عندما تعاقد نيوكاسل يونايتد مع المهاجم البرازيلي جولينتون من هوفنهايم الألماني مقابل 40 مليون جنيه إسترليني خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية، أصبح هذا اللاعب هو الأغلى في تاريخ النادي الإنجليزي. وهناك بعض الأوقات التي تشهد تألقا لافتا من جانب اللاعبين البرازيليين في الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي يعد الوجهة التي يحلم بها اللاعبون الشباب في أكبر دولة في قارة أميركا الجنوبية. وتجب الإشارة إلى أن المنتخب البرازيلي الفائز قبل أكثر من شهر ببطولة كأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا) كان يضم بين صفوفه سبعة لاعبين يلعبون في الدوري الإنجليزي الممتاز. ويدين هؤلاء اللاعبون جميعا بالفضل للنجم البرازيلي ميراندينها، الذي كان أول برازيلي يلعب لناد إنجليزي عندما انضم إلى نيوكاسل يونايتد عام 1987، أي قبل خمس سنوات من انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد.
يقول ميراندينها، الذي احتفل بعيد ميلاده الستين في اليوم الذي تغلبت فيه البرازيل على الأرجنتين في نصف نهائي كوبا أميركا: «أنا فخور جداً بذلك. لقد كان ذلك بمثابة علامة فارقة في تاريخ كرة القدم البرازيلية وكرة القدم الإنجليزية على حد سواء، وأصبح اسمي يتردد دائما على ألسنة الصحافيين والجمهور. وقد ساعد ذلك أيضا على انضمام جونينيو إلى ميدلسبره بعد ذلك بسنوات قليلة. لكنني أنظر إلى هذا الأمر بتواضع شديد على أي حال. كل شخص يتألق في مرحلة ما، وقد كانت هذه هي فترة تألقي».
ويعترف ميراندينها بأنه لا يعرف الكثير عن جولينتون، الذي يعد أحدث مهاجم برازيلي ينضم إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه فخور بأن الشيء الذي بدأه لا يزال مستمرا حتى الآن. ويقول عن ذلك: «أنا سعيد لأن النادي حول اهتمامه نحو اللاعبين البرازيليين، فهذا يعد دليلا على الأداء الجيد الذي قدمته هناك، عندما سجلت أهدافا حاسمة أمام منافسين أقوياء. والآن، يمتلك جولينتون فرصة جيدة لكي يثبت قدراته في هذا النادي العملاق، خاصة في ظل وجود هذا الجمهور الرائع الذي يحفز اللاعبين دائما».
وكان ميراندينها قد لفت الأنظار بشدة في إنجلترا في مايو (أيار) 1987، عندما ساعد البرازيل على الفوز بكأس روس (بطولة تجمع إنجلترا وأسكوتلندا إضافة إلى فريق ضيف كان المنتخب البرازيلي في هذه السنة)، وسجل هدفه الدولي الوحيد في المباراة التي انتهت بتعادل البرازيل مع إنجلترا بهدف لكل فريق على ملعب ويمبلي، كما حصل على جائزة أفضل لاعب في المباراة التي انتهت بفوز البرازيل بهدفين دون رد على اسكوتلندا. وعاد ميراندينها إلى إنجلترا بعد ذلك ببضعة أشهر وكان على استعداد لإقامة حياة جديدة له ولأسرته في شمال شرقي إنجلترا.
ودفع نيوكاسل يونايتد لنادي بالميراس 575 ألف جنيه إسترليني مقابل الحصول على خدمات ميراندينها في صيف عام 1987، وسرعان ما تكيف اللاعب البرازيلي مع الأجواء في مدينة نيوكاسل وبات يشعر وكأنه في وطنه. وسجل ميراندينها 13 هدفاً في أول موسم له في إنجلترا، بما في ذلك هدفان في مرمى مانشستر يونايتد في المباراة التي انتهت بالتعادل بهدفين لكل فريق على ملعب «أولد ترافورد»، وقاد نيوكاسل يونايتد لإنهاء هذا الموسم في المركز الثامن في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز.
وبصورة غير متوقعة، أصبح ميراندينها صديقا لبول جاسكوين في ذلك الموسم، وكانا يتناولان الطعام معا بانتظام. وقبل أن ينتقل جاسكوين إلى توتنهام هوتسبير، أعطى كلبا لابنة ميراندينها كهدية. يقول ميراندينها عن ذلك: «لقد كونت صداقة قوية مع بول فور انضمامي للنادي، فقد كان أول شخص يرحب بي في النادي، وكنا نذهب سويا إلى المستشفيات وغيرها من المناسبات الخيرية. لقد كان صديقاً لي وساعدني كثيراً في مواجهة الصعوبات التي كنت أعاني منها في بداية انتقالي إلى إنجلترا. في السابق كنا نتواصل بقدر لا بأس به، لكنه ابتعد قليلا بعد مشكلاته مع الكحول. لكنني أحاول دائماً التحدث عنه في أي مناسبة، وأبحث دائماً عن معرفة ما يحدث في نيوكاسل يونايتد».
