سلسلة جديدة من الانتهاكات الحوثية بحق أيتام اليمن

تقارير: الميليشيات لجأت لتجنيد 200 طفل في صنعاء خلال عام واحد

أطفال داخل خيمة في صنعاء (إ.ب.أ)
أطفال داخل خيمة في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

سلسلة جديدة من الانتهاكات الحوثية بحق أيتام اليمن

أطفال داخل خيمة في صنعاء (إ.ب.أ)
أطفال داخل خيمة في صنعاء (إ.ب.أ)

تواصل الميليشيات جرائمها وانتهاكاتها بحق أيتام اليمن، تلك الشريحة الأضعف التي تعددت معاناتها واتسعت رقعتها جراء انقلاب الجماعة الحوثية على السلطة الشرعية أواخر عام 2014.
مصادر خاصة في العاصمة صنعاء، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، عن سلسلة جديدة من الانتهاكات الحوثية بحق الأيتام في مناطق متفرقة خاضعة لبسطة الميليشيات الانقلابية.
وكشفت المصادر عن تحويل جماعة الحوثي مؤخرا لأجزاء كبيرة من مقر مؤسسة اليتيم الخيرية في العاصمة صنعاء إلى مدرسة أهلية بهدف الاستثمار المادي للميليشيات والتي تذهب عوائدها لصالح المجهود الحربي وقتال اليمنيين.
وقالت المصادر إن «الجماعة الانقلابية حولت أجزاء من مبنى مؤسسة اليتيم في حي النهضة بالعاصمة صنعاء والتي تسيطر عليها منذ الانقلاب، إلى مدرسة أهلية بغرض الاستثمار والربح المادي»، الأمر الذي يفرغ، بحسبها، المؤسسة من دورها الخيري في رعاية وكفالة الأيتام.
عاملون بمؤسسة اليتيم بصنعاء تحدثوا عن أن الكادر العامل في المدرسة التي تزمع الميليشيات افتتاحها خلال العام الدراسي الحالي، جلّهم من أتباع الحوثيين.
وعدّ العاملون تلك الخطوات تشكل خطرا على مستقبل ما تبقى من الأيتام داخل المؤسسة وكذا العملية التعليمية برمتها. وقالوا إن «الميليشيات تسعى من وراء ممارساتها تكريس احتلالها لمؤسسات ومراكز إيواء الأيتام وكذا إنشاء مدارس أهلية خدمة لأهدافها الطائفية».
وأشاروا إلى أن تحويل أوقاف الأيتام إلى مشاريع استثمارية تتبع الميليشيات الحوثية يعد اعتداءً صارخاً على القانون وكذا حقوق اليتامى.
وتعرضت مؤسسة اليتيم التنموية ودور أيتام أخرى في صنعاء ومناطق يمنية أخرى إلى اعتداء واحتلال وعمليات نهب واسعة من قبل العصابة الحوثية، إلى جانب استغلال المئات من طلابها الأيتام عليهم للزج بهم في جبهات القتال بصفوف الميليشيات الحوثية.
تقارير محلية سابقة كشفت عن لجوء الميليشيات الانقلابية إلى تجنيد الأطفال حيث قامت باختطاف 200 طالب من دار الأيتام بالعاصمة صنعاء فقط خلال عام 2018، بالإضافة إلى تجنيدها لأكثر من 28 ألف طفل منذ 2014 وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2018. واعتبرت التقارير مسألة تجنيد الميليشيات للأيتام انتهاكا صارخا لحقوق الطفولة، مخالفا لكل الأعراف والمواثيق الدولية.
وأشارت إلى أن 90 طفلا من هؤلاء الصغار قضوا في جبهات القتال التابعة للميليشيات، فيما تعمل القوات الشرعية والتحالف على إعادة تأهيل العشرات من الأطفال، الذين وقعوا في الأسر.
