الأردن: استئناف جولات حوار جديدة بين نقابة المعلمين والحكومة مع تواصل الإضراب

معلمو المدارس الحكومية في الأردن خلال مظاهرة مطالبة بزيادة الرواتب (أ.ف.ب)
معلمو المدارس الحكومية في الأردن خلال مظاهرة مطالبة بزيادة الرواتب (أ.ف.ب)
TT

الأردن: استئناف جولات حوار جديدة بين نقابة المعلمين والحكومة مع تواصل الإضراب

معلمو المدارس الحكومية في الأردن خلال مظاهرة مطالبة بزيادة الرواتب (أ.ف.ب)
معلمو المدارس الحكومية في الأردن خلال مظاهرة مطالبة بزيادة الرواتب (أ.ف.ب)

حتى وقت متأخر من مساء (الاثنين)، انتهت جولة ماراثونية جديدة من الحوار بين نقابة المعلمين ووزير التربية والتعليم الأردني وليد المعاني، بوساطة نيابية، دون التوصل لاتفاق، مع استمرار المعلمين في إضرابهم لليوم الثالث على التوالي، حسبما أعلن القائم بأعمال نقيب المعلمين ناصر النواصرة.
وجاءت جولة الحوار بعد حالة استعصاء استمرت منذ يوم الخميس الماضي، دفعت بها أيضاً تصريحات ملكية ألزمت الطرفين بالعودة إلى طاولة الحوار.
وعلى الرغم من إبداء طرفي الأزمة مرونة خلال جولة الحوار والخوض في تفصيلات العلاوة، لم تفلح الوساطة النيابية بتعليق الإضراب، والذهاب إلى جولة حوار أخرى لاحقة.
وكشف وزير التربية والتعليم المعاني، في تصريحات بعد الاجتماع لوسائل إعلام، عن طرح الحكومة مقترحات جديدة مختلفة، معتبراً أن جولة الحوار، وإن لم تخرج بنتائج، فهي إيجابية، وأضاف المعاني: «طرحنا خيارات بالدرجات، وهذه الجولة من الحوار أفضل من التي قبلها».
من جهته، قال رئيس لجنة التربية والتعليم النيابية إبراهيم البدور، عقب الاجتماع، إن هناك «تقارباً في وجهات النظر، و(التربية) عرضت علاوة على الدرجات وصلت أحياناً إلى 50 ‎ في المائة‎».
ولم تمضِ ساعات على تصريحات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حول وجوب الحفاظ على مصلحة الطلبة، والوصول لها من خلال الحوار المسؤول، حتى استجابت نقابة المعلمين عبر قبولها الحوار مع الحكومة من دون شروط مسبقة، فيما كانت قد أبدت تشدداً حوله، بإصرارها على مطلب علاوة الـ50 في المائة على رواتب المعلمين.
وأعلنت النقابة عبر الناطق الإعلامي باسمها، نور الدين نديم، عن استعدادها للحوار، وذلك في بيان ثمنت فيه الرسالة الملكية والاستعداد للجلوس على أي طاولة حوار حقيقية من دون شروط من دون قواعد سوى قواعدنا وثوابتنا الوطنية.
وفي البيان الذي حمل تغيراً واضحاً في موقف النقابة، أشار نديم إلى أن ميدان المعلمين محتقن بسبب المساس بهيبتهم وكرامتهم، مطالباً الحكومة بـ«تقديم الاعتذار للمعلمين لتهدئة الأجواء».
وبدأت المساعي النيابية منذ صباح الاثنين، بدعوة لرئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة نقيب المعلمين، لبحث سبل جلوس الأطراف على طاولة الحوار، موضحاً أنه لا يحمل أي وساطات بين طرفي الأزمة.
وأكد مصدر نيابي أن رئيس مجلس النواب طالب النواصرة بتغليب لغة الحوار، حيث أثبتت التجارب على اختلافها أن الحوار هو السبيل لحل مختلف التحديات.
وأضاف المصدر أن الطراونة أكد على أهمية ما جاء في تصريحات الملك عبد الله الثاني خلال لقائه مع شخصيات سياسية واقتصادية وإعلامية بأن يكون هدفنا دائماً الحفاظ على مصلحة الطلبة من خلال الحوار المسؤول، وهو هدف يتوجب أن يكون حاضراً لدى الجميع.
على أن المصدر أكد أن رئيس مجلس النواب لم يحمل أي دور وساطة بقدر ما كان يسعى إلى تقريب وجهات النظر، والتعامل مع الملف من جوانبه كافة، بخاصة المالية منها، حيث أوضح أن موازنة السنة المالية الحالية مُقرة، والمجلس تنتظره استحقاقات موازنة بعد أشهر.
ودفعت الحكومة، نقابة المعلمين، إلى واجهة التصعيد، بعد إغلاقها منطقة الدوار الرابع مكان إقامة الحكومة، ما تسبب في إغلاقات لطرق رئيسية وحيوية من العاصمة، واعتقال نحو 50 معلماً حاولوا تجاوز نقاط الغلق، وتم الإفراج عنهم لاحقاً من مساء الخميس الماضي.
وتتشدد الحكومة برفضها مطالب المعلمين المتمثلة بعلاوة على رواتبهم تقدر نسبتها بـ50 في المائة؜، وتبرر الحكومة رفضها بعدم توفر مخصصات مالية، في ظل استمرار عجز الموازنة للثلث الأخير من العام المالي الحالي، وارتباط إقرار مبدأ العلاوات المهنية بباقي النقابات التي بدأت تطالب هي الأخرى بالعلاوة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر رفيعة أن قراراً رسمياً قضى بعدم التعامل مع مطالب المعلمين بالعلاوة؛ خصوصاً أنها لجأت للإضراب واستخدام الطلبة كورقة ضغط، وهو ما يعني فتح باب المطالَب بشكل مستمر.
وتحولت أزمة نقابة المعلمين إلى تصعيد سياسي في الكواليس، بعد اتهام مؤسسات رسمية حزب «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، غير المرخصة في البلاد، باستحواذه على أغلبية مقاعد مجلس نقابة المعلمين، ما شكل تحدياً أمام المؤسسات الرسمية بعد أن مارس أعضاء من المجلس شكلاً من أشكال ازدواجية الأهداف النقابية بين السياسي والمهني في مطالبهم ولغة التصعيد المستخدمة في عمل النقابة، حسب مصادر تحدثت إليها «الشرق الأوسط».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.