الخدمات في عدن تدخل على خط المواجهة بين الشرعية و«الانتقالي»

اتهامات متبادلة ومخاوف في أوساط السكان من توقف وشيك

TT

الخدمات في عدن تدخل على خط المواجهة بين الشرعية و«الانتقالي»

ألقى الصراع المسلح الذي شهدته مدينة عدن منذ أكثر من شهر بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي بتبعاته على قطاع الخدمات العامة في العاصمة المؤقتة، مهدداً بتوقف الخدمات بشكل كلي وسط تبادل للاتهامات بين الطرفين عمن يتحمل المسؤولية.
وفي وقت أكد سكان لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق توقف الكهرباء في محافظة لحج (شمال عدن) كليا، أفادوا بأن الخدمة مهددة بالتوقف في مدينة عدن كليا بعد أن وصلت مدة الانقطاعات في اليوم إلى أكثر من 12 ساعة.
وفيما أكد السكان أن كافة الإدارات الحكومية في أغلب مديريات عدن متوقفة عن العمل إلى جانب توقف نشاط السلطة المحلية المتمثلة في المحافظ ووكلائه، أفادوا بأن الكثير من أحياء عدن باتت تعاني من توقف إمدادات المياه.
ويقول المسؤولون المحليون في قطاع الكهرباء والمياه إن الأمر لم يعد بأيديهم بسبب شحة الوقود الخاص بتشغيل المحطات، داعين في الوقت نفسه إلى تجنيب قطاع الخدمات الصراع القائم بين الحكومة الشرعية التي أرغمت على مغادرة المدينة وبين «الانتقالي».
وعلى وقع الاتهامات المتبادلة بين الفريقين، نفى مصدر حكومي في بيان رسمي «الاتهامات والشائعات المتداولة عن رفض الحكومة توفير المشتقات النفطية لمحطات الكهرباء» وقال إن ذلك «أمر عارٍ عن الصحة».
وذكر المصادر في البيان الذي بثته وكالة «سبأ» أن وزارة الكهرباء وبتوجيهات من رئيس مجلس الوزراء الدكتور معين عبد الملك حرصت ولا تزال على عدم تحويل الخدمات الأساسية للمواطنين كمسؤولية وواجب وطني إلى ورقة للمزايدات السياسية.
وأشار المصدر إلى أن التطورات الأخيرة في العاصمة المؤقتة عدن «أوجدت حالة من عدم الثقة لدى موردي المشتقات النفطية لتزويد محطات الكهرباء باحتياجاتها من الوقود، حيث امتنعوا عن الاستمرار في تقديم خدماتهم، مشترطين أن يكون الدفع فورياً على خلاف ما كان سابقا من تقديم تسهيلات لمدة 180 يوما للسداد».
وقال المصدر إن «الحكومة كانت قد نجحت في تطوير آليات مستدامة ومعالجات مهمة أحدثت تحسناً ملحوظاً في خدمة الكهرباء بالعاصمة المؤقتة عدن وعدد من المحافظات المحررة، ولمس المواطنون نتائجها بشكل كبير وساهمت في تخفيف حدة الانقطاعات إلى أدنى مستوياتها بحسب الموارد المتاحة».
وألقى المصدر الحكومي باللائمة على ما وصفه بـ«التطورات الأخيرة وما نجم عنها من تمرد مسلح نفذته ميليشيات ما يسمى المجلس الانتقالي» بحسب تعبيره، وقال إن ذلك «عطل الجهود الحكومية بسبب التدخل في عمل مؤسسات الدولة وهو ما أحدث تدهورا كبيرا في مستوى الخدمات بما فيها خدمة الكهرباء».
وأشار المصدر، إلى أن الحكومة عملت بجهد استثنائي على استمرار تحسين خدمة الكهرباء ونجحت في ذلك حتى بعد انتهاء الدفعة الأولى من منحة المشتقات النفطية السعودية لقطاع الكهرباء في فبراير (شباط) الماضي.
وذكر أن الحكومة قامت بدفع أكثر من 160 مليون دولار منذ فبراير لضمان عمل محطات الكهرباء، كما رصدت خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أغسطس (آب) أكثر من 34 مليون دولار لتعزيز مشاريع الكهرباء إضافة لقيمة دفعات الطاقة المشتراة في مختلف المحافظات.
من جهتهم، كان قادة في المجلس الانتقالي الجنوبي، اتهموا الحكومة الشرعية بالتسبب في تعطيل الخدمات وعدم توفير الوقود اللازم لاستمرار عمل المحطات.
وفي السياق نفسه، قال المتحدث باسم «الانتقالي» نزار هيثم في بيان أمس إنه «يطمئن السكان في العاصمة عدن والمحافظات المجاورة بأن أوضاع الكهرباء في طريقها للاستقرار».
واتهم هيثم الحكومة بـ«التنصل بشكل متعمد عن أداء واجباتها نحو شعب الجنوب وانكشاف حقيقة تواطؤ بعض وزرائها بمخططات الفوضى والتخريب، وعرقلة جهود تطبيع الحياة فيما يخص توفير الخدمات الأساسية وخاصة وقود محطات توليد الكهرباء وتوفير المشتقات النفطية للمركبات واحتياجات الوقود لمؤسسة المياه والكثير من الخدمات الأخرى» بحسب تعبيره.
وقال إن «كل الإيرادات في المناطق الجنوبية تذهب بأكملها لحسابات الحكومة اليمنية لدى البنك المركزي في عدن ويتم صرفها بأوامر حكومية إما لتمرير صفقات الفساد وإما لتوزيعها على مناطق الشمال...».
وأوضح أن قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، وبتوجيهات مباشرة من زعيمه عيدروس الزُبيدي «يتحركون وبصورة حثيثة لتوفير الخدمات المجتمعية، حيث تم تكليف كل من الدكتور عبد الناصر الوالي عضو هيئة رئاسة المجلس رئيس القيادة المحلية بالعاصمة عدن، والدكتور عبد السلام حميد مستشار رئيس المجلس للشؤون الاقتصادية وقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي الموجودين في عدن بالتفاوض مع التجّار الموردين للمشتقات النفطية».
وأكد أن التفاوض أسفر عن الحصول على كميات إضافية من الديزل التجاري من قبل أحد تجار محافظة حضرموت، لتأمين الوقود لمحطات الكهرباء خلال الفترة القادمة، إلى حين وصول الكميات المخصصة لها.
ويخشى السكان في عدن أن يستمر الصراع بين «الانتقالي» والشرعية إلى أمد أطول وهو من شأنه أن يؤثر على كافة الخدمات، في الوقت الذي لا يعرف فيه الموظفون الحكوميون في المناطق المحررة ما هو مصير رواتبهم التي كانت تصرف بشكل شهري.
وكان «الانتقالي» قاد الشهر الماضي تحركات مسلحة أدت إلى سيطرته على المعسكرات التابعة للحكومة الشرعية ومقراتها في عدن، قبل أن يتقدم باتجاه أبين وشبوة.
وتبذل السعودية جهودا حثيثة من أجل احتواء التوتر بخاصة بعد البيان الداعي إلى الحوار الفوري في جدة بين الطرفين لإنهاء الخلاف وضمان عدم تكرر الأعمال العسكرية وتوحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.