وأكد مسؤول بدار للأيتام بصنعاء، فقدان 200 طفل من الدار العام الماضي، بعد أن جندتهم ميليشيات الحوثي بالقوة للزج بهم في جبهات القتال.
وقال المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن الطلاب الأيتام الذين اختطفهم الميليشيات تم نقلهم مُجبرين إلى معسكرات وجبهات الميليشيات الإرهابية. وأشار إلى أن أغلبهم سقطوا قتلى بينما وقع بعض آخر في الأسر لعدم امتلاكهم أي خبرات في الجوانب القتالية.
وكانت تقارير إعلامية محلية أكدت في السابق أن 90 طالباً يتيماً من بين الذين تم أخذهم قتلوا في عدد من الجبهات، و30 آخرين وقعوا أسرى في أيدي قوات الشرعية اليمنية، فيما لا يزال مصير البقية مجهولا.
ونقلت التقارير عن مسؤولة في دار الأيتام، قولها إن «الميليشيات أحضرت منتصف العام الماضي جثة طالب قتل في جبهة نهم (شرق صنعاء) ثم قامت بدفنها بعد رفض مسؤولين في دار الأيتام تسلمه».
وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، كشفت مصادر حقوقية محلية قصة مؤلمة لإحدى الأمهات اختطفت ميليشيات الحوثي ثلاثة من أطفالها من دار الأيتام بصنعاء (وسيم 16 عاما، رمزي 13 عاما، فؤاد 11 عاما)، وأعادت اثنين منهم جثتين هامدتين، فيما نجا أخوهما الأصغر.
من جانبهم، عبر اختصاصيون اجتماعيون تحدثوا مع الشرق الأوسط، عن قلقهم الشديد من إصرار الميليشيات الانقلابية على «إجبار الطلاب الأيتام على المشاركة بالقوة في جبهات القتال وحرمانهم من سبل العيش الكريم من خلال النهب الممنهج للدور والمؤسسات والجمعيات الراعية للأيتام وتجويع الأيتام عمداً لأيام متواصلة، بعد سرقة المواد الغذائية الخاصة بهم، وبيعها في السوق السوداء».
وقال المختصون إن الجماعة الحوثية المتطرفة تمارس جميع أصناف الضغوط على الدور والمؤسسات الناشطة في رعاية وكفالة الأيتام من أجل إقامة أنشطة طائفية ومحاضرات تحث وتدعو للذهاب إلى جبهات القتال.
وفي السياق نفسه، وجّه وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، بوقت سابق، نداءً عاجلاً إلى المبعوث الأممي لليمن والمنظمات الدولية، وطالبهم بالتدخل العاجل بشأن تجنيد الحوثيين للأطفال، خصوصا شريحة الأيتام. وأشار الإرياني إلى مقتل أكثر من 200 طفل من الساكنين في دار الأيتام بصنعاء بعد قيام الحوثيين بالزج بهم في جبهات القتال.
وأدت الحرب التي أشعلت فتيل نيرانها الميليشيات الحوثية منذ أكثر من أربعة أعوام، إلى مضاعفة عدد الأيتام ومعاناتهم خصوصا في مناطق سيطرة الانقلابيين، الأمر الذي دفع بعضاً منهم إلى ترك المدرسة والبحث عن عمل لكشف المال وتوفير لقمة العيش لهم ولأسرهم. أمّا الآخرون فاستقبلتهم دور الأيتام القليلة المتوفّرة في بعض المدن اليمنية، التي لم تسلم من بطش ونهب واستغلال الميليشيات الحوثية.
وخلال أعوام سابقة من الانقلاب الحوثي على السلطة نفذت الميليشيات سلسلة دورات ومحاضرات تعبوية طائفية استهدفت من خلالها المئات من الطلاب صغار السن في مؤسسات ومركز ودور أيتام بالعاصمة صنعاء ومناطق أخرى تمهيدا لإلحاقهم في عدد من جبهات القتال الحوثية.
