حملة «التصويت الذكي» تهز مواقع الحزب الحاكم في موسكو

أطلقها نافالني ونقلت الاحتجاجات من الشارع إلى صناديق الاقتراع

المعارض الروسي نافالني عقب تصويته في انتخابات موسكو المحلية أول من أمس (إ.ب.أ)
المعارض الروسي نافالني عقب تصويته في انتخابات موسكو المحلية أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

حملة «التصويت الذكي» تهز مواقع الحزب الحاكم في موسكو

المعارض الروسي نافالني عقب تصويته في انتخابات موسكو المحلية أول من أمس (إ.ب.أ)
المعارض الروسي نافالني عقب تصويته في انتخابات موسكو المحلية أول من أمس (إ.ب.أ)

تعرضت مواقع حزب «روسيا الموحدة» الحاكم إلى هزة كبيرة في انتخابات مجلس مدينة موسكو، التي جرت الأحد، بعدما فقد ثلث مقاعد المجلس لصالح أحزاب المعارضة المسجلة رسميا. وقادت حملة «التصويت الذكي» التي أطلقها المعارض أليكسي نافالني إلى نتيجة غير مسبوقة في الاستحقاقات الانتخابية في روسيا، ما أثار مخاوف من استخدام آليات مماثلة خلال الانتخابات على المستوى الفيدرالي في المستقبل، ووصفت أوساط روسية النتائج بأنها مؤشر إلى انتقال الاحتجاجات من الشارع إلى صناديق الاقتراع.
وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية النتائج الأولية لعمليات الاقتراع التي جرت في مختلف الأقاليم الروسية واشتملت على انتخابات لرؤساء الأقاليم والمجالس المحلية في عشرات المدن، فضلا عن انتخابات تكميلية لمجلس الدوما. ولم تحمل النتائج مفاجآت في غالبية المناطق التي شهدت استحقاقات انتخابية، ونجح رؤساء الأقاليم الحاليون المنضوون في حزب «روسيا الموحدة» الحاكم في المحافظة على مقاعدهم في غالبية المناطق، لكن المفاجأة جاءت من العاصمة موسكو التي جرى فيها اختيار أعضاء المجلس المحلي للمدينة، إذ حملت النتائج ضربة موجعة للحزب الحاكم، الذي فقد أكثر من ثلث مقاعد البرلمان المحلي، مسجلا أوسع تراجع منذ سنوات طويلة، في حين تمكّنت أحزاب المعارضة من التقدم على حساب مرشحي «روسيا الموحدة» لتسيطر على أقل بقليل من نصف مقاعد المجلس.
ووفقا للنتائج الأولية بعد انتهاء عمليات الفرز، فإن أحزاب المعارضة الرئيسية حصدت 19 مقعدا في مجلس مدينة موسكو من أصل 45 مقعدا، ما كسر بشكل كبير احتكار حزب السلطة «روسيا الموحدة» الذي كان يسيطر سابقا على 86 في المائة من المقاعد.
ودلت النتائج إلى التغيير الكبير في مزاج الناخبين، على الرغم من ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع، إذ بلغت نسبة الإقبال أقل بقليل من 22 في المائة، في مؤشر إلى عدم استجابة الناخبين إلى الدعوات الحثيثة التي أطلقتها السلطات للإقبال على الصناديق. وفي مقابل ضعف نسب الإقبال في العاصمة فإن لجنة الانتخابات المركزية أعلنت أن نسبة الإقبال العامة في البلاد على الصناديق بلغت نحو 41 في المائة، في إشارة إلى أنه تم احتساب المعدل الوسطي للإقبال بين الأقاليم. ووفقا للنتائج الأولية، فقد حصل حزب «روسيا الموحدة» الحاكم على 26 مقعدا (مقابل 38 في الانتخابات السابقة)، والحزب الشيوعي على 13 (مقابل 5)، وحزب «روسيا العادلة» على 3 مقاعد (مقابل 1)، فيما دخل حزب «يابلوكا» المعارض إلى المجلس بـ3 مقاعد ولم يكن نجح في الانتخابات السابقة في تجاوز عتبة الحسم للفوز بأي مقعد.
وأظهرت النتائج أن التصويت كان «انتقاميا» من الحزب الحاكم، وفقا لوصف قناة «دوجد» التلفزيونية المعارضة، التي قالت إنه «كان تصويتا احتجاجيا» خصوصا أن بعض رموز الحزب الحاكم تلقى ضربات قوية في دوائره الانتخابية. ففي إحدى الدوائر، فاز مرشح معارض طالب أليكسي نافالني بدعمه من خلال «التصويت الذكي»، على المرشح المؤيد للحكومة نائب رئيس الجامعة للصحة والسلامة فاليري كاسامارو. وهي الدائرة ذاتها التي رفضت لجنة الانتخابات في وقت سابق تسجيل ترشيح المعارض إيليا ياشين فيها، علما بأن ياشين أوقف في مراكز الاحتجاز خمس مرات متتالية منذ يونيو (حزيران) الماضي لـ«منعه من المشاركة في المظاهرات الاحتجاجية» التي شهدتها موسكو خلال الشهرين الماضيين.
واعترف كاسامارو فور ظهور النتائج الأولية بخسارته، وقال إن ما جرى في موسكو «حدث بتأثير التصويت الذكي، ولا يمكنني إنكاره. والشيء الآخر المهم هو أن التصويت الذكي ليس مرادفاً للتصويت الفعال». وفي دائرة أخرى أقصت الانتخابات رئيس فرع موسكو لحزب «روسيا الموحدة» الذي كان فاز في أربع دورات انتخابية سابقة.
وكانت حملة «التصويت الذكي» انطلقت بعد اتخاذ لجنة الانتخابات المركزية في يونيو (حزيران) الماضي قرارا بإقصاء 57 مرشحا من السباق على مقاعد برلمان العاصمة، بينهم 12 مرشحا مستقلا يمثلون المعارضة التي لا تحظى بتسجيل رسمي، وتقود تقليديا حملات الاحتجاج في الشارع. وأطلقت المعارضة بعد ذلك مباشرة، حملة احتجاجية واسعة، وشهدت ميادين موسكو مظاهرات كل يوم سبت خلال الشهور الماضية. وبالتوازي قررت المعارضة التي يقودها نافالني إطلاق حملة «التصويت الذكي» لتعويض غياب كل ممثليها عن المنافسة. وأنشأت لذلك موقعا إلكترونيا شهد رواجا واسعا، تم رفع لوائح المرشحين عليه، مع دعوة الناخبين إلى التصويت لأشخاص محددين في كل دائرة من أحزاب المعارضة القريبة من السلطة، بهدف ضمان عدم تفرق أصوات الناخبين بين المرشحين الآخرين، وضمان خسارة مرشح حزب السلطة بهذه الطريقة. وأدى التجاوب مع هذه الحملة إلى تغيير واسع في خريطة نفوذ الأحزاب الفائزة، وبرغم أن المعارضة بهذه الطريقة دعمت أحزابا أخرى بسبب غياب مرشحيها المستقلين لكنها أظهرت قوتها وقدرتها على التأثير في الشارع، ما يعني أنه «قد يحسب لها حساب مختلف في الانتخابات المقبلة على المستوى الفيدرالي» وفقا لتحليل خبراء على موقع «نيوز رو» الإخباري، الذي أشار إلى «بروفة لانتخابات مجلس الدوما في العام 2021».
وبرز ما يشبه «الاحتفال بالنصر» لدى مواقع المعارضة، إذ وجه المعارض أليكسي نافالني على موقعه الإلكتروني «رسالة تهنئة» إلى الروس، ووصف النتائج بأنها شكلت «التجربة الأولى لعمل جماعي معقد ومنظم، ليس فقط من طرف ناشطين، بل ومن طرف الناخبين أنفسهم، وهذا هو الأهم».
وفي أول رد فعل من السلطات، وصف عمدة موسكو سيرغي سوبيانين الانتخابات في مدينة موسكو بأنها «الأكثر عاطفية وتنافسية في التاريخ الحديث». وقال: «كانت المشاعر جادة. ونتيجة لذلك، بالإضافة إلى القفزة القوية من الشيوعيين، ظهرت مجموعة من الأحزاب مثل (يابلوكا) و(روسيا العادلة) في البرلمان. وأصبح مجلس الدوما أكثر تنوعاً من الناحية السياسية، وهو ما آمل أن يفيد برلمان المدينة عموماً».
إلى ذلك، عبرت مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عن القلق إزاء العملية الواسعة للشرطة الروسية ضد متظاهرين خلال حملة الانتخابات، ودعت إلى إجراء تحقيق في اتهامات للشرطة باستخدام قوة مفرطة.
وقالت ميشيل باشليه في اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف: «أؤيد الدعوات إلى إجراء تحقيقات في اتهامات باستخدام الشرطة قوة مفرطة». وكانت مصادر المعلنة أعلنت أن نحو 2700 شخص تم توقيفهم لفترات متفاوتة خلال الاحتجاجات التي شهدتها موسكو في الشهرين الأخيرين، بينهم كل رموز المعارضة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».