ميركل لصندوق النقد الدولي: نقص أموال الاستثمار ليس مشكلة ألمانيا الاقتصادية

خبراء يتحدثون عن {ركود تقني} حال انخفاض الناتج المحلي

TT

ميركل لصندوق النقد الدولي: نقص أموال الاستثمار ليس مشكلة ألمانيا الاقتصادية

عارضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الدعوات المتزايدة في الداخل والخارج لدرء أزمة اقتصادية محتملة بزيادة الإنفاق العام، موضحة أن المشكلة ليست في نقص أموال الاستثمار.
ونقلت اليوم وكالة أنباء «بلومبرغ» عن ميركل قولها، أمس (الأربعاء)، خلال جلسة في البرلمان الألماني (بوندستاغ) لمناقشة الموازنة، إن هناك الآن مشروعات استثمارية كافية تحتاج إلى إسراع مسارها الحالي.
ويأتي خطاب ميركل عقب تصريحات لوزير المالية الألماني أولاف شولتس، الثلاثاء، التي تمسك فيها بمبدأ عدم إدخال ديون جديدة إلى الموازنة، مع تأكيده استعداد الحكومة الاتحادية جيداً للتعامل مع أزمة اقتصادية محتملة في ألمانيا.
وقالت ميركل: «... مع الاستثمارات، وقد أشار وزير المالية إلى ذلك. لا يتعلق الأمر حالياً بنقص المال... لدينا مئات الآلاف من المنازل التي بُنيت، ولدينا طرق وبنية تحتية رقمية. لذلك فإننا نحتاج أولاً التأكد من أن الأموال تُنفق».
وتتعرض ألمانيا لضغوط متزايدة لزيادة الإنفاق العام، في ظل احتمالات بمواجهة ركود في الربع الثالث من هذا العام. وجدّد صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع دعوته لزيادة الإنفاق، قائلاً إنه يجب على ألمانيا ألا تنتظر صدمة اقتصادية قبل البدء في تعزيز الاستثمار العام.
وبسبب الحروب التجارية الدولية والغموض الذي يكتنف عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وخفوت النشاط الاقتصادي، انكمش الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا في الربع الثاني من هذا العام بنسبة 0.1 في المائة، مقارنة بالربع الأول، الذي حقق فيه أقوى اقتصاد في أوروبا نمواً بلغ 0.4 في المائة. مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ومقارنة بالربع الأخير من العام 2018.
وتوقعت الحكومة الألمانية مؤخراً أن تحقق البلاد نمواً اقتصادياً على مدار العام 2019 بنسبة 0.5 في المائة. وبلغ النمو الاقتصادي لألمانيا العام الماضي 1.5 في المائة. وتوقع معهد كيل الألماني للاقتصاد العالمي (إي إف دابليو) انكماشاً أكثر وضوحاً للاقتصاد الألماني في الربع الثالث من هذا العام.
وأعلن المعهد، أمس (الأربعاء)، أنه من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 0.3 في المائة، مقارنة بالربع الثاني من هذا العام، الذي سجل انكماشاً بنسبة 0.1 في المائة.
ويتوقع المعهد أن يحقق أقوى اقتصاد في أوروبا نمواً هذا العام بنسبة 0.4 في المائة فقط. وكانت ألمانيا سجلت العام الماضي نمواً اقتصادياً بنسبة 1.5 في المائة.
ويتحدث خبراء الاقتصاد عن «ركود تقني» حال انخفض الناتج المحلي الإجمالي لربعين سنويين على التوالي، إلا أن الأمر في هذه الحالة يتعلق بركود خفيف للغاية. وقد يبدو الوضع مختلفاً تماماً إذا انكمش الناتج المحلي الإجمالي خلال عام واحد، مقارنة بالعام السابق له، وهو ما لا يتوقعه خبراء الاقتصاد حالياً. وكان آخر انكماش اقتصادي على مدار عام سجلته ألمانيا في العام 2009 في أعقاب الأزمة المالية العالمية.
كان المكتب الاتحادي للإحصاء في ألمانيا قد أعلن أن النزاعات التجارية العالمية تمثل عبئاً متزايداً على الصناعة الألمانية. وذكر الأسبوع الماضي، أن حجم الطلبيات في قطاع الصناعة تراجع مطلع النصف الثاني من العام الحالي على نحو أكثر مما كان يتخوف منه.
وأوضح المكتب أن حجم الطلبيات تراجع بنسبة 5.6 في المائة في يوليو (تموز) الماضي، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. وبذلك زادت سرعة معدل التراجع أيضاً مقارنة بيونيو (حزيران) الماضي، وكانت أقل كثيراً مما توقعه الخبراء.
وعلقت وزارة الاقتصاد الألمانية على ذلك، قائلة إن حجم الطلبيات الواردة مطلع الربع الثالث من العام الحالي كان ضعيفاً. وأضافت أنه ليست هناك إشارات إلى حدوث تحسن جوهري خلال الأشهر المقبلة في الاقتصاد الصناعي بسبب استمرار النزاعات التجارية العالمية وتراجع توقعات حجم الأعمال التجارية.



تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أظهر مسح حكومي، يوم الأربعاء، تدهور معنويات المستهلكين في اليابان خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ مما يثير الشكوك حول وجهة نظر البنك المركزي بأن الإنفاق الأسري القوي سيدعم الاقتصاد ويبرر رفع أسعار الفائدة.

وتسبق النتائج اجتماع السياسة النقدية لبنك «اليابان» يومي 23 و24 يناير (كانون الثاني)؛ حيث يتوقع بعض المحللين زيادة محتملة في أسعار الفائدة من 0.25 في المائة الحالية.

وانخفض مؤشر يقيس معنويات المستهلكين إلى 36.2 نقطة في ديسمبر، بانخفاض 0.2 نقطة عن الشهر السابق، وفقاً للمسح الذي أجراه مكتب مجلس الوزراء.

وأظهرت بيانات منفصلة أن فجوة الناتج في اليابان التي تقيس الفرق بين الناتج الفعلي والمحتمل للاقتصاد، ظلّت سلبية في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) للربع الثامن عشر على التوالي. وتعني فجوة الناتج السالبة أن الناتج الفعلي يعمل بأقل من الطاقة الكاملة للاقتصاد، ويُعدّ ذلك علامة على ضعف الطلب.

وتؤكد هذه النتائج ضعف الاقتصاد الياباني مع ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التي تؤثر في الاستهلاك والصادرات.

ومع ذلك، أشارت بعض الشركات الكبرى إلى عزمها الاستمرار في تقديم زيادات كبيرة في الأجور. وقالت شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية للملابس «يونيكلو»، إنها سترفع أجور العاملين بدوام كامل في المقر الرئيسي وموظفي المبيعات بنسبة تصل إلى 11 في المائة، بدءاً من مارس (آذار) المقبل.

وقال رئيس متجر «لوسون» للتجزئة، سادانوبو تاكيماسو، للصحافيين، يوم الثلاثاء: «نود رفع الأجور بشكل مستقر ومستدام».

وأنهى بنك «اليابان» برنامج تحفيز ضخم في مارس، ورفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو، على أساس الرأي القائل إن اليابان على وشك تحقيق هدف التضخم بنسبة 2 في المائة بشكل مستدام.

وأشار محافظ بنك «اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداده لمواصلة رفع أسعار الفائدة إذا استمرت اليابان في إحراز تقدم نحو الوصول إلى معدل تضخم بنسبة 2 في المائة بشكل دائم. وقال أيضاً إن البنك المركزي سوف يفحص البيانات حول ما إذا كان زخم الأجور سوف يتعزّز هذا العام، عند اتخاذ قرار بشأن موعد رفع أسعار الفائدة. ويصف بنك «اليابان» الاستهلاك حالياً بأنه «يتزايد بشكل معتدل بوصفه اتجاهاً»، ويتوقع أن يظل الاقتصاد الياباني على المسار الصحيح لتحقيق تعافٍ متواضع.

