عن سلسلة الإبداع العربي التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويرأس تحريرها الشاعر سمير درويش، صدرت الرواية الثانية للقاص والروائي السوداني عبد الحميد البرنس بعنوان «غرفة التقدمي الأخير».
تتعرض الرواية للتحولات التي طرأت على مسار القوى التقدميّة واليساريّة في المنطقة، وما أصابها من تمزقات وتشوهات فرديّة وجماعيّة، أصابت إرثها التي نشأت عليه وتبلورت من خلاله أهدافها وغاياتها، وهو ما عرف بالمد الثوري لحركات التحرر الاجتماعي والسياسي، وكانت حتى قبيل نكسة عام 1967. تتصدر المشهد بوعود «راديكاليّة للتغيير».
يرصد البرنس، عبر بطل الرواية «حامد عثمان»، كيف انتهى ذلك التيار العارم إلى محض «بِرك صغيرة متقطّعة، ربما ترتعش حتى من ظلالها إزاء واقع حي لا يني يتشكل خارج تصوراتها تلك للعالم».
يضع البرنس في هذا السياق أبطاله، ويتتبع لحظات صعودهم وانكسارهم، وصراعاتهم حول أدوار قيادة التنظيم، يرصد أماكن تنقلهم، وعالمهم السري ومنهم «الحسناء مها الخاتم» والكادر الخطابي «جمال جعفر»، وأعمى يصر دوماً على القيام بدور قيادي داخل التنظيم الذي يحافظ على سريته في القاهرة كمنفى أمام ما يمكن تسميته «مصهر الأفكار والمواقف»، مثل الجنس والدين والمنفى ربما، حيث تبرز محاولات البقاء المستميتة في عالم «تحكمه الحاجة لا القيم»، كذلك يبدو الجوع بارزاً في السياق، كما القسوة والغدر والخيانة واغتيال الشخصيّة، وحتى نصاعة ذلك التضامن الرفاقي بالغ الندرة.
وتتمتع لغة الرواية بخصوصية واضحة تبرز عبر تفاوت مستوياتها وتراوحها، ما بين الجد والهزل والشعري واليومي والفكري المجرد والعياني الملموس، فضلاً عن تداخل الأزمنة ودور الذاكرة في إعادة تركيب المشاهد والمسارات.
وهكذا، تطرح الرواية العديد من القضايا، في محاولة لفهم ما حدث على الصعيدين الخاص والعام.
«التقدمي الأخير» في رواية سودانية
«التقدمي الأخير» في رواية سودانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة