حكومة إردوغان «ترجئ» خطة عزل إمام أوغلو تحت ضغوط أوروبية

بارزاني يدخل على خط الوساطة بين تركيا والأكراد

رئيس بلدية إسطنبول يحمل صورة لأتاتورك بمقر «حزب الشعب» المعارض في 31 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
رئيس بلدية إسطنبول يحمل صورة لأتاتورك بمقر «حزب الشعب» المعارض في 31 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
TT

حكومة إردوغان «ترجئ» خطة عزل إمام أوغلو تحت ضغوط أوروبية

رئيس بلدية إسطنبول يحمل صورة لأتاتورك بمقر «حزب الشعب» المعارض في 31 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
رئيس بلدية إسطنبول يحمل صورة لأتاتورك بمقر «حزب الشعب» المعارض في 31 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إنه لا توجد «في الوقت الحالي» خطط لعزل رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو؛ المنتمي إلى «حزب الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة.
وسعى صويلو خلال مقابلة تلفزيونية، أمس، إلى تبرير تصريحات سابقة بدت أنها تشير إلى أن حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان تخطط لعزل إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، المنتمي إلى الحزب ذاته، على غرار عزل 3 رؤساء بلديات في جنوب شرقي تركيا.
وهدد صويلو، الأسبوع الماضي، رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بـ«التدمير»، وجاء تهديد صويلو لإمام أوغلو، الذي حقّق انتصاراً ساحقاً في بلدية إسطنبول في مواجهة مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم رئيس الوزراء والبرلمان السابق بن علي يلدريم، بسبب رفضه قرار عزل رؤساء البلديات الكردية الثلاثة المنتخبين، وتعيين أوصياء بدلاً منهم على خلفية مزاعم «صلتهم بالإرهاب، وقيامه بلقائهم في مدينة ديار بكر في جنوب شرقي البلاد لإعلان مؤازرته لهم». وقال صويلو، موجهاً كلامه لإمام أوغلو: «إذا تدخلت في أمور ليست من عملك، فسوف ندمرك».
وفي حديثه، خلال المقابلة التلفزيونية، أمس، سعى صويلو إلى التخفيف من حدة تصريحاته التي قوبلت بموجة من الهجوم الحاد من قبل المعارضة والشارع التركي، قائلاً إن تصريحاته السابقة اقتطعت من سياقها، وإنه لا توجد خطة لعزل رئيسي البلديتين (أنقرة وإسطنبول).
وجاءت تصريحات صويلو التوضيحية بعد أن حذرت مقررة الشؤون التركية في البرلمان الأوروبي، الهولندية كاتي بيري، من خطورة قيام حكومة إردوغان بعزل إمام أوغلو من منصبه رئيساً لبلدية إسطنبول. وقالت بيري، في تغريدة على «تويتر» مساء أول من أمس: «إذا حدث أن عُزل إمام أوغلو من منصبه على غرار ما حدث مع رؤساء ثلاث بلديات كردية في جنوب شرقي البلاد، فإن هذا سيؤدي إلى نتائج خطيرة في العلاقات التركية - الأوروبية».
وأشارت بيري إلى أن الحكومة التركية بدأت عقب الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد في 31 مارس (آذار) الماضي بعزل رؤساء البلديات المنتخبين، وأن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قام مؤخراً بتهديد إمام أوغلو ولمح إلى إمكانية عزله من منصبه. وطالبت بيري الحكومة التركية بـ«التريث والتفكير جيداً قبل اتخاذ أي خطوة قد تكون لها نتائج سلبية».
في الوقت ذاته، دافع صويلو عن قرار الحكومة بعزل العشرات من رؤساء البلديات المنتخبين في بلدات ومدن في جنوب شرقي البلاد بأنه لأسباب أمنية ولاتهامهم بدعم الإرهاب. وأشار إلى أن المسؤولين الذين جرى عزلهم مؤخراً يواجهون اتهامات بالتعاون مع «حزب العمال الكردستاني»؛ المحظور والمصنف منظمةً إرهابية لدى كل من تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وفي 19 أغسطس (آب) الماضي، عزلت السلطات التركية رؤساء بلديات ديار بكر وماردين ووان؛ عدنان سلجوق مزراقلي، وأحمد ترك، وبديعة أوزغوكتشه أرطان، واستبدلت بهم أوصياء معينين بقرارات إدارية، ضمن حملة أمنية أسفرت عن اعتقال أكثر من 400 شخص.
وبعد قرار عزل رؤساء البلديات، علق إمام أوغلو على القرار قائلاً إن «عزل أشخاص من مناصب وصلوا إليها عن طريق الديمقراطية، بأساليب غير قانونية أمر مرفوض مطلقاً، والخاسر هو من يفعل هذه التجاوزات».
ثم جدد إمام أوغلو رفضه قرار عزل رؤساء البلديات، في تصريحات أدلى بها خلال مؤتمر صحافي عقده بمقر حزبه بمدينة ديار بكر التي توجه لزيارتها حيث التقى رؤساء البلديات المعزولين، وأعلن تضامنه معهم.
وتعتزم وزارة الداخلية التركية عزل عدد من رؤساء البلديات الصغرى بولاية ديار بكر، جنوب شرقي البلاد، وتعيين أوصياء بدلا منهم.
وذكر بيان لـ«حزب الشعوب الديمقراطي»؛ (مؤيد للأكراد)، أن وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة تداولت وثائق عن عزل رؤساء عدد من البلديات الصغرى في ديار بكر، وأنه تبينت صحة هذه الوثائق من خلال بيان صادر عن الولاية، وأنه تم إعدادها من قبل وزارة الداخلية.
وتابع بيان الحزب قائلاً: «ورد في بيان الولاية أن هذه الوثائق عبارة عن خطاب أرسلته المديرية العامة لإدارة الولايات بوزارة الداخلية إلى ولاية ديار بكر»، مشيراً إلى أن «الخطاب الذي أرسل لولاية ديار بكر جاء تحت عنوان: (عزل وإبعاد من المنصب)، وهو مؤشر على أن وزارة الداخلية تعدّ لانقلاب جديد على رؤساء البلديات المنتخبين، لتعيين أوصياء بدلاً منهم». وأصدرت محاكم في تركيا أحكاماً بالسجن بحق 41 رئيس بلدية بتهم تتعلق بدعم الإرهاب. وقالت وزارة الداخلية التركية في بيان، الأربعاء الماضي، إن 41 رئيس بلدية من أصل 94 تلقوا أحكاماً بالسجن لمدة تزيد على 237 عاماً.
وأضاف البيان أن الوزارة قامت قبل الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 مارس الماضي بعزل 94 رئيس بلدية وفقاً لأحكام الدستور في شأن البلديات المتعلقة بجرائم «الإرهاب»، وقامت بتعيين محافظين ونواب محافظين ورؤساء بلدات ونوابهم.
وتعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في فبراير (شباط) الماضي، قبل إجراء الانتخابات بعزل رؤساء البلديات الذين تربطهم صلة بـ«حزب العمال الكردستاني»؛ (المحظور).
وتتهم أنقرة «حزب الشعوب الديمقراطي» المعارض (مؤيد للأكراد) بالارتباط بـ«حزب العمال الكردستاني» المصنف من قبل تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «منظمةً إرهابية».
في سياق متصل، قال رئيس إقليم كردستان في شمال العراق، نيجيرفان بارزاني، إنه ينبغي عدم تفويت أي فرصة لتحقيق السلام (بين الحكومة والأكراد) في تركيا، مؤكداً أنه لن يدخر جهداً في تقديم كل ما يلزم لإنجاح العملية.
وقال بارزاني، خلال لقائه وفداً من «حزب الشعوب الديمقراطي» برئاسة الرئيس المشارك للحزب سزائي تمللي، في أربيل أمس: «آن الأوان لتحقيق السلام... المسألة الكردية في تركيا ينبغي حلها بالطرق السلمية، لأن الحرب لا توفر أي حلول، كما يجب عدم تفويت أي فرصة لتحقيق السلام في تركيا». وشدد بارزاني على أن جهوده «في سبيل إنجاح عملية السلام في تركيا ستستمر»، وأنه لن يدخر «جهداً في تقديم كل ما يلزم لتحقيق هذه الغاية».
من جانبه، عبّر وفد «حزب الشعوب الديمقراطي» عن أمله في نجاح مساعي بارزاني، معرباً عن شكره له على مساعيه السابقة والحالية في سبيل تحقيق السلام. وبحسب بيان صدر عن رئاسة إقليم كردستان ونقلته وكالة «الأناضول» التركية، فقد أكد الوفد أن «السلام يصبّ في مصلحة شعب تركيا، والشعب الكردي يريد السلام والحل السلمي».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».