قصف عشوائي للحوثيين على «مناطق التماس» في الحديدة

غداة انخراطهم مع الحكومة في مركز عمليات لتثبيت وقف النار

السفينة الأممية أنتارتكتيك دريم التي تحتضن لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة (إ.ب.أ)
السفينة الأممية أنتارتكتيك دريم التي تحتضن لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة (إ.ب.أ)
TT

قصف عشوائي للحوثيين على «مناطق التماس» في الحديدة

السفينة الأممية أنتارتكتيك دريم التي تحتضن لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة (إ.ب.أ)
السفينة الأممية أنتارتكتيك دريم التي تحتضن لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة (إ.ب.أ)

بعد أقل من يوم على الخطوات الإيجابية التي سجلتها لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة، عادت الميليشيات لتصعيد عملياتها العسكرية في مناطق وقف إطلاق النار في المدينة مستهدفة عددا من المواقع العسكرية التابعة للجيش، ومؤسسات تتبع الحكومة اليمنية.
واستغلت الميليشيات الانقلابية، بحسب مسؤول يمني، الفترة الزمنية ما بين توقيع اتفاقية بين الجانبين ومتابعة لجنة المراقبة الأسبوع المقبل لما اتفق عليه ميدانيا، وقامت باستهداف منذ فجر يوم الأربعاء وحتى المساء، عدد من المواقع الرئيسية التي نص عليها الاتفاق الأخير، وشملت «قرية منظر (المطار)، وكيلو 16، وكيلو 8، وشارع الخمسين مستشفى 22 مايو (أيار)».
وقال وليد القديمي وكيل محافظة الحديدة لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات ما زالت حتى الآن تقوم باستهداف مواقع القوات المشتركة، والقرى المحررة من محافظة الحديدة، موضحا أن عملية الاستهداف شملت جميع المواقع التي جرى الاتفاق على وقف إطلاق النار فيها، لكونها مناطق تماس ما بين الجانب الانقلابي وقوات الجيش الوطني.
وتوقع القديمي أن تزيد الميليشيات الانقلابية عملياتها العسكرية في الأيام المقبلة، مستغلة عدم نزول لجان مراقبة وقف إطلاق النار، الأمر الذي سيتسبب في تهجير وإصابة المدنيين بشكل كبير ما لم تتدخل لجنة التنسيق لوقف هذه التجاوزات، التي وصفها بالاستفزاز المباشر لقوات الجيش اليمني الذي لن يقف عاجزا عن ردع الميليشيات.
إلى ذلك، أكد العميد ركن عبده عبد الله مجلي، المتحدث الرسمي للقوات المسلحة لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش الوطني يمتلك حق الرد في أي وقت وبحسب الطريقة التي يراها مناسبة لردع الميليشيات، مشددا على أن صبر الجيش لن يستمر طويلا على هذه الخروقات الجسيمة ولن يسمح لهذه الميليشيات بالزحف إلى مواقع الجيش الوطني.
وأضاف مجلي أن الميليشيات الانقلابية قامت بضرب متواصل بالمدفعية أمس على عدد من المواقع، منها «المنظر» كما استهدف عددا من المناطق السكنية في شرق الحديدة والدريهمي، كذلك مديرية التحيتا، فيما استمرت في زراعتها بشكل عشوائي وكبير للألغام في مواقع متفرقة، رغم توقيع الاتفاقية التي تجبر الطرفين على وقف الأعمال العسكرية في مناطق التماس.
وشدد على أهمية أن يلعب فريق التنسيق التابع للأمم المتحدة دورا لوقف هذه التجاوزات خاصة بعد التوقيع أول من أمس على جميع التفاصيل والتي تشمل إنشاء وتشغيل مركز العمليات المشتركة في مقر البعثة الأممية في الحديدة، والتي تضم ضباط ارتباط من الجانبين، كذلك إعادة الانتشار في المدينة، إضافة إلى إعادة انتشار فرق المراقبة في المواقع الأربعة للخطوط الأمامية للتأكد من وقف إطلاق النار، مطالبا بأن تمارس اللجان دورها في هذه المرحلة لوقف هذا الاستفزاز، في ظل تنامي الخروقات التي يرصدها الجيش يوميا في المدينة دون رقابة، وهذا سينتج عنه رد كبير من الجيش لوقف هذه الأعمال التي تنفذها الميليشيات ضد المدنيين.
من جهته، قال عبد الحفيظ الحطامي، الإعلامي والناشط الحقوقي في مدينة الحديدة، إن فشل الميليشيات في التقدم واستهداف مواقع القوات المشتركة، دفعها إلى استهداف الأحياء السكنية في مديرية التحيتا جنوب الحديدة بعد مضي 24 ساعة من انتهاء الاجتماع السادس للجنة إعادة التنسيق المعنية بملف الحديدة.
وفي مديرية الدريهمي، والحديث للحطامي، جددت الميليشيات استهدافها لمواقع القوّات المشتركة في منطقة الطور الواقعة جنوب المديرية، مستخدمة مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، فيما صدت القوات المشتركة المتمركزة شمال المديرية هجوما للميليشيات استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والقذائف المدفعية بشكل مكثف وعنيف.
وقال إن هناك حالة من الهلع بين سكان المدينة، بسبب الاستهداف العشوائي بالأسلحة الثقيلة، الأمر الذي قد يدفعهم للنزوح إلى خارج المديرية هربا من هذا القصف والعشوائي غير المبرر، خاصة أن هذه العمليات سبقها قصف ليلي عنيف على الأحياء السكنية المكتظة بالسكان في حيس.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.