جنايات القاهرة ترجئ الفصل في «قضية القرن» إلى 29 نوفمبر

قاضي مبارك تعهد ببيان حكمه في حالة موت المتهم

الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك يستمع إلى همسات من نجله جمال قبيل بدء الجلسة أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك يستمع إلى همسات من نجله جمال قبيل بدء الجلسة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

جنايات القاهرة ترجئ الفصل في «قضية القرن» إلى 29 نوفمبر

الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك يستمع إلى همسات من نجله جمال قبيل بدء الجلسة أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك يستمع إلى همسات من نجله جمال قبيل بدء الجلسة أمس («الشرق الأوسط»)

أرجأت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في مقر أكاديمية الشرطة (شرق القاهرة) النطق بالحكم في قضية القرن المتهم فيها الرئيس الأسبق حسني مبارك (86 عاما) ونجلاه ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه، إلى جلسة 29 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وقال رئيس المحكمة القاضي محمود الرشيدي إن مد أجل النطق بالحكم جاء بسبب عدم الانتهاء من كتابة أسباب الحكم، متعهدا ببيان حكمه في القضية في حال اضطرت المحكمة لإعمال نص المادة 14 من قانون الإجراءات؛ في إشارة لانقضاء الدعوى حال موت المتهم في القضية.
ووسط إجراءات أمنية مشددة، وترقب في الأوساط السياسية والشعبية، عقدت المحكمة جلستها أمس، والتي كان مقررا أن تكون الجلسة النهائية في ثاني جولات القضية. وعرضت المحكمة تقريرا مصورا عن أوراق القضية التي بلغت نحو 160 ألف ورقة، احتوت على أقوال المتهمين وشهادات شهود النفي والإثبات وصور لثورة 25 يناير، ونصوص للمكالمات داخل وزارة الداخلية أثناء الأحداث. وقال القاضي الرشيدي إنه انتهى من كتابة 60 في المائة من حيثيات الحكم (الأسباب التي استندت لها المحكمة) في 2000 ورقة على مدار 44 يوما عملت خلالها هيئة المحكمة نحو 20 ساعة يوميا إيمانا منها بأنها «قضية وطن»، لافتا إلى أن حالته الصحية ربما هي السبب وراء تأخره في الانتهاء من كتابة أسباب الحكم، مشيرا إلى أنه لم يعتد إصدار الحكم قبل الانتهاء من وضع الحيثيات بصورة نهائية.
وقررت المحكمة أيضا خلال جلسة أمس استمرار حبس العادلي على ذمة القضية. ويقضي مبارك حاليا فترة عقوبة بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، كما يقضي نجلاه علاء وجمال عقوبة السجن المشدد لمدة 4 سنوات، لإدانتهم بالاستيلاء على أكثر من 125 مليون جنيه (نحو 18 مليون دولار) من المخصصات المالية للقصور الرئاسية.
ووقعت اشتباكات في محيط أكاديمية الشرطة أمس بين العشرات من أنصار الرئيس الأسبق الذين رددوا عبارات مؤيدة لمبارك وبين معارضيه الذين طالبوا بـ«القصاص العادل»، مما تسبب في وقوع إصابات من الجانبين. ويحاكم مبارك والعادلي و6 من مساعديه في قضية القرن لاتهامهم بالتحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة يناير، وإشاعة الفوضى في البلاد، وإحداث فراغ أمني فيها، كما يحاكم مبارك ونجلاه ورجل الأعمال حسين سالم بشأن جرائم تتعلق بالفساد المالي واستغلال النفوذ الرئاسي.
وصدر حكم بالسجن المؤبد (25 عاما) على مبارك والعادلي، في أولى جولات القضية عام 2012، بعد إدانتهما بالاشتراك في جرائم قتل المتظاهرين. في حين نال جمال وعلاء مبارك ومساعدو العادلي الـ6 وهم (اللواء أحمد رمزي، اللواء عدلي فايد، اللواء حسن عبد الرحمن، اللواء إسماعيل الشاعر، اللواء أسامة المراسي، اللواء عمر فرماوي) حكما بالبراءة، قبل أن تأمر محكمة الاستئناف بإعادة المحاكمة من جديد لقبول الطعن على الحكم من قبل النيابة والمتهمين.
وقالت لجنة لتقصي الحقائق شكلتها الحكومة في عام 2011 إن عدد القتلى خلال ثورة 25 يناير يصل إلى نحو 850 قتيلا وآلاف الجرحى على مستوى محافظات الجمهورية، أغلبهم من المتظاهرين، وبينهم عدد من رجال الشرطة وسجناء قتلوا خلال اقتحام عدد من السجون.
وفي إجراء غير اعتيادي، تعهد القاضي بإدراج حكمه في حيثيات القضية حال اضطرت المحكمة لإعمال المادة 14 من قانون الإجراءات والتي تنص على أنه «تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم، ولا يمنع ذلك من الحكم بالمصادرة في الحالة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة 3 من قانون العقوبات إذا حدثت الوفاة أثناء نظر الدعوى». وقال الرشيدي، وهو ثالث قاض يتصدى لقضية القرن، إنه «لا يتهرب من الفصل في الدعوى».
وفي حال صدور حكم في نهاية نوفمبر المقبل، في ثاني جولات «قضية القرن»، فلن يكون نهائيا، وإنما هو المحطة قبل الأخيرة في القضية؛ حيث يحق لهيئة الدفاع عن المتهمين أو النيابة خلال 60 يوما من صدور حيثيات الحكم الطعن على الحكم، لتنقل أوراق القضية لمحكمة النقض (درجة التقاضي الأعلى)، لتصدر حكما نهائيا غير قابل للطعن.
وانعكست التقلبات السياسية في البلاد منذ ثورة 25 يناير على طبيعة دفاع مبارك، فبينما سعى المحامي فريد الديب محامي مبارك خلال العام الأول لمحاكمة القرن إلى إظهار موكله كنصير لثورة 25 يناير مستندا إلى خطاب مبارك في الأول من فبراير (شباط) عام 2011، والذي وافق فيه الرئيس الأسبق على معظم المطالب التي رفعها الثوار في ميدان التحرير، وصف الديب الثورة في ثاني جولات المحاكمة بعد ثورة 30 يونيو التي أنهت عاما من هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على مقاليد السلطة بـ«المؤامرة» مستفيدا من التحقيقات التي أجريت خلال محاكمات قادة الجماعة.
وكانت القضية في جولة الإعادة قد بدأت أولى جلساتها في 11 مايو (أيار) 2013 واستمرت على مدر 54 جلسة كاملة حتى 13 أغسطس (آب) الماضي، من بينها 32 جلسة خصصت للاستماع إلى مرافعة النيابة العامة، وهيئة الدفاع عن المتهمين، والمتهمين بأشخاصهم، وتعقيب النيابة العامة على مرافعات الدفاع، والتعقيب الختامي لدفاع المتهمين، سبقتها 22 جلسة إجرائية جرى خلالها تحقيق طلبات هيئة الدفاع والاستماع إلى الشهود المطلوبين.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.