وفد مصري في غزة لاحتواء حادثة الطائرة المسيّرة

إسرائيل و«حماس» تتجاوبان مع جهود القاهرة لتجنب جولة قتال جديدة

مواجهة بين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلي وسط قطاع غزة الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
مواجهة بين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلي وسط قطاع غزة الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

وفد مصري في غزة لاحتواء حادثة الطائرة المسيّرة

مواجهة بين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلي وسط قطاع غزة الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
مواجهة بين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلي وسط قطاع غزة الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

وصل الوفد الأمني المصري إلى قطاع غزة، أمس، في محاولة لنزع فتيل التوتر واحتواء حادثة الطائرة المسيرة التي انطلقت من غزة السبت، وألقت عبوة ناسفة على موقع عسكري إسرائيلي قرب الحدود وعادت.
وعبر الوفد معبر بيت حانون (إيرز) إلى غزة، بعد أن قرَّب زيارته عدة أيام. ودفعت «حماس» مزيداً من عناصرها إلى الحدود وعلى الطرقات لتأمين دخول الوفد، وشددت الحراسة على الفندق الذي سينزل فيه الوفد.
والإجراءات التي بدت مكثفة جاءت في ظل التفجيرات الأخيرة التي قام بها عناصر يحملون الفكر الداعشي في القطاع، وينتمون لفصائل فلسطينية.
وكان يفترض أن يصل الوفد نهاية الأسبوع؛ لكن التطورات الأخيرة أجبرته على الوصول مبكراً. وآخر زيارة للوفد الأمني المصري للقطاع كانت قبل شهرين.
وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن مهمة الوفد تتركز على تهدئة الموقف في الوقت الحالي. واجتمع الوفد مع مسؤولين من «حماس»، ويفترض أن يلتقي بـ«الجهاد الإسلامي» وفصائل أخرى.
وقال المتحدث باسم «حماس» عبد اللطيف القانوع، إن «الوفد المصري سيناقش كثيراً من القضايا. منها سُبل التخفيف من معاناة قطاع غزة، وإلزام الاحتلال بالتفاهمات والعلاقات الثنائية بين الجانبين». وأضاف أن «الزيارة الأخيرة لوفد حركة (حماس) كانت مباحثاتها إيجابية، وسيتم استكمالها اليوم مع الوفد المصري بغزة»، منوهاً إلى أن «الاتصالات مع الأشقاء المصريين لم تنقطع، وهناك تواصل مستمر».
ووصل الوفد إلى غزة بعد ليلة متوترة للغاية، شهدت قصفاً مكثفاً على القطاع. وأغارت الطائرات الإسرائيلية على عدة مواقع في القطاع، وركزت على أهداف تابعة لحركة «حماس» وسط قطاع غزة وشماله. وضربت الطائرات موقعاً قرب مخيم النصيرات وسط القطاع، ما أدى إلى اشتعال النيران فيه، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات، وموقعاً آخر في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، وآخر جنوب شرقي مدينة غزة.
والقصف المفاجئ الذي جاء بعد سلسلة هجمات على القطاع، تزامن مع تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحركة «حماس» من رد قاسٍ على إرسال طائرة مسيرة من القطاع.
وكانت إسرائيل قد شنت غارة سابقة على المجموعة التي أطلقت الطائرة المسيرة.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، إن طائرة عسكرية أطلقت النار «باتجاه خلية مخربين قامت بإطلاق طائرة مسيرة صغيرة، اجتازت إلى داخل إسرائيل من منطقة جنوب قطاع غزة». وأضاف: «لقد قامت الطائرة المسيرة كما يبدو بإلقاء عبوة ناسفة في منطقة السياج الأمني، وعادت فوراً إلى داخل القطاع. لم تقع إصابات في صفوف قواتنا. لقد لحقت أضرار طفيفة بمركبة عسكرية».
ويعد هذا الأسلوب الذي اتبعته المجموعة الفلسطينية تطوراً في الأداء، قد يكون مثار قلق إسرائيلي على نحو خاص.
واعتمد الفلسطينيون سابقاً على إرسال البالونات الحارقة، وحاولوا تحميلها عبوات ناسفة، قبل أن توافق الفصائل الفلسطينية على التوقف عن إرسال هذه البالونات، ضمن اتفاق شمل وقف الهجمات من قطاع غزة، ووقف استخدام الأساليب الخشنة مقابل إدخال تسهيلات على الحصار المفروض على غزة؛ لكنها كانت تصل أحياناً إلى تصعيد في المظاهرات وإطلاق صواريخ بين الفينة والأخرى.
وجاء الهجوم عبر الطائرة المسيرة بعد ليلة شهدت قصفاً متبادلاً. وقصفت إسرائيل عدة مواقع في القطاع رداً على إطلاق صواريخ صوب المستوطنات الإسرائيلية المحاذية. وإطلاق الصواريخ من غزة جاء كما يبدو بسبب مقتل طفلين في مظاهرات الجمعة.
ودخلت مصر على الخط، وكثفت من اتصالاتها بعد إطلاق الطائرات المسيرة من غزة. ودخل على الخط نيكولاي ملادينوف مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، في محاولة فرض الهدوء بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
ولا يتوقع أن يؤدي التصعيد إلى جولة مواجهة جديدة. وتتجنب كل من إسرائيل و«حماس» الخوض في حرب جديدة في هذا الوقت. وقال خليل الحية القيادي في حركة «حماس»، إن حركته تتجاوب مع اتصالات يجريها الوسطاء «لنزع فتيل التوتر على حدود غزة، في أعقاب التصعيد الناجم عن قيام الاحتلال بقتل اثنين من الأطفال، خلال مسيرات العودة يوم الجمعة الماضي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم