صمت انتخابي اليوم في تونس... وبدء التصويت في دول المهجر

انطلاق الاقتراع الرئاسي غداً لحسم المنافسة بين مرشحين من 17 حزباً و7 «مستقلين»

المرشحة سلمى اللومي عن حزب (الأمل) تلتقي المواطنين خلال حملتها الانتخابية وسط العاصمة أمس (إ.ب.أ)
المرشحة سلمى اللومي عن حزب (الأمل) تلتقي المواطنين خلال حملتها الانتخابية وسط العاصمة أمس (إ.ب.أ)
TT

صمت انتخابي اليوم في تونس... وبدء التصويت في دول المهجر

المرشحة سلمى اللومي عن حزب (الأمل) تلتقي المواطنين خلال حملتها الانتخابية وسط العاصمة أمس (إ.ب.أ)
المرشحة سلمى اللومي عن حزب (الأمل) تلتقي المواطنين خلال حملتها الانتخابية وسط العاصمة أمس (إ.ب.أ)

توجه آلاف التونسيين في دول المهجر أمس إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيسهم المقبل، من بين 26 مرشحاً، وكانت البداية في مدينة سيدني الأسترالية.
وبثت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أمس، أولى صور الإقبال على صناديق الاقتراع، مؤكدة أنها كانت بطيئة لأن يوم الجمعة كان يوم عمل في معظم دول إقامة المهاجرين التونسيين (فرنسا وإيطاليا وألمانيا)، وتوقعت حدوث إقبال أكبر خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وخصصت هيئة الانتخابات نحو 392 مكتب اقتراع في دول المهجر، لخدمة نحو 400 ألف ناخب تونسي يقيمون في 44 دولة من دول المهجر، وستمتد عمليات التصويت حتى يوم غد الأحد. وتجري عمليات الاقتراع بالنسبة لتونسيي المهجر في 6 دوائر انتخابية.
وأوضح فاروق بوعسكر، نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أن «وتيرة الإقبال على صناديق الاقتراع خارج أرض الوطن لا تزال بطيئة». مشيراً إلى أن الشلل الذي ضرب قطاع النقل في فرنسا نتيجة الإضراب عن العمل، قد يعيق عمليات الاقتراع في فرنسا التي يقيم بها أكبر عدد من المهاجرين التونسيين.
أما داخل تونس، فستجري عمليات الاقتراع يوم غد الأحد، ويتوقع أن تعرف مشاركة أكثر من سبعة ملايين ناخب مسجل، في حين يخضع كل المترشحين إلى «الصمت الانتخابي» كامل نهار اليوم، في وقت تتواصل فيه ضبابية المشهد السياسي؛ خصوصاً أنه لم تتضح مؤشرات حقيقية للحسم في هوية المترشح الأكثر حظاً لتولي كرسي الرئاسة في تونس.
في غضون ذلك، دعا راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة»، كلاً من حمادي الجبالي والمنصف المرزوقي وسيف الدين مخلوف إلى الانسحاب من السباق الرئاسي، ودعم ترشح عبد الفتاح مورو المرشح الرسمي لحركة «النهضة»؛ لكن مورو نفى في تصريح إعلامي علمه بهذا المقترح، معتبراً أن كل المترشحين للرئاسة «يدركون جيداً أين تكمن مصلحتهم، ويعرفون كيف يتصرفون».
وبخصوص مواعيد الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، في حال عدم فوز أي مرشح بأغلبية الأصوات في الدور الأول (أكثر من 50 في المائة من أصوات الناخبين)، فقد أوضح نبيل بفون، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أن الدور الثاني للانتخابات الرئاسية سيقام في 13 من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في حين ينتظر أن يتم الإعلان الرسمي عن الفائز بمنصب رئيس الجمهورية في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني).
من ناحيته، قال محمد التليلي المنصري، عضو هيئة الانتخابات، إن الحملة الانتخابية التي انتهت أمس عرفت تسجيل أكثر من ألف مخالفة انتخابية، مؤكداً أن المترشحين كلهم ارتكبوا عدة تجاوزات؛ لكنها لا ترقى إلى سحب أسمائهم من السباق الانتخابي على حد تعبيره. وكانت أبرز المخالفات المسجلة مرتبطة أساساً باستغلال فضاءات عمومية للدعاية السياسية، واستغلال الأطفال خلال الحملات الانتخابية.
ومن خلال السجالات السياسية الكثيرة التي عرضتها وسائل الإعلام المحلية خلال فترة الحملة الانتخابية، التي امتدت من 2 إلى 13 من سبتمبر (أيلول) الحالي، يتضح أن حظوظ المترشحين للفوز بكرسي الرئاسة تبقى متقاربة، حسب عدد من المراقبين، وهو ما يضفى كثيراً من التشويق على انتخابات قد تحدث مفاجأة مدوية لا يتوقعها الناخبون، بحسب بعض المحللين.
وتضم قائمة الأسماء المرشحة للفوز بكرسي الرئاسة قيادات سياسية، تمثل 17 حزباً سياسياً، و7 شخصيات مرشحة بصفة مستقلة، معظمها من سلك المحاماة والأطباء، بالإضافة إلى عدد من الكفاءات الأخرى.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.