عشرات القتلى والجرحى بتدافع في كربلاء

قيادة العمليات عزت الحادث إلى {الزحام الشديد}... ونائب يتحدث عن {انهيار سرداب}

رجال يسعفون الجرحى وينقلوهم إلى المستشفيات في كربلاء امس (أ.ب)
رجال يسعفون الجرحى وينقلوهم إلى المستشفيات في كربلاء امس (أ.ب)
TT

عشرات القتلى والجرحى بتدافع في كربلاء

رجال يسعفون الجرحى وينقلوهم إلى المستشفيات في كربلاء امس (أ.ب)
رجال يسعفون الجرحى وينقلوهم إلى المستشفيات في كربلاء امس (أ.ب)

قُتل أكثر من 30 شخصاً، وجُرح أكثر من 100 آخرين، في حادث تدافع شهدته مدينة كربلاء العراقية، أمس، خلال مراسم عاشوراء، التي يحيي ملايين الشيعة فيها ذكرى الإمام الحسين بن علي.
وأعلن الناطق باسم وزارة الصحة العراقية، سيف البدر، حصيلة «غير نهائية» لحادث التدافع أحصت «مقتل 31 وإصابة 111 شخصاً، 10 منهم في حالة حرجة». وأكدت الهيئات الدينية الشيعية «وقوع إصابات بين الزائرين نتيجة التدافع»، لكنها نفت أن يكون الحادث نجم عن انهيار أرضي قرب الضريح.
وقال عضو مجلس النواب العراقي، أحمد الأسدي، الذي كان حاضراً في كربلاء، إن سيارات الإسعاف شوهدت تنقل المصابين إلى مستشفى قريب بعد انتهاء «ركضة طوريج»، وهي تقليد شائع تنطلق خلاله جموع الزائرين ركضاً من منطقة طوريج القريبة، وصولاً إلى الضريح. وذكر أن «السبب هو انهيار في سرداب الرجاء، رافقه تدافع، حيث إن الزوار يدخلون إلى الصحن من باب القبلة وباب الرجاء».
لكن معاون الدفاع المدني في كربلاء، اللواء محسن كاظم، نفى وقوع انهيار في السرداب وتسببه بحالات القتل والإصابات بين الزائرين. وقال في تصريحات إن «كثرة الزائرين والازدحام الشديد وحالات التدافع تسببت بالحادث الأليم».
ونفت قيادة عمليات كربلاء انهيار السرداب، وعزت الحادث إلى «التزاحم الشديد بين صفوف الزائرين». وتعددت الروايات بشأن حادث كربلاء؛ خصوصاً أن المدينة لم تشهد حوادث مماثلة في السنوات الماضية، رغم الأعداد الكبيرة للزائرين، إلا بحدود ضيقة جداً لا تثير الاهتمام، استناداً إلى مصادر مطلعة على مواسم الزيارات الدينية.
واتهم سياسي عراقي كان حاضراً في كربلاء «الخطة الفاشلة في تفويج الزائرين» بالتسبب في الحادث. وقال السياسي، الذي طلب عدم نشر اسمه: «كنت موجوداً هناك... التدافع حصل نتيجة خطة فاشلة للتفويج (جعل الزائرين أفواجاً لتسهيل مهمة المرور والزيارة) تفرض أن تلتقي فيها أكثر من موجة من أكثر من شارع معتمدين على سلاسل بشرية للتنظيم، وهذا غير ممكن في الزيارات الكبيرة».
وقال مصدر آخر إن «التوسعة التي حصلت في شارع باب القبلة ولدت ضغطاً هائلاً على باب الرجاء كون الداخلين تضاعف عددهم مقابل عدد الخارجين، والمفروض أن يتم امتصاص الزخم في شارع الجمهورية وليس في شارع باب القبلة».
من جهة أخرى، أعلنت دائرة صحة الرصافة في بغداد أنها استقبلت نحو 400 حالة إصابة ناجمة عن ممارسة عملية التطبير (ضرب هامة الرأس بسكين حاد). وقالت في بيان، أمس، إن «مستشفى الشيخ زايد استقبل 56 حالة، ومستشفى الإمام علي 115، والشهيد الصدر 135، واستقبل مستشفى الكندي 20 حالة، والزعفرانية 53. فيما لم يستقبل مستشفى المدائن سوى حالة واحدة، واكتفى مستشفى ضاري الفياض بـ6 حالات فقط».
وقال مصدر طبي لـ«الشرق الأوسط» إن «إجمالي الإصابات الخطرة الناجمة عن حالات التطبير يتجاوز هذا الرقم بكثير، إذا أخذنا بنظر الاعتبار الإصابات في بقية المحافظات». وغالباً ما تتعرض طقوس «التطبير» لانتقادات واسعة من قبل اتجاهات كثيرة داخل المكون الشيعي، لكن اتجاهات أخرى تسعى إلى تكريس هذه العادة وزيادة المنخرطين فيها كل عام.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم