معرض الكتاب بدمشق يفتتح باجتثاث إنتاج المعارضين

افتتح أمس... والتهديد يطال الناشرين بالطرد للأبد

TT

معرض الكتاب بدمشق يفتتح باجتثاث إنتاج المعارضين

قبل افتتاح الدورة الحادية والثلاثين من «معرض مكتبة الأسد الدولي للكتاب» في دمشق، أمس، سبقه مؤتمر صحافي لوزير الثقافة بدمشق، محمد الأحمد، هدد فيها بسحب أي كتاب يمس النظام من المعرض، ومحاسبة دار النشر. واتهم الأحمد الكتاب والمؤلفين المعارضين للنظام الذين تم استبعاد أسمائهم ومؤلفاتهم من المعرض بـ«الطائفية وبالمساهمة في الحرب الإرهابية».
الوزير لم يكتفِ بانتقاد مَن هم خارج سوريا، بل لفت الانتباه إلى وجود كتّاب ما زلوا في الداخل «ومواقفهم ليست كما يشتهي النظام، إلا أنهم بقوا على أرض الوطن ونحن نقدر أعمالهم باحترام».
ونقل موقع وزارة الثقافة عن إياد مرشد مدير عام «مكتبة الأسد الوطنية»، قوله: «نرغب في هذه الدورة من المعرض أن نجعل للقارئ دوراً فاعلاً، من حيث إبلاغه إدارة المعرض عن أي محتوى يشعر بأنه يتضمن إساءة للمجتمع السوري وقيمه، وسنقوم بمحاسبته على الفور». واختير هذا العام الشاعر والفيلسوف أبو العلاء المعري الذي ستقام ندوة عن حياته ومؤلفاته إضافة لعرض بعض المخطوطات التي تحتفظ بها مكتبة الأسد حوله. وكانت الدورة الثلاثون من «معرض مكتبة الأسد» 2018، قد شهدت مصادرة دوريات أمنية وأخرى رقابية دينية العشرات من الكتب خلال المعرض، لاحتوائها على أسماء شخصيات معارضة للنظام، مثل نسخ القرآن الكريم التي تمت طباعتها قبل عام 2011، وورد فيها أسماء لجنة وزارة الأوقاف الموافقة على الطباعة، وبينها رجال دين أصبحوا معارضين، مثل الشيخ عبد الكريم راجح، فتم تمزيق الورقة الوارد فيها أسماء المعارضين، كما تمت مصادرة كتب الروائي ممدوح عزام، الذي لا يزال مقيماً في سوريا ويطبع كتبه فيها. أما الأكثر غرابة فهو استبعاد غالبية منشورات وزارة الثقافة السورية الصادرة قبل عام 2011 ليس فقط من المعرض، بل من منافذ البيع التابعة للوزارة، وتم التحفظ عليها في الأرشيف، أيضا بسبب أن مؤلفيها أو المشاركين بأي شكل في إنتاجها من الأسماء المعارضة للنظام.
في هذا العام حاولت وزارة الثقافة تدارك هذه الإجراءات لما أثارته من سخرية في الأوساط الثقافية، وقامت بتشكيل لجنة رقابية لمندوبي عدد من الوزرات مع الجهات الأمنية والوصائية، في حين كانت الرقابة سابقاً منوطة بلجنة معرض الكتاب التي تضم مندوبين من وزارة الإعلام. وضمت اللجنة العليا التي تنبثق عنها لجان الانتقاء، هذا العام، مندوبين من وزارة الثقافة والأوقاف والإعلام والمالية والمؤسسة العربية للإعلان ومكتب القيادة المركزية.
وبرر وزير ثقافة النظام السوري تشكيل هذه اللجنة بأن «العمل الثقافي له تفرعات كثيرة، فهنالك الكتب الدينية التي يكون رجال الدين أقدر على تقييمها، والكتب السياسية كذلك، وغيرها من الكتب التي تحمل محتويات متباينة، ويقع على عاتق اللجنة انتقاء المحتوى المناسب منها للقارئ». وتابع أنه «في حال تمّت ملاحظة أي خرق قد يمس بدولتنا أو مجتمعنا، سنقوم بسحب الكتاب ومحاسبة الدار التي نشرته، بحرمانها من المشاركة في المعرض ابتداء من دورته المقبلة».
كلام وزير الثقافة وتشديده على ما سمّاه «المحتوى المناسب» الذي تقرره اللجنة العليا، وأيضاً استبعاد المعارضين، تحت شعار المعرض «الكتاب بناء العقل»، لم يمنعه من القول إن معرض الكتاب تمتع بهامش «عريض من الحرية»، وأن هناك «كتباً فيها جرأة»، وهو ما اعتبر أنه «يشكل قوة للدولة التي ترحب بكل الأفكار والاتجاهات».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.