حزب «القوات» يصر على المعارضة من داخل الحكومة

TT

حزب «القوات» يصر على المعارضة من داخل الحكومة

في الوقت الذي تتكاثر دعوات نواب ووزراء «التيار الوطني الحر» لحزب «القوات اللبنانية» لسحب وزرائه الـ4 من الحكومة ما دام هو يعترض على أدائها ويتحدث عن عدم إنتاجيتها، يبدو «القواتيون» مصرين على مواصلة العمل الحكومي لاعتبارهم أن المعارضة اليوم غير مجدية من الخارج من منطلق أن لا قوى وازنة تساندهم، كما أن ممارسة المعارضة من داخل مجلس الوزراء وبالتالي النجاح في عرقلة بعض المشاريع التي يعتبرونها «مشبوهة» بالتضامن مع فرقاء آخرين تجعل دورهم، على حد تعبيرهم، أكثر فعالية.
ورغم أن أداء «القوات» يزعج أكثر من فريق سياسي داخل الحكومة ومن بينهم تيار «المستقبل»، إلا أن «التيار الوطني الحر» يتولى وحيدا في هذه المرحلة انتقاد هذا الأداء وتوجيه الدعوات إلى استقالة وزراء «القوات». وقد وجّه عضو تكتل «لبنان القوي» النائب فريد البستاني دعوة صريحة لحزب «القوات» اعتبر فيها أن المطلوب أن يقتنع أنه آن أوان خروجه من الحكومة «لأنه يُسبب إنهاكها وإرباكها». وقال مصدر قيادي في «التيار الحر» لـ«الشرق الأوسط» إن «القواتيين يرغبون بالحفاظ على مغانم وتقديمات السلطة وبالوقت عينه على الشعبية التي تؤمنها المعارضة، وهذا أداء لا يمكن السكوت عنه لأنه يضر بالمصلحة العليا للبلد تحقيقا لمصلحة حزب معين».
وأدى موقف البستاني وغيره من نواب ووزراء «التيار» إلى سجال مع «القوات». وأكد النائب في تكتل «الجمهورية القوية» (القوات) عماد واكيم بقاء وزراء حزبه في الحكومة «للاستمرار بفضح الصفقات ومحاولة أحداث تأثير إيجابي من خلال عرقلة مشاريع نشتم منها رائحة فساد أو محاولة تمرير مشاريع أخرى للنهوض بالبلد كالمشروع الذي تقدمنا به لتحديد آلية للتعيينات في وظائف الفئة الأولى». وقال واكيم لـ«الشرق الأوسط»: «سبق أن مارسنا المعارضة من الخارج لكن تبين أننا لم نستطع إنجاز الكثير في هذا المجال، لذلك نحن نمارس حاليا المعارضة من الداخل ما يمكننا من تحقيق عمل أكثر وإن لم يكن على المستوى الذي نتمناه»، وأضاف «في المكان الذي نجد فيه فسادا نرفع الصوت ونحاول التصدي لما يتم التخطيط له، وهذا ما قمنا به بملف الكهرباء».
وأشار واكيم إلى أن حزبه يتفهم خلفيات دعوة «التيار الوطني الحر» «القوات» لسحب وزرائه من الحكومة، لافتا إلى أنه «يتوق لوضع يده على 4 وزارات إضافية والتخلص ممن لا يكف عن مضايقته من داخل مجلس الوزراء بإطار سعيه لتمرير مشاريعه». وشدد على أن «نجاح المعارضة من الخارج يستدعي وجود قوى أساسية وازنة إلى جانبنا لنضغط ونكون فاعلين، أما اليوم وما دام كل هذه القوى هي داخل مجلس الوزراء، فنحن باقون في الحكومة حتى إشعار آخر».
ويجلس حزب «الكتائب اللبنانية» وحيدا في صفوف المعارضة، بعدما سحب وزراءه من الحكومة التي كان يرأسها تمام سلام في العام 2016 اعتراضا على عدد من الملفات، وقاطع حكومة الرئيس سعد الحريري التي تشكلت بعد انتخاب الرئيس ميشال عون رفضا للتسوية الرئاسية كما حكومة الحريري الحالية بعدما عُرضت عليه المشاركة بوزير دولة واحد فرفض. أما حزب «القوات» فشارك في حكومتي الحريري لكنه تموضع في المعارضة في عهد حكومة سلام.
وأكد النائب في حزب «الكتائب» إلياس حنكش لـ«الشرق الأوسط» أن قرار البقاء في صفوف المعارضة تم عن وعي وقناعة وعلم منهم بأنهم سيدفعون الثمن من خلال محاصرة قوى السلطة لهم، لافتا إلى أن قرار سحب وزرائهم الـ3 من حكومة الرئيس سلام «كان سببه الرئيسي أننا اكتشفنا أننا غير قادرين على تحقيق أي شيء يُذكر ونحن أقلية في مجلس الوزراء».
وتحدث حنكش عن «ازدواجية في الدور الذي يلعبه حزب (القوات) حاليا. فلا هم مقتنعون بها ولا قواعدهم، خاصة أنهم يصابون بالنكسة تلو الأخرى». وأضاف: «لم يعودوا يحتملون البقاء في حكومة مماثلة ولا مغادرتها، لذلك وضعهم صعب. وكنا دعيناهم للانضمام إلى صفوف المعارضة أكثر من مرة، ونجدد هذه الدعوة وإن كنا نستبعد أن تلقى صداها لديهم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».