استنفار إسرائيلي في السجون والضفة الغربية بعد وفاة أسير

غضب شعبي جراء الإهمال الطبي المتعمد والممارسة القمعية

جنازة رمزية أمام الصليب الأحمر في غزة أمس للأسير الفلسطيني بسام السايح  الذي توفي داخل السجن الإسرائيلي (أ.ف.ب)
جنازة رمزية أمام الصليب الأحمر في غزة أمس للأسير الفلسطيني بسام السايح الذي توفي داخل السجن الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

استنفار إسرائيلي في السجون والضفة الغربية بعد وفاة أسير

جنازة رمزية أمام الصليب الأحمر في غزة أمس للأسير الفلسطيني بسام السايح  الذي توفي داخل السجن الإسرائيلي (أ.ف.ب)
جنازة رمزية أمام الصليب الأحمر في غزة أمس للأسير الفلسطيني بسام السايح الذي توفي داخل السجن الإسرائيلي (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات الإسرائيلية عن حالة استنفار داخل سجونها وكذلك في شوارع الضفة الغربية، خوفاً من اندلاع موجة احتجاج على وفاة الأسير بسام السايح داخل سجنه الإسرائيلي. وفي المقابل، حذّر الفلسطينيون من سقوط مزيد من الشهداء بين الأسرى، بسبب الإهمال المقصود لأوضاعهم الصحية.
كانت الحركة الوطنية الأسيرة الفلسطينية قد أعلنت من جهتها حالة استنفار وغضب، وقالت إن الأسرى أعلنوا حالة الاستعداد لأي مواجهة قادمة، عقب الإعلان عن استشهاد الصحافي الأسير السايح، في مستشفى «أساف هروفيه» الإسرائيلي. وردت مصادر في القيادة العسكرية والأمنية بأن إدارة مصلحة السجون قد وضعت قواتها الخاصة على أهبة الاستعداد لقمع أي تمرد أو احتجاج داخل السجون، فيما أرسلت قوات معززة إلى الضفة الغربية للانضمام إلى عشرات ألوف الجنود المنتشرين في الشوارع وعلى مداخل المدن والبلدات الفلسطينية لمواجهة أي حراك جماهيري.
كانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في رام الله قد أعلنت أنه مع سقوط السايح صريعاً في أسره، وصل عدد شهداء الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إلى 221 شهيداً منذ عام 1967، من بينهم 65 أسيراً توفوا نتيجة لسياسة الإهمال الطبي. وأوضحت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، في بيان لها، أن «الأسرى شرعوا بالتكبير والطرق على الأبواب منذ لحظة سماعهم النبأ، وقاموا بإغلاق الأقسام كافة، وأبلغوا الإدارة أنهم لن يستلموا وجبات الطعام اليوم وغداً، معلنين حالة الحداد». وحمّل الأسرى إدارة معتقلات الاحتلال المسؤولية عن أي تداعيات قد تحدث عقب الجريمة التي نُفّذت بحق الأسير السايح. وعمّت حالة من الغضب المدن الفلسطينية عقب استشهاد السايح على الرغم من التحذيرات التي أطلقتها المنظمات الحقوقية خلال الفترة الماضية من استشهاد المزيد من الأسرى المرضى جراء سياسة الإهمال الطبي المتعمد، والممارسة القمعية من قبل إدارة مصلحة سجون الاحتلال.
وشارك العديد من الفلسطينيين في وقفات احتجاجية، أمس، تنديداً باستشهاد الأسير السايح. ورفع المشاركون لافتات تندد بوفاة السايح، محمِّلين الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية إعدامه والمؤسسات الدولية والحقوقية الشراكة في المسؤولية، لأن الفلسطينيين كانوا قد حذروا عدة مرات من خطر وفاته ولم يحركوا ساكناً لإنفاذه.
وأدانت وزيرة الصحة في الحكومة الفلسطينية مي الكيلة، جريمة الاحتلال الإسرائيلي بالمماطلة وإهمال علاج الأسير السايح، وأوضحت في بيان صدر عنها أن هذه الجريمة تسببت في إعدام الأسير السايح ببطء. وأوضحت أن الشهيد السايح كان يعاني من سرطان العظام منذ عام 2011، وفي عام 2013 أُصيب بسرطان الدم، وتفاقم وضعه بشكل ملحوظ نتيجة لظروف الاعتقال والتحقيق القاسية التي تعرض لها منذ عام 2015، وخلال هذه المدة أبقت إدارة معتقلات الاحتلال على احتجازه فيما يسمى معتقل «عيادة الرملة» الذي يطلق عليه الأسرى «المسلخ». وقالت إن «إعدام» الأسير السايح، وفي حال استمرار جريمة الإهمال الطبي بحق الأسرى، فإنه لن يكون الأخير، لافتةً إلى أن المعطيات الرسمية تشير إلى وجود نحو 700 أسير يعانون من أمراض مختلفة، منهم 160 أسيراً مصابون بأمراض مزمنة بحاجة إلى متابعة صحية حثيثة.
وطالبت الوزيرة، المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإنسانية، بكسر صمتها والعمل بجدية لحماية الأسرى خصوصاً المرضى منهم، وإجبار حكومة الاحتلال الإسرائيلي على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».