وعلى الرغم من المؤشرات السلبية، قال محافظ بنك «اليابان» السابق، هاروهيكو كورودا، المعروف بإطلاق برنامج التحفيز الضخم الذي استمرّ عشر سنوات، إن من المرجح أن يواصل البنك المركزي رفع أسعار الفائدة في السنوات المقبلة مع وصول التضخم إلى المسار الصحيح للوصول إلى هدفه البالغ 2 في المائة بشكل مستدام.

وقال كورودا، في ورقة بحثية قُدمت إلى المجلة السنوية لمجلس النواب التي صدرت في 24 ديسمبر الماضي، إنه على الرغم من رفع أسعار الفائدة المتوقع، فإن اقتصاد اليابان سيحقّق نمواً يتجاوز 1 في المائة هذا العام وما بعده مع دعم الأجور الحقيقية المتزايدة للاستهلاك.

وأضاف كورودا: «يبدو أنه لا يوجد تغيير في الموقف الأساسي لبنك اليابان المتمثل في رفع أسعار الفائدة تدريجياً مع التركيز على التطورات الاقتصادية والأسعار... هذا لأن دورة الأجور والتضخم الإيجابية مستمرة، وهو ما من المرجح أن يُبقي التضخم مستداماً ومستقراً عند هدفه البالغ 2 في المائة».

وتابع كورودا أنه من غير المؤكد إلى أي مدى سيرفع بنك «اليابان» أسعار الفائدة في نهاية المطاف بسبب صعوبة تقدير المستوى الذي لا يبرّد ولا يسخّن الاقتصاد الياباني. وأشار إلى أن تكاليف الاقتراض المرتفعة لن تُلحق الضرر بالشركات على الأرجح؛ لأنها تحتفظ بوفرة من النقد، في حين ستجني الأسر «مكاسب كبيرة» من ارتفاع الفائدة المدفوعة لمدخراتها الضخمة. وقال إن أكبر ضغط قد يقع على عاتق الحكومة بسبب التكلفة المتزايدة لتمويل الدين العام الضخم في اليابان، مضيفاً أن رصيد السندات الحكومية -عند 1100 تريليون ين (6.96 تريليون دولار)- أصبح الآن ثلاثة أمثال حجمه في عام 2000.

واستطرد كورودا قائلاً إنه إذا ارتفعت عائدات السندات إلى متوسط المستوى البالغ 2.7 في المائة الذي بلغته آنذاك، فإن مدفوعات الفائدة السنوية ستصل إلى 30 تريليون ين، داعياً إلى ضرورة ترتيب البيت المالي الياباني.

وفي ميزانية السنة المالية المقبلة، تخطّط الحكومة لإنفاق 10 تريليونات ين في مدفوعات الفائدة. في عهد كورودا، أطلق بنك «اليابان» خطة ضخمة لشراء الأصول في عام 2013 التي جمعت لاحقاً بين أسعار الفائدة السلبية والسيطرة على عائد السندات، في محاولة لرفع التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة.

وبينما أشاد المؤيدون بالخطوات اللازمة لإخراج اليابان من الركود الاقتصادي، يشير المنتقدون إلى آثار جانبية مختلفة، مثل الضربة التي لحقت بأرباح البنوك التجارية من انخفاض أسعار الفائدة لفترة طويلة والتشوّهات السوقية الناجمة عن عمليات شراء الأصول الضخمة.

ودافع كورودا عن السياسات، قائلاً إن الضرر الذي لحق بأرباح البنوك الإقليمية كان محدوداً. وأضاف أن تدهور وظيفة سوق السندات كان تكلفة ضرورية لإنعاش النمو بشكل كافٍ.