الحكومة الإسرائيلية تقر «نصب الكاميرات» في صناديق اقتراع العرب

قرار انتقده رئيس الدولة والمستشار القضائي للحكومة ولجنة الانتخابات

TT

الحكومة الإسرائيلية تقر «نصب الكاميرات» في صناديق اقتراع العرب

أقرت الحكومة الإسرائيليّة، بإجماع وزرائها، أمس الأحد، اقتراح رئيسها، بنيامين نتنياهو، طرح مشروع قانون جديد لنصب كاميرات مراقبة في صناديق الاقتراع، يوم الانتخابات القريبة، المقررة 17 من الشهر الحالي. وسيقدم المشروع إلى الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) باسم الحكومة، اليوم الاثنين، بغرض السعي لتمريره بالقراءات الثلاث.
وينص مشروع القانون على وضع كاميرات في كل صندوق اقتراع لمراقبة هوية المصوتين، ووضع نساء شرطة لكشف نقاب النساء المنقبات المسلمات.
وأكد مسؤولون سياسيون أن الجلسة كانت صاخبة، رغم أن الوزراء تصرفوا بانضباط كامل، وحتى من يعارضون القانون منهم لم يظهروا أي اعتراض. فقد بدا أن نتنياهو غاضب بشكل خاص من المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، لأنه اعترض على مشروع القانون، وحضر الجلسة - على غير عادته - خصيصاً لكي يوضح للوزراء أن الاقتراح غير قانوني، وسيكون صعباً عليه الدفاع عنه أمام المحكمة العليا. فراح نتنياهو يضرب على الطاولة بصوت مرتفع، زاعماً أنه يريد ضمان نزاهة الانتخابات ومنع تزييف نتائجها، وقال إن حزب «الليكود» برئاسته كاد يخسر الانتخابات بسبب التزييف. وادعى أن «القائمة العربية»، التي تضم «الحركة الإسلامية» و«حزب التجمع»، حصلت على 4 مقاعد بفضل هذا التزييف، وأنه لولا ذلك لكان حزب «البيت اليهودي» عبر نسبة الحسم، وتمكن معه من تشكيل الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي.
وصاح نتنياهو في وجه مندلبليت: «أنا لا أفهم لماذا تقوم جهات قضائيّة بطرح ادّعاءات تقنيّة يمكن تفنيدها بسهولة، بدلاً من التجنّد للحفاظ على طهارة الانتخابات».
وترافقت جلسة الحكومة مع حملة رفض ومعارضة للقانون المذكور، فانتقده حتى رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين، وقال: «أنا أشدّ على أيدي أعضاء لجنة الانتخابات المركزية برئاسة نائب رئيس المحكمة العليا، القاضي حنان ملتسر، وعلى يدي المستشار مندلبليت، أمام الهجمات السياسية التي لا تستند إلى أساس، وتعتبر غير مسؤولة». ودعا ريفلين إلى «دحض كل المحاولات لتقويض ثقة الجمهور بهذه المؤسسات وبالمهنية التي تقودها ضمن التجهيزات للانتخابات المقبلة».
وقال النائب عوفر شلح، أحد قادة تحالف «حزب الجنرالات»، إن نتنياهو يطرح مشروع القانون فقط ليثير أجواء عداء للعرب، وأضاف، في حديث إذاعي: «في انتخابات 2015، فاز نتنياهو بالحكم بفضل حملته الدعائية المفاجئة التي خطط لها عدة شهور، ولكنه طرحها فقط في الساعات الأخيرة من يوم الانتخابات، إذ بث شريط فيديو في الشبكات الاجتماعية يستغيث فيه: (العرب يهرولون إلى صناديق الاقتراع بألوفهم في حافلات مولتها جهات خارجية بهدف إسقاط حكم اليمين)، فجرف بذلك أصوات رفعت عدد نوابه من 24 إلى 30، وهكذا كسب الانتخابات. واليوم هو يبحث عن وسيلة أخرى ضد العرب، فهم هدف سهل لدى الجمهور اليميني».
وقال شلح إن نتنياهو لا يكترث لنزاهة الانتخابات، ولا للديمقراطية، بل إنه يدير سياسة تحطم الديمقراطية. ما يهمه هو فقط الحفاظ على كرسيه في رئاسة الحكومة كمهرب وحيد له من دخول السجن بسبب قضايا الفساد المتهم بها. وأكد شلح أن القانون لن يمر لأن حزبه ستوجه إلى المحكمة لمنع سنه بهذه السرعة.
ونشرت الشرطة بياناً فندت فيه ادعاءات نتنياهو حول تزييف الانتخابات في البلدات العربية، اتضح منه أن كل شكاوى «الليكود» حول صناديق تم تزيفها، ظهر أنها كاذبة، والصندوق الوحيد الذي تأكد فيه وجود تزييف، كان هذا التزييف فيه لصالح «الليكود».
من جهة ثانية، اجتمع نحو 60 شخصية عربية وطنية من قادة فلسطينيي 48، لوضع خطة تهدف إلى رفع نسبة التصويت من أجل ضمان أكبر عدد من النواب للقائمة المشتركة. ومن ضمن بحثهم كان موضوع الكاميرات. فقرروا التوجه إلى الجمهور الواسع بنداء يقول: «رغم معرفتنا بأهداف نتنياهو العنصرية وأكاذيبه حول التزييف، فإننا يجب أن نوضح أننا لا نخاف كاميراتهم. فإذا مر القانون، يجب أن تكون الكاميرات حافزاً لنا. فأولاً نحن معنيون أكثر من نتنياهو بأن تكون الانتخابات عندنا نزيهة. وثانياً، هذه فرصة نثبت فيها من جديد أننا لا نخاف الكاميرات، بل بالعكس نجعلها حافزاً لنا لرفع نسبة التصويت».
جدير بالذكر أن نتنياهو كان قد أدار حملته الانتخابية في أبريل الماضي وفق مبدأ «السعي لتقليص نسبة التصويت عند العرب وعند اليسار»، حيث لا توجد أي إمكانية له لأن يحصل على أصواتهم.
وقد ساهمت حملته في تحقيق هذا الهدف، إذ هبطت نسبة التصويت عند العرب إلى 49 في المائة، وبين اليسار إلى 35 في المائة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».