«برلمان بوتفليقة» يدعم خطة الجيش تنظيم الرئاسيات نهاية العام الحالي

TT

«برلمان بوتفليقة» يدعم خطة الجيش تنظيم الرئاسيات نهاية العام الحالي

أظهرت الأغلبية البرلمانية في الجزائر، الموالية للجيش، تسرعاً كبيراً في مناقشة مشروعين قانونيين، والمصادقة عليهما لتجهيزهما قبل الأحد المقبل، وهو التاريخ الذي حدده قائد الجيش الجنرال قايد صالح لاستدعاء الهيئة الانتخابية، تحسباً للرئاسيات المقبلة.
وأثنى نواب الأغلبية أمس على «المجاهد صالح»، بشكل أعاد إلى الأذهان مشاهد «تمجيد» الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة من طرف النواب أنفسهم.
وعرض وزير العدل بلقاسم زغماتي مشروع تعديل قانون الانتخابات، ومشروع قانون استحداث «سلطة وطنية لتنظيم الانتخابات»، أمس، بـ«المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، في غياب نواب المعارضة، لكن بحضور الأغلبية التي دعمت سياسات الرئيس السابق، وتدعم حالياً كل الخطوات التي يقوم بها الجيش على صعيد ترتيب شؤون السلطة.
وكشف وزير العدل أن مشروع قانون السلطة، الذي عرضه مجلس الوزراء على البرلمان، يستبعد المجلس الدستوري وموظفي الإدارة والولاة من تنظيم والإشراف ومراقبة الانتخابات. وقال خلال الجلسة العلنية لمناقشة مشروع القانون التمهيدي الخاص بالسّلطة المستقلة للانتخابات بالبرلمان، إن السلطة الوطنية المستقلة، التي يتم العمل على استحداثها في الجزائر، ستحل محل المجلس الدستوري، الذي كان يملك كامل الصلاحيات في تسيير الرئاسيات، إلى جانب وزارة الداخلية. مؤكداً أن قرارات السلطة الوطنية مستقلة، ويتعرّض من يعارضها لعقوبات صارمة تصل للحبس. كما أشار إلى أن «السلطات العمومية ملزمة بتقديم كل أنواع الدعم والمساندة التي تطلبها السلطة المستقلة، لتمكينها من القيام بمهامها ومسؤولياتها»، لافتاً إلى أن مشروع القانون يقترح أن يكون «إيداع التصريح بالترشح في ظرف 40 يوماً من استدعاء الهيئة الانتخابية، بدل 45 يوماً»، وأنه «تم إضافة الشّهادة الجامعية، أو ما يعادلها، للراغبين في الترشح للرئاسيات، وأن يودع التصريح بالترشح في الانتخابات الرّئاسية من قبل المعني شخصياً أمام السلطة بدل المجلس الدستوري».
وتتمثل صلاحيات «سلطة الانتخابات»، حسب النص القانوني الذي يستحدثها، في «تجسيد وتعميق الديمقراطية الدستورية، وترقية النظام الانتخابي المؤدي إلى التداول السلمي والديمقراطي على السلطة، وتولّيها تحضير الانتخابات وتنظيمها وإدارتها، والإشراف عليها ورقابتها». كما عهد إليها «ضمان شفافية ونزاهة الاقتراع خلال مراحل تحضيره وإجرائه».
واللافت أن المراجعة الدستورية التي تمت في 2016 جاءت بكيان سمي «هيئة الإشراف على الانتخابات»، وهي تتكون من 400 عضو. وقد بدأت عملها بمناسبة انتخابات البرلمان في 2017، غير أن الرئيس السابق حلّها قبيل استقالته في 2 أبريل (نيسان) الماضي.
ويقول خبراء في القانون إن إطلاق كيان إداري جديد لتسيير العملية الانتخابية، غير جائز قانوناً ما لم يتم تعديل الدستور لإلغاء «الهيئة». وفي هذا السياق، كتب أستاذ العلوم السياسية محمد هناد: «إن السلطة المستقلة للانتخابات ستجمع 3 هيئات في واحدة؛ الإشراف على العملية الانتخابية؛ والقيام مقام الإدارة في هذه العملية؛ والعمل كمجلس دستوري، ما دامت هي التي تستقبل ملفات المترشحين وتدرسها. ألا يتعدى ذلك طاقتها؟ ثم إنه من المفروض ألا يتم تقديم أي مشروع قانون أمام البرلمان أثناء الرئاسة بالنيابة (الرئيس الانتقالي). فكيف يمكن، إذاً، مواصلة التذرع بالدستور؟!». في إشارة إلى الحرص الذي تبديه قيادة الجيش على عدم البحث عن أي حل لأزمة الحكم خارج الدستور، بينما نصوص القوانين الجديدة تتعارض، حسبه، مع الدستور وتعد خروجاً عنه.
ويتضمن تعديل قانون الانتخابات عناصر بسيطة، لا تمس بجوهره، أهمها تخفيض سن الراغب في الترشح للرئاسة من 40 إلى 30 عاماً، وتخفيض عدد التواقيع الخاصة بالترشح من 60 ألف إلى 50 ألف توقيع.
وبات واضحاً أن الحكومة، صاحبة مشروع القانونين، تسعى للمصادقة عليهما دون مناقشتهما، ولا إعطاء فرصة لـ«اللجنة القانونية» البرلمانية لإبداء أي رأي فيهما، بعكس ما جرى مع كل مشروعات القوانين، التي عرضت على البرلمان في وقت سابق. وما يؤكد هذا التوجه، حسب مراقبين، أن البرلمان، الخاضع كلياً للجيش حالياً، سينظم جلسة لغرفته الثانية «مجلس الأمة»، غداً (الجمعة)، وهو يوم عطلة، للمصادقة على المشروعين.
والثابت أن «السلطة الفعلية»، كما تسميها الصحافة ويقصد بها الجيش، تضغط من أجل أن تجهز كل الترتيبات الخاصة بموعد تم تحديده مسبقاً، وهو تنظيم رئاسية قبل نهاية العام. وقد أعلن رئيس أركان الجيش في الثاني من الشهر الحالي، ومن ثكنة عسكرية جنوب البلاد، أنه «من الأجدر أن يتم استدعاء الهيئة الناخبة بتاريخ 15 سبتمبر (أيلول) الحالي، على أن يجرى الاستحقاق الرئاسي في الآجال المحددة قانوناً، وهي آجال معقولة ومقبولة تعكس مطلباً شعبياً ملحاً». علماً بأن «الآجال المحددة» هي 3 أشهر، تبدأ من تاريخ استدعاء الهيئة الناخبة، وبذلك ستكون الرئاسية يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إذا تمكن الجيش من تنظيمها.
وكان «المجلس الدستوري» قد ألغى رئاسية 4 يوليو (تموز) الماضي لعدم توفر مترشحين، وقد أسقط الحراك الشعبي رئاسية 18 أبريل الماضي، التي ترشح لها بوتفليقة للمرة الخامسة.
وأعلن نواب «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، أمس، ولاء شديداً عند عرض مشروعي القانونين. وأسدت البرلمانية فايزة حامة الشكر لـ«المجاهد قايد صالح الذي يحارب المرتشين، ويحمي المتظاهرين». فيما هاجم نواب السلطة المعارضة، ومشروعها إطلاق «مرحلة انتقالية» تسبق الرئاسية. ولاحظ صحافيون غطوا الحدث أن البرلمانيين، الذين أشادوا بصالح، هم أنفسهم الذين روّجوا لترشح بوتفليقة لولاية خامسة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.