ويضيف: «ما زال الجميع في نيوكاسل يونايتد يتذكرونني حتى يومنا هذا. لقد زرت المدينة عام 2016 خلال افتتاح مطعم برازيلي هناك. وعندما علم العاملون بالنادي بقدومي قرروا اصطحابي لمشاهدة مباراة نيوكاسل يونايتد أمام مانشستر سيتي، وتم تكريمي على أرض الملعب بين شوطي المباراة. لكن لم يتحدث الناس عن ذلك في البرازيل. إنهم يحبونني كثيرا هناك، وما زلت أحصل على رسائل بها صور وطلبات للتوقيع عليها من قبل الجمهور الإنجليزي».
لكن الأمور لم تسر بشكل جيد مع نيوكاسل يونايتد خلال الموسم الثاني لميراندينها مع الفريق. وعلى الرغم من بعض اللحظات الرائعة للاعب البرازيلي - سجل هدف الفوز في المباراة التي انتهت بفوز نيوكاسل يونايتد على ليفربول في ملعب «آنفيلد» للمرة الأولى منذ 38 عاماً، كما سجل هدفين في المباراة التي فاز فيها نيوكاسل يونايتد على غريمه المحلي بثلاثية نظيفة - لكن نيوكاسل هبط إلى دوري الدرجة الأولى في ذلك الموسم. وبعدما لعب ميراندينها 67 مباراة مع نيوكاسل يونايتد سجل خلالها 24 هدفاً، عاد إلى نادي بالميراس البرازيلي، وهي الخطوة التي وصفها ميراندينها بأنها «أكبر خطأ» في مسيرته الكروية.
لقد تغير مشهد كرة القدم الإنجليزية في الثلاثين عاما التي تلت رحيل ميراندينها عن نيوكاسل. وقبل بداية الدوري الإنجليزي الممتاز لعب خمسة برازيليين – أليسون، وفابينيو، وروبرتو فيرمينو، وإيدرسون، وغابرييل جيسوس – على ملعب ويمبلي، في كأس الدرع الخيرية والتي انتهت بفوز مانشستر سيتي على ليفربول بركلات الترجيح بعد نهاية الوقت الأصلي للمباراة بالتعادل بهدف لكل فريق. ويعد جولينتون لاعبا من بين 24 برازيليا يلعبون في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، ويحصلون جميعا على أجر جيد.
وللأسف، واجه ميراندينها صعوبات مالية كبيرة خلال السنوات الأخيرة، بسبب فشل المشروع التجاري الذي أنشأه، فضلا عن طلاقه مرتين. وبعد أن ساءت الأمور تماما قبل بضعة أشهر، ذهب ميراندينها إلى التلفزيون البرازيلي لطلب المساعدة في سداد ديونه، وقد تدخل رجال أعمال، لم يكشفوا عن هويتهم، وساعدوه على دفع ديونه.
يقول ميراندينها عن ظهوره التلفزيوني: «لقد كنت متردداً جداً في الوصول إلى هذه النقطة، لكن الأمور كانت صعبة للغاية، لسوء الحظ. ثم اتصل أحد أصدقائي بالمخرج وتحدث معه عن وضعي الحالي. لقد كنت بحاجة للحديث عن ظروفي على الملأ، وكان لذلك مردود جيد بالنسبة لي. لقد تسبب ظهوري في شعور الكثيرين بالصدمة. لقد طلقت مرتين، كانت إحداهما بشكل صادم. وانتقلت للعيش بعيدا عن ابنتي، وخسرت أموالي. ثم عملت مع فريق في مدينتي واضطررت إلى بيع عقاري لكي أدفع أجور اللاعبين المتأخرة، فلم أكن أريد أن أكون شخصاً سيئاً».
ويأمل ميراندينها أن تنتهي أوقاته الصعبة. وبمساعدة بعض أصدقائه القدامى، تمكن ميراندينها من الحصول على رخصة التدريب من الدرجة الأولى في البرازيل – وهي الرخصة التي يتعين على جميع المديرين الفنيين أن يحصلوا عليها الآن – ويعتزم العودة للعمل في مجال كرة القدم مرة أخرى. وبعد أن عمل في مجال التدريب في البرازيل والكثير من أنحاء العالم مثل المملكة العربية السعودية والسودان وماليزيا، يسعى ميراندينها لاستئناف مسيرته التدريبية مرة أخرى. يقول ميراندينها عن ذلك: «لقد كنت بطلاً في المملكة العربية السعودية، وأيضاً مع فورتاليزا في عام 2009 [الفوز ببطولة ولاية سيارا]. لقد ساعدتني خبراتي في جميع أنحاء العالم على إجادة اللغة الإنجليزية، كما أتحدث اللغة العربية بعض الشيء، وكذلك اليابانية. وأتوقع أن تتاح لي الفرصة للعودة إلى التدريب مرة أخرى».
ميراندينها... البرازيلي الذي حول أنظار الإنجليز إلى «راقصي السامبا»
وصف رحيله عن نيوكاسل والعودة إلى نادي بالميراس بأكبر خطأ في مسيرته الكروية
ميراندينها... البرازيلي الذي حول أنظار الإنجليز إلى «راقصي السامبا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة