اشتية يتعهد بالعدالة لإسراء غريب... وتعزيز تشريعات الحماية

النيابة توجه الاتهام لـ3 من أسرتها بـ«الضرب المفضي إلى الموت»

فلسطينيات تظاهرن في رام الله احتجاجا على جرائم الشرف بحق النساء في أعقاب وفاة إسراء غريب (أ.ف.ب)
فلسطينيات تظاهرن في رام الله احتجاجا على جرائم الشرف بحق النساء في أعقاب وفاة إسراء غريب (أ.ف.ب)
TT

اشتية يتعهد بالعدالة لإسراء غريب... وتعزيز تشريعات الحماية

فلسطينيات تظاهرن في رام الله احتجاجا على جرائم الشرف بحق النساء في أعقاب وفاة إسراء غريب (أ.ف.ب)
فلسطينيات تظاهرن في رام الله احتجاجا على جرائم الشرف بحق النساء في أعقاب وفاة إسراء غريب (أ.ف.ب)

تعهد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، بتحقيق العدالة للفتاة إسراء غريب بعدما أعلنت النيابة العامة أنها قضت بسبب «الضرب المفضي للموت»، من قبل أشقائها وزوج شقيقتها، نافية روايات العائلة «المضللة».
وقال اشتية «لسنا قضاة، ومواقع التواصل الاجتماعي ليست محاكم، ونعد المرحومة إسراء غريب بالعدالة، وكذلك المتهمون بقضيتها».
وأضاف «التحقيقات بالجريمة تمت وتتم بكل مهنية ومسؤولية، كل دليل صغير أو كبير تمت دراسته ومتابعته. ولدى النيابة العامة ملفات زاخرة بالمعلومات ستسلم للمحكمة بعد استكمال التحقيق، وهي الجهة الوحيدة المخولة بمحاكمة الناس».
وأضاف: «هذه القضية بكل ما رافقها من ألم، ستكون درسا لنا بعدم السماح أن تتكرر مع أي ضحية أخرى، وهذا من خلال تعزيز منظومة تشريعات الحماية الأسرية، وتعزيز الوعي والثقافة المجتمعية حول ضرورة حماية أفراد الأسرة من العنف والإيذاء».
وكان النائب العام أكرم الخطيب، أعلن في مؤتمر صحافي، أمس، بأن النيابة وجهت لائحة اتهام لثلاثة موقوفين على خلفية القضية، بتهمة «الضرب المفضي إلى الموت». وهم (م.ص)، و(ب.غ)، و(أ.غ).
وقال الخطيب بأن التحقيق سيستمر في القضية للوصول إلى أي مشتركين آخرين بالجريمة بهدف تقديمهم للعدالة ومحاسبتهم.
ورفض الخطيب، ذكر أي تفاصيل بخصوص دوافع الجريمة، حفاظا على خصوصية الضحية وسلامة الإجراءات وسرية التحقيق، لكنه أكد بشكل قاطع أن الجريمة لم تكن على خلفية ما يسمى «جريمة شرف»، وذلك «إنصافا للضحية».
وقتلت غريب قبل أكثر من أسبوعين في ظروف غامضة ودفنت دون أي ضجيج، قبل أن يبدأ الرأي العام الفلسطيني بإثارة تساؤلات حول سبب وفاتها، ثم توالت الروايات حول تعرضها للعنف والتعذيب لتخرج العائلة نافية ومهددة كل من يتهمهم.
وقالت العائلة بأن ابنتهم سقطت من علو لكن صديقات إسراء وبعضا من عائلتها وأطباء، نفوا الرواية وشككوا بها قبل أن تخرج العائلة بقصة أخرى عجيبة حول تلبس الفتاة بالجن، وهو ما أدى إلى ردود فعل واسعة حولت القضية إلى قضية رأي عام فلسطيني وعربي.
وحصلت غريب على تعاطف غير مسبوق في العالم العربي كله، وأطلق نشطاء وصحافيون وفنانات في العالم العربي هاشتاغ #كلنا_إسراء_غريب. وتظاهرت نسوة في بيت لحم ورام الله عدة مرات.
وبعد أيام من الضغط المتواصل أوقفت النيابة العامة الفلسطينية 11 شخصا من أسرة وأقارب غريب، وتم الاعتقال بعد أن حضر النائب العام الفلسطيني إلى محافظة بيت لحم للاطلاع على سير التحقيقات. وقالت مصادر أمنية بأن النائب العام، أمر بتوقيف جميع أفراد عائلتها المشتبه بهم من أجل التحقيق. وشمل الاعتقال والد الفتاة وأشقاءها، بالإضافة إلى زوج شقيقتها وشقيقتها، واثنتين من قريباتها. والاتهامات التي وجهتها النيابة أمس انحصرت في 2 من أشقائها وزوج شقيقتها.
وقال النائب العام إن الأدلة التي توصلت إليها تحقيقات النيابة العامة أثبتت عدم صحة ادعاء سقوط المرحومة إسراء غريب من شرفة المنزل، وأن هذا الادعاء تم اختلاقه وتعميمه من خلال أحد المتهمين؛ (زوج شقيقتها) لتضليل التحقيق وحرفه عن مساره والهدف منه إخفاء ظروف الجريمة، ولتبرير الإصابات الجسدية التي تعرضت لها المرحومة نتيجة الضرب قبل دخولها للمستشفى.
وأضاف «أن إدخال المغدورة في المرة الأولى للمستشفى كان بسبب تعرضها لعنف أسري أدى إلى إصابات جسدية عديدة، لكنها لم تصرح بالأسباب الحقيقية لما تعرضت له، حيث أفادت للشرطة بأن هذه الإصابات نتيجة سقوطها دون ذكر أي اعتداء تعرضت له، الأمر الذي يفسر سماح شرطة حماية الأسرة بمغادرتها المستشفى».
وتابع «أن المغدورة تعرضت إلى سلسلة من الضغوطات النفسية والعنف الجسدي، وأُخضعت لأعمال شعوذة وأوهام من قبل بعض أفراد عائلتها، ما أدى لتفاقم حالتها النفسية وتدهور وضعها الصحي عبر مراحل زمنية متتابعة». وأعاد النائب العام التذكير بنتيجة تقرير الطب العدلي بأن سبب وفاة إسراء غريب، هو «قصور حاد في الجهاز التنفسي نتيجة تجمع الهواء في المنتصف، والأنسجة تحت الجلد في الصدر، كمضاعفات الإصابات المتعددة التي تعرضت لها المغدورة، والتي تنسجم مع ما تعرضت له من ضرب وتعذيب أدى لوفاتها، بما يشكل أركان وعناصر جريمة القتل».
وتابع قائلا: «وعليه، ومن خلال البيّنات والأدلة الثابتة بالملف، تم تلاوة الاتهام لثلاثة أشخاص وهم (م.ص)، و(ب.غ)، و(أ.غ) بتهمة القتل، خلافا لأحكام المادة 330 من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960 والمتعارف عليها بجريمة الضرب المفضي للموت، حيث تم إلقاء القبض عليهم واستجوابهم بالتهم المسندة إليهم وتوقيفهم، وستتم إحالة الملف إلى المحكمة لتتم محاكمتهم وفق الأصول والقانون بما يضمن محاكمة عادلة».
وتنص المادة 330 من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960 ساري المفعول في الأراضي الفلسطينية، على أنه «من ضرب أو جرح أحدا بأداة ليس من شأنها أن تفضي إلى الموت أو إعطاء مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلا قط، ولكن المعتدى عليه توفي متأثراً مما وقع عليه، عوقب الفاعل بالأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن خمس سنوات».
ورفض الخطيب توجيه الاتهامات للنيابة بوجود تباطؤ أو تأخير، مؤكدا أنه فور إبلاغ النيابة العامة بوصول جثة إلى مستشفى بيت جالا الحكومي بتاريخ 22-8-2019 توجه وكيل النيابة للمستشفى، وباشر بإجراء الكشف الظاهري وبسبب الإصابات الظاهرة على الجثة، ولوجود شبهات جنائية، قرر التحفظ على جثة المرحومة وإحالتها للطب الشرعي.
وأوضح الخطيب أن جزءا مهما من البيانات التي ارتكزت عليها النيابة كان مجموعة من البيانات المحذوفة عن أجهزة إلكترونية تخص المرحومة ومشتبهين وأفراد عائلتها، وتضمنت صورا وفيديوهات وتسجيلات صوتية لإسراء. وأضاف «تضمنت إجراءات النيابة العامة كذلك رصد وتحليل كل ما نشر على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من صور وتسجيلات ومقاطع فيديو».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.