الجزائر: مؤشرات على انفراجة في «أزمة الراية الأمازيغية»

TT

الجزائر: مؤشرات على انفراجة في «أزمة الراية الأمازيغية»

بينما احتجت منظمة «هيومان رايتس ووتش» على استمرار سجن نشطاء الحراك في الجزائر، في قضية ما يسمى «رفع راية الأمازيغ خلال المظاهرات»، أمرت محكمتان، أمس، بالإفراج عن اثنين منهم لعدم ثبوت تهمة «تهديد الوحدة الوطنية» ضدهم.
وشهدت محكمة باتنة (400 كيلومتر شرق العاصمة)، أمس، مظاهرة مع بداية مساءلة الناشط الأمازيغي ماسيل جاهر أمام النيابة، حيث أفرج عنه وكيل الجمهورية لدى المحكمة بعد ساعة من استجوابه. واعتقل ماسيل نهاية الشهر الماضي أثناء مظاهرة للمطالبة بتغيير النظام.
وفي مستغانم (300 كيلومتر غرب الجزائر) نظم ناشطون مظاهرة أمام المحكمة المحلية احتجاجاً على محاكمة حكيم عيسى المعتقل منذ 5 يوليو (تموز) الماضي. ونطق القاضي بالبراءة في حق الناشط الذي تابعته النيابة في قضية رفع الراية الأمازيغية.
وقال قياديون من «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، لـ«الشرق الأوسط»، إن حكيم وماسيل «استعادا حريتهما بفضل التعبئة الشعبية المستمرة لفائدتهما». وعدّوا قرارات القضاء «بمثابة مؤشرات إيجابية تطلقها السلطة للمرّة الأولى منذ بداية الحراك» الذي يقترب من شهره السابع.
ولفت الحقوقيون إلى وجود عشرات الأشخاص في سجن العاصمة، يواجهون التهمة نفسها ويرفض القضاة إطلاق سراحهم.
وأكد محامون أنه لا أثر في القانون الجنائي لتهمة مرتبطة بحمل راية أخرى غير العلم الوطني، مما يسقط من وجهة نظرهم الصفة القانونية عن التهم الموجهة للناشطين.
وتزامن إطلاق الناشطين مع صدور تقرير من «هيومان رايتس ووتش» تناول تعامل السلطات مع المظاهرات. ومما جاء فيه أن «التلويح براية لمجتمع عرقي هو تعبير سلمي يحميه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صادقت عليه الجزائر في 1989، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب».
وأشار التقرير في موضوع الراية الأمازيغية، إلى خطاب لرئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح في بشّار (غرب الجزائر) في 19 يونيو (حزيران) الماضي، ذكر فيه أن «للجزائر راية واحدة تمثل سيادة الدولة الجزائرية، واستقلالها ووحدتها الترابية... تم إصدار أوامر صارمة لقوات الأمن من أجل تطبيق صارم للقوانين سارية المفعول، والتصدي لكل من يحاول المساس بمشاعر الجزائريين في هذا المجال الحساس».
وأضاف التقرير: «لم يحدد قايد صالح ما القوانين سارية المفعول، التي كان يشير إليها. وبعد يومين من كلمته، بدأت قوات الأمن في اعتقال من يرفعون الرايات الأمازيغية في مختلف أنحاء البلاد».
إلى ذلك، شددت أحزاب «البديل الديمقراطي»، (معارضة)، خلال اجتماع بالعاصمة أمس، على «إطلاق مسار تأسيسي» يمهّد، بحسب قادتها، لانتخابات رئاسية. ويقوم هذا المشروع على إحداث تغيير عميق للدستور، قبل التوجه إلى الانتخابات، بعكس توجه السلطة حالياً التي جهّزت مشروعاً لتعديل الانتخابات وآخر لاستحداث «سلطة مستقلة لمراقبة الانتخابات»، تحسباً لإجراء انتخابات رئاسية بنهاية العام، طبقاً لما دعا إليه قائد الجيش قايد صالح الذي شدد على ضرورة استدعاء الهيئة الناخبة بحلول يوم 15 سبتمبر (أيلول) الحالي.
ويتكون «البديل» من أحزاب تنتمي إلى التيارين الديمقراطي واليساري، ومنعته الحكومة من عقد اجتماعه في فضاء عام. وقال محسن بلعباس رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، في كلمة مع بداية الاجتماع الذي جرى بمقر حزبه: «ينبغي لبلادنا أن يكون لها دستور جديد؛ دستور يوضح معالم تنظيم الدولة؛ دستور يؤسس لنظام سياسي قائم على التعددية الحزبية، وتوسيع نطاق الحريات وحقوق الإنسان، واستقلالية وتوازن السلطات التأسيسية، من أجل تحقيق غاية سامية، ألا وهي ضمان التداول السياسي والديمقراطي على السلطة... دستور يضمن استقلالية فعلية للقضاء، ويضع الجيش والأجهزة الأمنية تحت الرقابة الديمقراطية». وتابع: «لهذا نريد من المسار التأسيسي الذي نسعى من أجل بنائه معاً، أن يكون خياراً للقطيعة وتغليب العقل، خياراً للسيادة (...)؛ خياراً من أجل انطلاقة جديدة للجزائر».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.