. فجدول الأعمال الذي كان من المتوقع أن يتضمن فقرات تتعلق باستجواب الوزراء أو استكمال حقائب الحكومة، أو قصف مواقع الحشد أو الوجود الأميركي في العراق، إلى القوانين الخلافية المؤجلة منذ سنوات، مثل النفط والغاز والمحكمة الاتحادية وسواها، فإنه لم يتضمن سوى استكمال قراءة مشاريع قوانين هامشية.
المراقبون للشأن السياسي لا يحملون رئاسة البرلمان مسؤولية ذلك بقدر ما يحملون الكتل السياسية التي لم تتمكن من حسم خلافاتها الموروثة من سنوات، كما أن العديد من المراقبين لا يحملون رئيس الحكومة مسؤولية التأخير في حسم الكابينة الوزارية أو العديد من القضايا الأخرى طالما أن النظام في العراق برلماني، لكن الديمقراطية فيه لم تنضج بالدرجة التي تجعل من القضايا الخلافية مكانها قبة البرلمان لا كواليس الكتل والزعامات.
وإذا كان الحديث الطاغي طوال الأسابيع الستة الماضية، يكاد ينحصر في مسألة واحدة وهي إقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي فإن ما بدا أن قطار الدورة البرلمانية الحالية لا يسير على هذه السكة.
وبدأت الكتل إما بالتنصل من تصريحات بعض نوابها بشأن الحديث عن أجواء إقالة رئيس الوزراء أو تعد كل ما صدر هو مجرد آراء فردية، الأمر الذي يجعل عبد المهدي في وضع مطمئن، وهو يرحل إلى الصين طلبا للمزيد من العقود الاقتصادية بعشرات مليارات الدولارات.
في إطار ذلك فإن زعيم جبهة المعارضة الوليدة زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم يحاول تعزيز جبهة هذه المعارضة، سواء إن كان من خلال ضم أطراف سياسية أخرى إليها أو الانفتاح على مجالات أخرى سياسية ومجتمعية ونخبوية لكي تكون هذه الجبهة أكثر فاعلية في المستقبل.
الحكيم وفي كلمة له أمس خلال مؤتمر الملتقى الثاني للمرأة العربية المتخصصة الذي عقد في العاصمة العراقية بغداد قال «إننا نشهد نضوجاً ديمقراطياً في العراق بانبثاق المعارضة السياسية الوطنية البناءة التي تساعد على بناء جناحي الديمقراطية من الموالاة والمعارضة لفرز المناهج وتعرية الأخطاء وتقويم الانحرافات في العملية السياسية وتوفير البديل السياسي وتكريس (قاعدة حكومة قوية في ظل معارضة سياسية قوية) ضمن إطار الدستور والقانون».
ودعا الحكيم «حكومة الظل المشكلة من قبل جبهة المعارضة بتبني توصيات هذا المؤتمر وإضافة ما ينتهي إليه خبراؤها المختصون أيضا في مجال التربية والتعليم والشباب، وإعلان ذلك كمطالب لجبهة المعارضة والعمل على اعتمادها من قبل الحكومة ومجلس النواب، وإمكانية تدارك ما يمكن تداركه في إصلاح الواقع التربوي والتعليمي وما يخص قضايا الشباب والمبدعين المغيبين والمعطلين في الواقع العراقي».
إلى ذلك أكد الدكتور صلاح العرباوي عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تيار الحكمة شرع في تشكيل جبهة سياسية اجتماعية تضم قوى مجتمعية وسياسية جديدة» مبينا أن «من سمات هذه الجبهة أنها جبهة مفتوحة لمن يرغب في الانضمام إليها». وأوضح العرباوي «أننا نعتقد أن العديد من القوى السياسية ستتخذ طريق المعارضة بعد اليأس من النجاح الحكومي». لكن الكتل السياسية وبسبب تجذر خلافاتها بدأت تتراجع عن إمكانية سحب الثقة من الحكومة أو رئيسها. فعلى صعيد كتلة النصر التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي الذي لا يزال اسمه مطروحا كبديل لعبد المهدي في حال تم سحب الثقة منه أكد رئيس كتلته البرلمانية رياض التميمي في تصريح صحافي أن «أغلب التصريحات بإقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي فردية ولم تكن هناك كتلة سياسية تبنت الموضوع بشكل رسمي». وأضاف أن «مجلس النواب كان يتمتع بعطلة تشريعية وكل ما يصرح به فهو يرجع إلى نواب من مختلف الكتل البرلمانية» دون أن يبين أن كتلته هي مع الإقالة أو من عدمها.
النائب عن كتلة صادقون ضمن تحالف الفتح عبد الأمير الدبي ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك حين أعلن أن «إقالة عبد المهدي مرفوضة» من قبل كتلته وهو ما يعني أن «الفتح» التي تحالفت مع «سائرون» للمجيء بعبد المهدي حددت موقفها الرافض لإقالة رئيس الوزراء بخلاف كتلة سائرون التي لا تزال تنتظر الموقف النهائي من زعيمها مقتدى الصدر الذي لا يزال موقفه يترجح بين التحذير القوي لعبد المهدي وبين الدعم الخفي. أما الأكراد وبسبب العلاقة المتميزة بينهم وبين عبد المهدي فإنهم باختلاف كتلهم وزعاماتهم أعلنوا موقفهم بوضوح بأنهم ضد الإقالة، فيما لا يزال موقف العرب السنة يتأرجح بين مواقف رجراجة من هذه الطروحات وبين محاولات الضغط عليه لاتخاذ موقف أكثر جرأة ووضوحا إن كان على صعيد البحث عن المغيبين والمختطفين أو إعادة النازحين.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.