توافق بين السلطة و«وسائطها» على تنظيم انتخابات قريبة في الجزائر

«هيئة الحوار» تتحدث عن موافقة الرئيس الانتقالي على مطلب تغيير الحكومة

TT

توافق بين السلطة و«وسائطها» على تنظيم انتخابات قريبة في الجزائر

لاحظ متابعون للتطورات السياسية في الجزائر حدوث توافق بين الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح ورئيس «هيئة الحوار والوساطة» كريم يونس، خلال لقائهما أمس، على تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية العام، ما يعني أن الطرفين منخرطان في خطة الجيش للخروج من الأزمة. في غضون ذلك، منعت السلطات الترخيص لاجتماع كانت المعارضة تريد عقده اليوم، لتصعيد رفضها مشروع عقد الانتخابات.
وسئل يونس خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة أمس، عن موقفه من مطالبة رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح، استدعاء الهيئة الناخبة في 15 من الشهر الحالي، كخطوة لاستعجال رئاسة الدولة عقد رئاسية بنهاية العام، فقال: «جوابي بسيط هو لا تعليق لديَّ». ويعكس هذا الرد من جانب يونس، مدى صعوبة مهمة «هيئة الوساطة» ورئاسة الدولة، في تفادي التدخلات المتكررة لقائد الجيش في ترتيب المرحلة المقبلة، من دون إشراك الفاعلين بالحراك الشعبي وقوى المجتمع.
يشار إلى أن الحراك الشعبي عبَّر، يوم الجمعة الماضي، عن رفضه تنظيم الانتخابات، وذلك بترديد شعار «لا انتخابات مع العصابات»، وعدَّ ذلك موقفاً ضد قائد الجيش.
وأكد المحلل السياسي نجيب بلحيمر، بهذا الخصوص، أن «التوجه إلى انتخابات في أسرع وقت، هو قرار رئيس الأركان، ومنذ إعلانه تاريخ استدعاء الهيئة الناخبة أصبحت مهمة لجنة الحوار والوساطة هي توفير غطاء سياسي لهذا القرار، وتمريره بالثرثرة والمغالطات.
وأعلن يونس عن تسليم تقرير لرئيس الدولة أمس، تضمن باكورة مشاورات أجرتها «الهيئة» مع 30 حزباً ومئات الناشطين بجمعيات وتنظيمات، أغلبها موالٍ للسلطة. وبحسب يونس، تعتبر «هيئة الحوار» محلَّة بمجرد أن رفعت تقريرها إلى بن صالح. وعاش يونس ورفاقه، ظروفاً حالكة خلال مدة شهر ونصف الشهر من أداء «الوساطة والحوار»، إذ هاجمهم المتظاهرون واتهموهم بـ«محاولة إنقاذ نظام يحتضر» تحت ضغط مظاهرات مليونية انطلقت في 22 فبراير (شباط) الماضي، وما زالت مستمرة.
وتفيد مصادر من «الهيئة»، بأن التقرير تناول استحداث «سلطة مستقلة لتنظيم الانتخابات» تعوَّض وزارة الداخلية بخصوص ترتيب شؤون العملية الانتخابية، وتعديل قانون الانتخابات بإسقاط بعض الشروط فيه، منها إلزام المرشح للرئاسة بجمع 600 توقيع منتخب محلي، في حال عزف عن تواقيع الناخبين التي تم اقتراح تخفيض عددها من 65 ألفاً إلى 50 ألفاً. ويرتقب رفع هذه المقترحات إلى البرلمان للمصادقة عليها.
ومن أهم ما جاء في التقرير، أن هناك إجماعاً لدى الأطراف السياسية ونشطاء المجتمع المدني، الذين شملتهم الاستشارة، على إقالة حكومة رئيس الوزراء نور الدين بدوي، بحجة أنها «موروثة عن الرئيس السابق» عبد العزيز بوتفليقة، وأن الحراك يرفضها بشدَة. وقال يونس في مؤتمره الصحافي، إن بن صالح أيَّد مقترح رحيل الحكومة. وكان قائد الجيش رفض بشدة هذا المقترح، وأثنى على الطاقم التنفيذي بقيادة بدوي، وعدَّه «ناجحاً في مهامه».
ويرجح مراقبون موافقة الجنرال صالح على تنحية الحكومة، حتى يبدو أنه «نزل عند رغبة الحراك»، وبالتالي يكسب شيئاً من المصداقية لدى المتظاهرين الذين هاجموه بشدَة عدة مرات، وهو هاجمهم أيضاً في خطب نارية فوصفهم بأنهم «عملاء لأطراف أجنبية»، وبأنهم «أذناب العصابة»، التي يقصد بها جماعة الرئيس السابق الذين أدخلهم السجن.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».