لماذا حطم معرض «كريستيان ديور... مصمم الأحلام» الرقم القياسي في عدد الزوار؟

جانب من المعرض يسلط الضوء على عهد جون غاليانو في الدار
جانب من المعرض يسلط الضوء على عهد جون غاليانو في الدار
TT

لماذا حطم معرض «كريستيان ديور... مصمم الأحلام» الرقم القياسي في عدد الزوار؟

جانب من المعرض يسلط الضوء على عهد جون غاليانو في الدار
جانب من المعرض يسلط الضوء على عهد جون غاليانو في الدار

حطّم معرض «كريستيان ديور... مصمم الأحلام» الذي يحتضنه متحف «فيكتوريا أند ألبرت» منذ شهر فبراير (شباط) الماضي، الرقم القياسي من حيث عدد الزوار. فقد فاق 594994 زائراً، متفوقاً على معرض «ألكسندر ماكوين... جمال متوحش»، الذي احتضنه المتحف في عام 2015. بأكثر من 100 ألف زائر.
ويعتبر المعرض الذي تم تمديده لمدة سبعة أسابيع لاستيعاب الطلبات بعد نفاد التذاكر في الأسابيع الأولى من افتتاحه، من أهم معارض الموضة، سواء من حيث التنظيم والإخراج، أو طريقة سرده تاريخ الدار من خلال تسلسل المصممين الذين توالوا عليها بعد وفاة مؤسسها، بدءاً من إيف سان لوران، الذي كان أصغر مصمم يتولى داراً كبيرة في ذلك الحين، إلى الإيطالية ماريا غراتزيا كيوري، التي كانت أول امرأة تدخلها بصفتها مديرة إبداعية. وكان كريستيان ديور قد حقق ثورة في عام 1947 بأسلوب جديد يعتمد على السخاء في الترف والرومانسية، أعطى المرأة خصراً ضامراً وتنورات مستديرة زادتها أنوثة، وهو الأسلوب نفسه الذي لا يزال يُلهم الكثير من المصممين الشباب إلى حد الآن؛ لأنه رغم توالي العقود وتغير الأذواق وتعاقب الأجيال، أكد أنه أسلوب لا يؤثر عليه الزمن.
ضم المعرض نحو 500 قطعة، منها 200 قطعة نادرة من الـ«هوت كوتور» إلى جانب إكسسوارات وعطور ومستحضرات تجميل. جدير بالذكر، أن المعرض لم يُسلط الضوء على مصممي الدار فحسب، بل أيضاً على المتعاونين معها من أمثال مصمم الأحذية روجيه فيفييه والعطار سيرج لوتان ومصمم القبعات ستيفن جونز، وغيرهم.
قبله كان المعرض الاستعادي الذي تم تكريسه للراحل ألكسندر ماكوين بعد فترة قليلة على انتحاره، أكثر معارض الموضة التي حققت نجاحاً باهراً، من حيث حجم الإقبال عليه. لم يجذب عشاق الموضة والمهتمين فحسب، بل أيضاً من ليست لهم أي اهتمامات أو إلمام بها. أندرو بولتون أمين متحف «الميتروبوليتان» بنيويورك شرح ذلك بقوله إن «ألكسندر ماكوين كان فناناً» بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مما جعل المعرض بمثابة قراءة في فن الموضة. نفس الشيء يمكن قوله على سبب نجاح معرض «كريستيان ديور: مصمم الأحلام»، بل وتفوقه عليه. الأسباب كثيرة، منها التنظيم المكثف والقصة الرومانسية التي نسجها مؤسس الدار كريستيان ديور بحبكة عالية في الأربعينات ولا تزال تأثيراتها سارية تُلهب الخيال وتؤجج الرغبة، من دون أن ننسى أن كل مصمم تسلم مقاليدها بعد وفاته، ضخ فيها الكثير من العصرية والإبداع مما جعلها مؤسسة فرنسية لا يستهان بها.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
TT

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

بوصفها أول مديرة إبداعية يجري تعيينها لقسم الأكسسوارات والسلع الجلدية في «بولغاري» للجواهر، لم يكن أمام المصمِّمة اليونانية الأصل، ماري كاترانتزو أي خيار سوى العودة إلى جذور الدار لتستوحي من تاريخها ما يزيد من وهجها وبريقها. لم تكن المهمة صعبة؛ نظراً لتاريخ يمتد على مدى قرون، ويحوي ما لا ينضب من الأفكار والأحجار الكريمة. بعد تفكير، وجدت أن حمامات كاراكالا، واحدة من عجائب روما السبع في العصور القديمة، وزهرة الكالا بشكلها العجيب، تُشَكِّلان نَبْعَيْنِ يمكن أن تنهل منهما، ومن هنا جاءت التسمية التي أطلقتها على المجموعة «كالا».

ماريا كاترانتزو وحقيبة مرصعة بالأحجار تجسد فسيفساء حمامات كاراكالا (بولغاري)

عندما أعلنت «بولغاري» في شهر أبريل (نيسان) الماضي التحاق ماري كاترانتزو، بها مديرةً فنيةً للمنتجات الجلدية والأكسسوارات، باركت أوساط الموضة والجواهر على حد سواء هذا القرار؛ فهذه خطوة ذكية من شأنها أن تَضُخَّ دماءً شابة بدار يبلغ عمرها أكثر من قرن. كان اسم ماري كاترانتزو وحده يكفي كي يثير فضول عشاق الجمال والإبداع؛ لأنهم يتوقعون منها إبداعات مهمة؛ كونها تتمتع بصيت طيب منذ تخرجها في معهد سانترال سانت مارتنز في عام 2008، لتصبح من بين أهم المصمِّمين الشباب المشاركين في أسبوع لندن. ومنذ سنوات قليلة، انتقلت للاستقرار في بلدها الأصلي، وتحديداً أثينا، لكن اسمها ظل محفوراً في أوساط الموضة، ومنقوشاً بطبعاتها الفنية الجريئة وتصاميمها الهندسية المثيرة.

المصممة ماري كاترانتزو مع المؤثرة الإيطالية أناديلا روسو (بولغاري)

بعد استقرارها في أثينا، بدأت سلسلة من الشراكات كانت دائماً تحقق النجاحِ؛ ففي عام 2019 قدمت عرضاً فخماً من خط الـ«هوت كوتور» في أثينا على خلفية معبد بوسيدون. في هذا العرض، تزيَّنت العارضات بجواهر من «بولغاري» عزَّزت فخامة الصورة من جهة، ودشَّنت علاقتها بالدار الرومانية من جهة ثانية. ربما يتساءل البعض عن كيف لدار متجذرة في التاريخ الروماني أن تتعاون مع مصممة يونانية، خصوصاً أن إيطاليا لا تفتقر إلى المواهب الشابة والمحترفة، ليأتي الجواب بسيطاً، وهو أن مؤسس الدار في الأصل يوناني، اسمه سوتيريو بولغاريس، كان ذلك منذ أكثر من قرنين من الزمن، لكن تغيَّرت فيه الأماكن وكذلك الاسم من «بولغاريس» إلى «بولغاري».

بالنسبة لدار تخصصت في الجواهر أولاً وأخيراً، فإن قرار تعيين مصمِّمة أزياء في منصب إبداعي، أمرٌ تكتيكي وذكي يستهدف ضخ دماء جديدة على قسم الأكسسوارات، وفي الوقت نفسه يريد استقطاب عميلات يعشقن أسلوب كاترانتزو، ولا يزال بداخلهن حنين للمساتها الفنية. تشير المصمِّمة إلى أن القرار لم يُتَّخذ بشكل سريع؛ فعلاقتها بالدار والمجموعة المالكة لها «إل في إم إتش» عمرها سنوات، بدأت بشكل تدريجي وعضوي بشراكات كثيرة، منها مشاركتها في عام 2021، في سلسلة الشراكات التي أطلقتها «بولغاري» تحت عنوان «سيربنتي بعيون...» وهي فعالية تستضيف فيها كل مرة مصمِّماً يضع بصماته الفنية على منتجها الأيقوني.

تقول ماري كاترانتزو إنها استلهمت من أرضية الحمامات وفسيفسائها المتعددة الألوان، شكل مروحة رصَّعتها في ورشات الدار بفلورنسا، باللؤلؤ والجمشت والزمرد والذهب؛ حيث أرادتها أن تحاكي قطعة جواهر بكل المقاييس، وهو ما كان. أمَّا من زهرة الكالا فاستلهمت شكلها النحتي المتعرج الذي يرمز للقوة والمرونة. وتشمل المجموعة حقائب «مينوديير» للسهرة، وأخرى جلدية لكل المناسبات، إلى جانب أوشحة حريرية. كانت التجربة ناجحة على المستويين التجاري والفني على حد سواء؛ فماريا تُدرك تماماً أن الاثنين وجهان لعملة واحدة، وهو ما أكده المصمِّم السعودي زياد البوعينين الذي تدرَّب في بداياته على يدها قائلاً في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» إن العمل معها عن قُرب كان فرصة ذهبية بالنسبة له، حيث «تعلمت منها الكثير من الأمور التي ساعدتني على فهم كيف تُدار أي دار أزياء أو شركة صغيرة من الداخل»، وتابع: «لم يكن العمل مع ماريا كاترانتزو ممتعاً من الناحية الفنية فحسب، بل فتح عيني على أمور كثيرة كانت غائبة عني بوصفي مصمماً شاباً يعتقد أن الابتكار في التصميم وحده يكفي».