وبالعودة إلى سجل الميليشيات الملطخ بالجرائم والانتهاكات بحق الأيتام ومراكز الإيواء الخاصة بهم، فقد كشفت تقارير عدة عن سلسلة من الاعتداءات والممارسات التي طالت على مدى أربع سنوات من الانقلاب مراكز ودور أيتام في عدد من المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات.
وفي العشرين من يونيو (حزيران) من العام الحالي اقتحمت ميليشيات الحوثي دار الأطفال الأيتام في مديرية المراوعة شرق محافظة الحديدة وقامت بتحويلها إلى ثكنة عسكرية.
وقالت حينها مصادر في دار الأيتام، إن مسلحين حوثيين بقيادة أبو المجد ياسر المروني القادم من صعدة اقتحموا دار الأيتام. وأضافت المصادر أن «مدير عام المديرية المعين من الانقلاب أدهم ثوابة أبلغهم حينها أن قرار السطو على الدار صادر من زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي، ما دفعنا إلى إخلائها والمغادرة بالأطفال». وفق ما أوردت وسائل إعلام محلية.
وبحسب تحذيرات المصدر من أن أطفال الدار يواجهون مصيراً مجهولاً، إذ يبيتون في العراء بلا مأوى، فقد عمدت الميليشيات التي لم تكتف حينها باقتحام دار الإيواء، إلى تنفيذ حملة اعتقالات في أوساط الأطفال وأبناء المديرية لإجبارهم على التجنيد.
وفي أواخر يناير (كانون الثاني) من العام الماضي نهبت الميليشيات الحوثية مساعدات إنسانية لمنظمات إغاثية دولية، كانت موجودة في إحدى دور الأيتام بمحافظة المحويت شمال اليمن، عقب اقتحامها ونهب محتوياتها، وإفراغ مخازنها ونقلها على سياراتهم.
ووثقت مقاطع فيديو، نشرها مركز المحويت الإعلامي، لحظة اقتحام عدد من مسلحي الميليشيات لدار الأيتام في مديرية الطويلة بالمحويت، وإفراغهم محتوى المخازن ونقلها على سيارات تابعة لهم، وطرد المواطنين الذين كانوا ينتظرون تسلم المساعدات.
وأظهرت مقاطع الفيديو مسلحي الميليشيات وهم ينهبون المواد الغذائية المقدمة من منظمات إغاثة دولية. وأفاد حينها شهود عيان بأن الميليشيات نهبت 150 سلة غذائية تابعة لمنظمة الغذاء العالمي، كما اقتحموا سكن طلاب دار الأيتام وأخرجوهم بالقوة، ونهبوا 1500 بطانية و300 سرير، وما يوجد في المخازن.
وبحسب بيان سابق لمركز المحويت، فإن الميليشيات قدمت على متن 3 أطقم مسلحة، واقتحمت دار الأيتام ونهبت المواد الإغاثية والدار بزعامة المدعو أبو عبد الله، المشرف الأمني للحوثيين في مديرية الطويلة والمدعو سمير مهدي.
وأكد البيان أن الحوثيين أخرجوا طلاب دار الأيتام من مقرهم، ليتسنى لهم تحويلها إلى معسكر تدريبي ومقر لميليشياتهم.
وتفيد أرقام محلية بأن عدد الأيتام في اليمن يصل إلى المليون ونصف المليون يتيم، في حين يبلغ عدد الدور والمؤسسات التي تهتم برعاية وكفالة اليتيم 10 دور، سواء أكانت تتبني كفالات كاملة أم جزئية.
وطبقا للأرقام، يصل عدد الأيتام الذين تتبناهم الدور (سكن وتغذية ومعيشة وتعليم وصحة) إلى نحو 100 ألف يتيم، وأكبرها دار الأيتام في شارع تعز جنوب العاصمة صنعاء، ودار الرحمة الواقعة في حي بيت بوس.


مقالات ذات صلة

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية للتحشيد والتجنيد (إ.ب.أ)

حملات أمنية حوثية لمنع اليمنيين من الاحتفال بـ«ثورة 26 سبتمبر»

جماعة الحوثي تعيش رعباً حقيقياً؛ لأنها تعلم أن غالبية كبيرة من اليمنيين تنبذ أفكارها وطريقتها في الحكم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي أعلنت شركة ستارلينك بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن (سبأ)

«ستارلينك» تعلن بدء خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن

أعلنت شركة ستارلينك (المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك)، الأربعاء، بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن، ليصبح اليمن الدولة الأولى في الشرق الأوسط…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر قصف إسرائيلي سابق استهدف مستودعات الوقود (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تنفي عرض الاعتراف بحكومة الحوثيين مقابل وقف الهجمات

مسؤولون أميركيون تصريحات القيادي الحوثي محمد البخيتي بشأن عرض واشنطن الاعتراف بحكومة الحوثيين في صنعاء مقابل وقف الهجمات الحوثية، بأنها بعيدة عن الحقيقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي سفينة حربية تشارك في عملية «حارس الازدهار» بالبحر الأحمر (رويترز)

«أسبيدس» تعلن نجاح سحب «سونيون» إلى منطقة آمنة

قالت مصادر يمنية وغربية لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية قامت بعملية التنسيق مع كل الأطراف قبيل قطر السفينة «سونيون» التي استهدفها الحوثيون.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
TT

«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

بحثت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن تطورات غزة، الأربعاء، مع أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، دعم الجهود الرامية إلى تفعيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي يكفل تلبية حقوق الشعب بتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.

وترأس الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، الاجتماع الذي حضره الأعضاء: الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، ومحمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية الفلسطيني، وأيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، ووزراء الخارجية بدر عبد العاطي (مصر)، والدكتور عبد اللطيف الزياني (البحرين)، وهاكان فيدان (تركيا)، وريتنو مارسودي (إندونيسيا)، وأمينا جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ومنظمة التعاون الإسلامي حسين طه.

وناقش الاجتماع، الذي جاء على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، التطورات الخطيرة في غزة، ومواصلة الاحتلال الإسرائيلي التصعيد العسكري ضد المدنيين العُزل، حيث جدّدت اللجنة موقف الدول العربية والإسلامية الموحَّد الرافض للعدوان، ودعوتها لضرورة الوقف الفوري والتام لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين وفق القانون الدولي الإنساني.

الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش (الأمم المتحدة)

وبحث أعضاء اللجنة أهمية دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بوصفها ضرورة لا بديل عنها في جميع عمليات الاستجابة الإنسانية بغزة، مشددين على أهمية التصدي للحملات المُمنهجة التي تستهدف تقويض دورها، مع استمرار دعمها لضمان إيصال المساعدات الضرورية للمحتاجين.

وطالبوا بالتصدي لكل الانتهاكات الصارخة التي تُمارسها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وتزيد المأساة الإنسانية، وعرقلتها دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة، مؤكدين أهمية محاسبة إسرائيل على الانتهاكات المتواصلة في القطاع والضفة الغربية المحتلة، والتصدي لعمليات التهجير القسري التي يسعى الاحتلال لتنفيذها.

ونوّه الأعضاء بأهمية اتخاذ الخطوات الجادة والعاجلة لضمان تأمين الممرات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية الكافية والعاجلة لغزة، معبّرين عن رفضهم تقييد دخولها بشكلٍ سريع ومستدام وآمن، ومقدّرين جهود غوتيريش ومواقفه خلال الأزمة، خصوصاً فيما يتعلق بجهود حماية المدنيين، وتقديم المساعدات.

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش في نيويورك (الأمم المتحدة)

من جانب آخر، أكد الأمير فيصل بن فرحان أن صناعة السلام تتطلب الشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة، «فخلف كل تعطيل لمسارات السلام والتسويات السياسية، نجد بعض القيادات السياسية تُغلِّب مصالحها الشخصية واعتباراتها الحزبية على المصالح الجامعة والسلم الإقليمي والدولي، وهو ما انعكس بشكل واضح على كفاءة المنظمات الدولية، ومجلس الأمن على وجه الخصوص، في أداء مهامها».

جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن تحت عنوان «القيادة في السلام»، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال وزير الخارجية السعودي إن «الاجتماع يأتي في فترة تتصاعد فيها وتيرة الصراعات والأزمات، وتتضاعف التحديات والتهديدات المشتركة، وتتنامى أزمة الثقة في النظام الدولي متعدد الأطراف، وقدرته على تحقيق آمال الشعوب بمستقبل يسوده السلام والتنمية».

وشدد على أن «هذه الظروف تُحتِّم علينا تقييم حالة العمل الدولي متعدد الأطراف، وأسباب تراجعه عن حلّ الأزمات ومعالجة التحديات المشتركة»، متابعاً: «ولعلّ النظر الجاد في الإسراع بعملية إصلاح مجلس الأمن أصبح ضرورة مُلحّة أكثر من أي وقت مضى»، ومنوهاً بأن «استعادة الاحترام للمواثيق والأعراف الدولية تأتي عبر تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومحاسبة منتهكيه دون انتقائية».

وأوضح الأمير فيصل بن فرحان أن التحدي لا ينحصر في عجز منظومة السلم والأمن والمؤسسات الدولية عن الاستجابة للتحديات المشتركة، بل يتعداه ليشمل غياب «القيادة من أجل السلام»، مضيفاً: «للخروج من دائرة العنف والأزمات، يجب علينا تمكين القيادة الدولية المسؤولة، وإحباط محاولات تصدير المصالح السياسية الضيقة على حساب أمن الشعوب وتعايشها».

ولفت إلى أن «غياب التحرّك الدولي الجادّ لإيقاف التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر هو دليل قاطع على ما يعانيه النظام الدولي متعدد الأطراف من قصور وتضعضع في الإرادة السياسية الدولية».

وأبان وزير الخارجية السعودي أن بلاده تؤمن بأن السلام هو الأساس الذي يمهّد للتعاون والتنمية، وهو الحامي لديمومتهما، مؤكداً دعمها النظام الدولي متعدد الأطراف، وسعيها لتطويره وتمكين مقاصده، واستعادة الثقة بمؤسساته، والتزامها بتعزيز العمل الجماعي من أجل تحقيق الأمن والتنمية المشتركة.

وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن حول «القيادة في السلام» (واس)

إلى ذلك، شارك الأمير فيصل بن فرحان في الاجتماع الوزاري بشأن السودان، على هامش أعمال الجمعية العامة، الذي تناول المستجدات، وأهمية تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوداني.

كما شارك في الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي و«البينيولكس»، الذي استعرض فرص تعزيز التعاون بين الجانبين بمختلف المجالات، ومن بينها إمكانية زيادة التبادل التجاري، وتطوير العمل التنموي والاقتصادي. كما ناقش آخِر تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية؛ بما فيها حرب غزة، والجهود المبذولة بشأنها.

الأمير فيصل بن فرحان لدى مشاركته في الاجتماع الوزاري بشأن السودان (واس)

من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية السعودي، إن بلاده تؤمن بضرورة تعزيز آليات التشاور بين مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية، مثمّناً القرار التاريخي لسلوفينيا بالاعتراف بدولة فلسطين.

وشدّد خلال مشاركته في اجتماع ترويكا جامعة الدول العربية (السعودية، البحرين، العراق) مع الدول الأعضاء بمجلس الأمن، على دعم الرياض الكامل لجهود الوساطة التي تبذلها القاهرة والدوحة وواشنطن، ورفضها للإجراءات الإسرائيلية التي تعرقلها.

وجدّد الأمير فيصل بن فرحان دعم السعودية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وتقديرها للجهود التي تبذلها في قطاع غزة.

وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في اجتماع الترويكا العربية مع مجلس الأمن (واس)

وأكد على أهمية تكثيف التعاون والتنسيق بين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن والشركاء الدوليين من أجل إحراز تقدم ملموس بقضايا المنطقة، والمساهمة في تعزيز السلم والأمن الدوليين.

وشارك وزير الخارجية السعودي، في الفعالية السنوية لدعم أعمال (الأونروا)، حيث جرى بحث ضرورة توفير الدعم اللازم لها، لضمان استمرار تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين.