رفيف الظل: هدهد يبحث عن مملكة

رفيف الظل: هدهد يبحث عن مملكة
TT

رفيف الظل: هدهد يبحث عن مملكة

رفيف الظل: هدهد يبحث عن مملكة

الرعشة تتسرب من شقوق أوردته وتسيل على قطن أضلعه،
فيشربها إلى أن تجف وإلى أن يثمل،
هكذا كل رعشة.
ثمة الغيمة الكثيفة الحزن،
الأكثر ضراوة من الجرح.
هل نحن في مقبرة أم نحن في مجزرة؟
في القرن الواحد والعشرين من الحضارة،
هل الغابة تذهب أم الكهف يأتي؟
الوحش المنقوش بالمسمار يعود إلى الحياة، وتكون وجهته حيث ينام الندى، وصهيل النار يبدأ.
فإن جاء لك الشخصان يسألانك، فقل لهما بلسان ذلق غير منزلق،
ليس في كل هذا عدل.
فأين من يخبره بهذا؟
العدل هدهد يبحث عن مملكة خلف سبأ، حيث البحار تغوي الظلمة، وتعاشر الأمواج في وضح الجفاف.
يا هدهد،
يا بريد،
امنحني طبيعة الطير.
من هناك؟
من كأنه يهتف بي؟
لا تخف،
اخرج شجنك من ظل اسمك،
واكتب على جذع الشجرة التي تليك بعضا من رائحة أجنحتك، وكثيرا من عطر موسيقاك.
ثم،
الشجرة ستأتيني بك.
- لدي من الموسيقى ما يطيش عن حجرة القلب،
غير أن المكان، غير أن الزمان، والحلم جغرافيا.
اقفز إلى أن تقهقه الحدود،
وتصفق البلاد للبلاد،
اقفز والتقط تفاحة الجاذبية، وكل منها رغدا حيث شئت، واطف فوق الأرض، لعلك تأتي لها بقبس يدفئ أوصالها.
قتلنا برد الأرض.
مثل سرب من أجنحة في هواء صديق، أجد نفسي في أرجوحة الحب، وهي تصف لي بيت الوطن كأنه دفء الطير العائد.
بهذا الشكل أرى هجرة المصادفات نحو فتوة المكان.
إنني في مهب الرجوع، ما أحلى الرجوع إليها.
ما أحوج الباب لمفاتيحي،
ما أحوج البحر لدمعة الحنين.
ومن يناديني من هناك إلى ضفة حانية.
باب الحوائج ومفتاحه،
بحر العلوم وبكاؤه،
قريب يجيب دعوة الداعي.
النهر واقف والهواء سكون،
كم مر من وقت الدهشة، وكيف اكتملت دائرة الطير في قفص الحرية؟
لا أعرف، لا أعرف،
لم أعد أعرف.
القفص أكثر رحمة من الحرية.
لكن، كيف يمكنني تفسير هذا؟
من غير نعليك، وقت خروجك للأبد.
لماذا تلتوي الطرقات وهي صراطك الأوحد؟ أأنت مفصول عن هذا العكاز؟ أيكون في بحر الحبر غرقك الأحمر؟ أم إن خطواتك تنسى؟
وإذا هاج موجك وانداحت أسارير من عرفوك رسولا لأحلامهم، هل تكون وصلت؟ وكيف كفك ستكون حين تصافح ما ودعته؟ وماذا ستفعل بالشراع في الشارع؟
اسحب،
اسحب النهاية من ذيلها،
وادخل في مطارها الأول.
مطار الطير أكثر جمالا من السفر وأقل حرية من الحلم.
تعالوا نصقل الريش له ونتعلم منه الحرية.
كلما كتبنا،
تحررنا.



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.