نتنياهو يتّهم إيران بتدمير «موقع نووي» سرّي اكتشفته إسرائيل

نتنياهو خلال كلمة متلفزة يكشف فيها عن موقع «نووي سري» إيراني  بين مدينتي شيراز وأصفهان أمس (إ.ب.أ)
نتنياهو خلال كلمة متلفزة يكشف فيها عن موقع «نووي سري» إيراني بين مدينتي شيراز وأصفهان أمس (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو يتّهم إيران بتدمير «موقع نووي» سرّي اكتشفته إسرائيل

نتنياهو خلال كلمة متلفزة يكشف فيها عن موقع «نووي سري» إيراني  بين مدينتي شيراز وأصفهان أمس (إ.ب.أ)
نتنياهو خلال كلمة متلفزة يكشف فيها عن موقع «نووي سري» إيراني بين مدينتي شيراز وأصفهان أمس (إ.ب.أ)

اتّهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس إيران بامتلاك موقع لم يُكشَف عنه سابقاً لـ«تطوير أسلحة نووية في موقع سري»، مضيفاً أنها دمرته لاحقاً «بعد أن أدركت أن إسرائيل اكتشفته».
وقال نتنياهو إن الموقع الذي كانت إسرائيل قد تمكنت من الكشف عنه في السنة الماضية، بات معروفاً دولياً، إذ إن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية استجابت لطلبي وقامت بفحصه وعثرت هناك على إشعاعات نووية، وعملياً تحققت مما كشفناه. وأدركت أن المشروع النووي السري لإيران مستمر، وما فعلته الآن هو محاولة إخفاء المعالم».
وكشف نتنياهو عن موقع سري آخر ضمن المشروع النووي الإيراني، يشتمل على موقع لتطوير السلاح النووي في منطقة آباده في محافظة فارس وفي الحد الفاصل بين مدينتي شيراز وأصفهان. وعرض صوراً لهذا الموقع وكيف قام الإيرانيون بتدميره، إذ فهموا أننا قد كشفناه. وقال: «هكذا هم الإيرانيون، عندما تكشف إسرائيل نشاطهم المحظور، الذي يخرقون به الاتفاق النووي، يحاولون التغطية وطمس المعالم». وخاطب الإيرانيين قائلا: «أقول للطغاة في طهران إن إسرائيل تعلم ما تقومون به، وتعلم ما يجري في إيران، ومتى وأين. نحن نكشف أكاذيبكم، وأن إسرائيل مصممة على منع إيران من حيازة سلاح نووي»..
وعرض نتنياهو صورتين التقطتا بواسطة الأقمار الصناعية للموقع يعود تاريخ إحداهما إلى نهاية يونيو (حزيران)، والأخرى تظهر أن إيران دمرت الموقع في يوليو (تموز) «بعد أن علمت بأننا اكتشفناه».
ولم يقدم نتنياهو أدلة على اتهاماته لإيران بأنها تعمل على تطوير أسلحة نووية منذ اتفاق عام 2015 الذي أبرمته مع القوى الكبرى وانسحبت منه واشنطن العام الماضي.
وفي ختام كلمة متلفزة مساء أمس، دعا نتنياهو المجتمع الدولي مرة أخرى إلى «التيقظ»، وممارسة المزيد من الضغوطات على إيران لمنعها من حيازة سلاح نووي. وحث على التخلي عن الاتفاق كما فعل الرئيس دونالد ترمب.
وهذه هي المرة الأولى التي يحدد فيها نتنياهو الموقع، الذي قال إنه تم اكتشافه في مجموعة من الوثائق الإيرانية التي سبق أن حازتها إسرائيل وكشفت عنها العام الماضي.
ونقلت «رويترز» عن نتنياهو قوله: «أجرت إيران في هذا الموقع تجارب لتطوير أسلحة نووية».
وجاءت تصريحات نتنياهو بعد يوم من كشف «رويترز» أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية عثرت على آثار لليورانيوم في موقع كشف عنه نتنياهو في أبريل (نيسان) 2018 بجنوب طهران ولم تفسرها إيران بعد.
وجاءت تصريحات نتنياهو، الاثنين، قبيل الانتخابات المرتقبة في إسرائيل في 17 سبتمبر (أيلول) التي يواجه فيها حملة صعبة لإعادة انتخابه.
وقد عقب زعيم في المعارضة الإسرائيلية على اللقاء الصحافي «الدرامي» قائلاً إن «النشاط الإيراني خطير جدا، ولكن نتنياهو لم يأت بجديد. وهدفه من هذا التصريح الدرامي هو التغطية على فشله في تمرير قانون الكاميرات وتسخير الشؤون الأمنية الحساسة لخدمة أهدافه الانتخابية».
وعقبت وسائل الإعلام الإسرائيلية قائلة إن «نتنياهو في أحسن الأحوال يحاول تحذير الغرب من تصديق الإيرانيين ولفت نظر الرئيس دونالد ترمب إلى أن المطلوب الآن هو الضغط على إيران وليس إجراء لقاء مصالحة مع رئيسها. ولكن لا مجال لتجاهل حقيقة أن أهم محفز لنتنياهو هو أزمته الانتخابية».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».