شريان التهريب في لبنان يمتد من عكار إلى البقاع

«الدخان الأجنبي» يدخل عبر مرفأ طرطوس ويحرم الخزينة من ملايين الدولارات

TT

شريان التهريب في لبنان يمتد من عكار إلى البقاع

قال مصدر وزاري إن «الشريان الحيوي» للتهريب في لبنان يمتد من «وادي خالد» في عكار إلى منطقة البقاع، مروراً ببلدة القصر البقاعية، وإن البضائع المهربة تدخل إلى الأراضي اللبنانية عبر مرفأ طرطوس السوري، وإن هذا يؤدي إلى خفض واردات الدولة في الوقت الذي تلحظ فيه موازنة عام 2020 ضرورة زيادة الواردات لخفض العجز وخدمة الدين العام.
وكشف المصدر الوزاري المواكب للأجواء التي سادت الاجتماع الأمني - الوزاري الذي رأسه، أول من أمس، رئيس الحكومة سعد الحريري وخُصّص لمكافحة التهريب، عن أنه جرى التأكيد على ضرورة تفعيل دور القوى الأمنية بالتنسيق مع المديرية العامة للجمارك لإقفال المعابر غير الشرعية من جهة؛ ولملاحقة المهرّبين وتوقيفهم وإحالتهم إلى القضاء المختص؛ من جهة أخرى.
ولفت إلى أن المناطق الحدودية المتداخلة بين لبنان وسوريا وإن كانت تسهّل تهريب البضائع، فإن لدى الأجهزة الأمنية والجمركية القدرة على مكافحة كل أشكال التهريب التي تحرم الخزينة من موارد تقدّر سنوياً بمئات ملايين الدولارات.
وسأل المصدر الوزاري: «إذا كانت المعابر التي يسلكها المهرّبون لتهريب بضائعهم باتت معروفة، فلماذا لا يتم إقفالها فوراً؟!». وقال إن الاجتماع الوزاري - الأمني تطرّق إلى إمكانية التنسيق بين لبنان وسوريا لقطع الطريق على المهربين الذين يتمتعون بحماية سياسية وبات على من يحميهم أن يرفع الغطاء السياسي عنهم والتعاون مع الأجهزة المختصة لتوقيفهم ومقاضاتهم.
ورأى المصدر نفسه أنه جرى التطرق عرضاً إلى ضرورة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، وكذلك الأمر بالنسبة للتنسيق الأمني بين البلدين لمكافحة التهريب. وعدّ أن تهريب الخضراوات والفاكهة من سوريا إلى لبنان لا يؤثر على خفض الموارد المالية للدولة من خلال استيفاء الرسوم والضرائب عليها، وقال إن عمليات التهريب «الدسمة» التي تدرّ ملايين الدولارات على المافيات التي ترعاها وتؤمّن لها الحماية، «تكمن في تدفّق أطنان من الدخان الأجنبي والتنباك العجمي والمشروبات الروحية... وغيرها، إلى السوق اللبنانية».
وأكد المصدر أن تهريب الدخان الأجنبي أدى إلى خفض واردات الخزينة اللبنانية بنسبة عالية في ضوء تراجع بيعه تحت إشراف إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية، وقال إن الحاويات المحمّلة بالدخان الأجنبي تصل إلى لبنان عن طريق مرفأ طرطوس ويتم تهريب حمولتها إلى داخل لبنان. وكشف عن أن الحاوية التي تُستخدم لتهريب الدخان تتسع لأكثر من 16 طناً وتباع حمولتها في السوق اللبنانية، وهذا ما يحرم الخزينة نحو 500 ألف دولار يُفترض أن تستوفيها ضرائبَ ورسوماً من كل حاوية.
ونقل المصدر عن كبار المسؤولين في الجمارك أن تراجع عائدات الخزينة من الدخان الأجنبي بات ملحوظاً، «وهي الآن أقل مما كانت عليه قبل زيادة الضرائب على هذا النوع من السجائر الأجنبية، التي لجأت إليها الحكومة لتوفير تغطية مالية للتكلفة المترتبة على إقرار سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام».
وفي هذا السياق؛ سأل المصدر: «لماذا لا يتم ضبط كميات الدخان الأجنبي المهرّب، خصوصاً أن تهريبها من سوريا إلى لبنان يتم عبر المعابر غير الشرعية وأن من يرعى عملية التهريب سيضطر إلى سلوك الطرقات الشرعية؟!». وأضاف: «هناك مشكلة في عدم ضبط الدخان المهرّب؛ وكأن المعابر غير الشرعية باتت تمتد من المناطق الحدودية المتداخلة بين لبنان وسوريا إلى عمق الأراضي اللبنانية».
ورأى أن عدم ضبط الحاويات المحملة بالدخان الأجنبي «بات يشكل ثغرة برسم الأجهزة الأمنية التي يُفترض أن تبادر إلى رفع جاهزيتها في المراقبة والملاحقة من ناحية؛ وإلى وضع خطة متكاملة لمكافحة التهريب من ناحية ثانية».
واستغرب المصدر الوزاري أن «يقتصر ضبط عمليات التهريب بالجرم المشهود على الدجاج واللحوم والخضراوات والفواكه»، وسأل: «لماذا لا يتم ضبط البضائع التي تشكل مزاحمة للأسواق اللبنانية؟».
ودعا المصدر إلى ضرورة التنسيق بين بيروت وبكين لوضع آلية للبضائع المستوردة من الأسواق الصينية «وصولاً إلى وضع آلية من شأنها أن تحصر شحن البضائع إلى لبنان بالمرافئ اللبنانية، بدلاً من إعطاء الأولوية لمرفأ طرطوس لأنه يوفّر من الفاتورة المالية المترتبة على شحنها، إضافة إلى أنه يسهّل إيصالها إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية، من دون دفع الضرائب والرسوم المفروضة عليها». وسأل عن جدوى التنسيق اللبناني - السوري لمكافحة التهريب ما دام أن العام الماضي سجّل سرقة 300 سيارة من لبنان تم تهريبها إلى سوريا من دون أن يصار إلى إلقاء القبض على السارقين من قبل الأمن السوري وتسليمهم إلى القضاء اللبناني.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.