انتخابات رئاسية أفغانية محفوفة بالمخاطر بعد انقطاع الحوار

TT

انتخابات رئاسية أفغانية محفوفة بالمخاطر بعد انقطاع الحوار

كان الكثير من الأفغان والمراقبين يتوقعون أن يتم إلغاء الانتخابات أو تأجيلها (للمرة الثالثة على التوالي)، حتى إن المرشحين أنفسهم لم يكونوا مشاركين بقوة في الحملة الانتخابية. لكن الوضع تغير. إذ أعلنت «طالبان» أن السبيل الوحيد للمفاوضات مع واشنطن هو «الجهاد والقتال». ويبدو أن الانتخابات الرئاسية التي عارضها المتمردون على الدوام، باتت الهدف المفضل لاعتداءات جديدة. وقال هارون مير المحلل المستقل في كابل لوكالة الصحافة الفرنسية إن «طالبان لن توفر جهدا لضرب الانتخابات. يمكننا أن نتوقع تصعيدا للعنف حتى يوم الاقتراع».
ويرى محللون أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب المفاجئ بوقف المفاوضات بين واشنطن و«طالبان» قد يؤدي إلى تزايد أعمال العنف المرتبطة بالانتخابات الرئاسية التي ستجري في 28 سبتمبر (أيلول) مع خفض احتمالات الحوار بين الأفغان.
بوضعه حدا «نهائيا» السبت للمفاوضات مع «طالبان» حول سحب القوات الأميركية من أفغانستان، أعاد الرئيس الأميركي الانتخابات الأفغانية إلى الواجهة، بعدما ألقى إمكان التوصل إلى اتفاق فوري مع المتمردين، بظلاله عليها. وتعتبر «طالبان» الرئيس الحالي الأوفر حظا للفوز حتى الآن أشرف غني «دمية» بيدي واشنطن، وأصبح هدفها إضعاف الرئيس المقبل. وبما أن الحركة رفضت على الدوام التفاوض مع حكومته، لديها ذريعة لحرمانه من شرعيته من خلال إقناع أكبر عدد من الناخبين بمقاطعة الانتخابات.
وفي المقابل يرى غني كما السلطات الأفغانية التي لم تشارك في المفاوضات بين «طالبان» والأميركيين، أن فشل المفاوضات سبيل للعودة بقوة إلى اللعبة السياسية. والأحد قال المتحدث باسم الرئيس صديق صديقي: «كل سبيل لإرساء السلام يجب أن تشرف عليه الحكومة». لكن وقف المفاوضات مع واشنطن يعني أيضا تبدد الآمال بحوار مباشر مستقبلا بين كابل وطالبان، وهو أمر أساسي لوضع حد نهائي للنزاع». وقالت لوريل ميلر الدبلوماسية الأميركية السابقة التي أصبحت اليوم خبيرة لدى مجموعة الأزمات الدولية إن «احتمالات حوار أفغاني كانت أفضل الأسبوع الماضي مما هي عليه اليوم». ومسودة الاتفاق مع «طالبان» كانت تنص على مشاركة الحركة في حوار «أفغاني» ما أن يتم توقيعه. وذكرت الحركة أن تاريخا لبدئه حدد في 23 سبتمبر (أيلول). وذكرت ميلر في اتصال هاتفي أجرته معها الصحافة الفرنسية في واشنطن «جوهر الاتفاق كان فتح نافذة لبدء مفاوضات (بين الأفغان). الآن لم يعد لطالبان سبب لتبني موقف أكثر ليونة». ويشاطرها الرأي توماس راتيغ الاختصاصي في المنطقة لدى «أفغان أناليست نيتوورك» إذ قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «سبل الحوار بين الأفغان ضئيلة جدا». وأضاف: «لا أرى كيف يمكن أن يحصل ذلك الآن بعد فشل مسودة الاتفاق».
وعلى الأرض قد تدفع القوت الأفغانية والمدنيون خصوصا ثمن تجدد أعمال العنف. وخلال النصف الأول من العام قتل 1366 مدنيا وأصيب 2446 بجروح كما ذكرت في يوليو (تموز) بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان. لكن خطر وقوع هجمات جديدة لن يثني السلطات عن إجراء الانتخابات. وقال مير أحد المحللين النادرين الذين يتوقعون مثل هذا السيناريو: «ستزداد شرعية الحكومة ولن يكون أمام طالبان من خيار سوى التواصل معها».
واعتبر راتيغ أن شرعية «الرئيس العتيد ستكون رهن نسبة المشاركة، ولطالبان قدرة كافية على الضرب للتأثير على الانتخابات». من جهته، لاحظ عبد الوحيد وفاء المدير التنفيذي لمركز أفغانستان في جامعة كابل أن الناخبين قد يقررون أيضا المقاطعة بعد أن «فقدوا الأمل والثقة بهذه الحملات وهذه العمليات الانتخابية». وقال: «الوضع في غاية التعقيد. الحكومة الأفغانية غير مستعدة لمواجهة تحدي الانتخابات الكبير» مذكرا بأن الاقتراعين السابقين في 2014 و2018 واجها صعوبات وشابتهما اتهامات بالتزوير. وعلى «فيسبوك» الثلاثاء كتب شخص يدعى أوميد شريفي: «كفى زرعا للأحزان! لن يخرج أي طرف منتصرا من تصعيد أعمال العنف».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.