رحلات طيران أرخص باستخدام الهيدروجين المتجدّد

تصاميم طائرات بيئية بعدد محدود من الركاب تحلق لمسافات متوسطة

طائرة من «زيرو آفيا» بزنة طنين و6 مقاعد للركاب خالية من الانبعاثات الضارة بالبيئة
طائرة من «زيرو آفيا» بزنة طنين و6 مقاعد للركاب خالية من الانبعاثات الضارة بالبيئة
TT

رحلات طيران أرخص باستخدام الهيدروجين المتجدّد

طائرة من «زيرو آفيا» بزنة طنين و6 مقاعد للركاب خالية من الانبعاثات الضارة بالبيئة
طائرة من «زيرو آفيا» بزنة طنين و6 مقاعد للركاب خالية من الانبعاثات الضارة بالبيئة

تعتبر شركة «زيرو آفيا» أنّ الفعالية الكهربائية، وتراجع الحاجة إلى الصيانة، وإنتاج الهيدروجين في الموقع... هي عوامل قد تساهم في تصفير الانبعاثات، وتخفيض كلفة الطيران اليوم على الطائرات العاملة بالوقود التقليدي.
وترجّح المجموعة المتخصصة بالتجارة العالمية في صناعة الطيران أنّ الطائرات الكهربائية لن تستخدم في الرحلات التجارية قبل عام 2040، وأنّ هذا التشاؤم المسيطر على اتحاد النقل الجوي الدولي لن يتبدّل قبل عقدين من الزمن.
وقود الهيدروجين
قبل 6 أشهر، بدأت شركة «هوليستر» في كاليفورنيا، بتشغيل رحلات طيران بأكبر طائرة دون انبعاثات في العالم، «تعمل بالدفع المدعوم بخلايا الوقود»، بينما تعد «زيرو آفيا» بأنّ تصميمها سيساهم في الحدّ من انبعاثات الكربون وتخفيض كلفة الرحلات الإقليمية في غضون 3 أو 4 سنوات.
يقول فال ميفتاخوف، الشريك المؤسس في «زيرو آفيا» ورئيسها التنفيذي، في حديث لمجلة اتحاد المهندسين الكهربائيين الأميركي، إنّ «شركته تملك حالياً نموذج طائرة للعرض والبحث والتطوير، بحمولة طنّين ومجهّزة بـ6 مقاعد. وفي العام المقبل، ستنهي تصميم طائرة مجهّزة بـ20 مقعداً وستقدّم التصميم لاتحاد النقل الجوّي الدولي. تشكّل هذه الخطّة القوة الدافعة لجدول أعمالنا حتى عامي 2022 و2023. وفي ذلك الوقت، نتوقّع أن نكون قد حصلنا على الترخيص ووظّفنا النظام في الخدمة التجارية».
ويتألف فريق عمل شركته الجديدة من بعض أعضاء فريق «إي موتور ويركس»، إلى جانب آخرين ممن كانوا يعملون لصالح كبار صانعي السيارات «كتيسلا» و«بي.أم. دبليو»، وشركة «إير ليكويد» الفرنسية، و«نفيديا»، عملاق صناعة المعالجات.
تشارك «زيرو آفيا» في موجة تقنية يركّز فيها المطوّرون جهودهم على صناعة وسائل نقل خالية من الانبعاثات، وهم يعودون اليوم إلى الاعتماد على خلايا الوقود، بعد 10 سنوات من التركيز على النقل المدعوم بطاقة البطارية. ويتوقّع «نيكولا موتور»، مطوّر شبه الشاحنات الكهربائية في «فينيكس»، أن ينجح الدفع المدعوم بخلايا الوقود بحلّ تحديات ارتبطت بالشحن المعتمد على البطارية، كالشحن البطيء، ومحدودية النطاق، والوزن. كما يعمل مشغلو خطوط القطارات في المملكة المتحدة وألمانيا على اختبار قطارات تعمل بخلايا الوقود للتخلّص نهائياً من محرّكات الديزل. من جهتها، بدأت الصين، التي تعتبر الأولى عالمياً في استخدام المركبات الكهربائية العاملة بالبطاريات، الاستثمار وبقوّة في تقنية خلايا الوقود.
رحلات إقليمية
يقول ميفتاخوف إنّ مؤسسي «زيرو آفيا» كانوا يبحثون عن أفضل خيار منخفض الكربون للرحلات الإقليمية، أي أنّهم كانوا بحاجة إلى خيار يتمتّع بالقوة والطاقة الكافيتين لتشغيل طائرة بـ10 أو 20 مقعداً، تطير لمسافة تتراوح بين 500 و800 كيلومتر تقريباً. وفي أوائل عام 2018، وجدوا أنّ خلايا وقود الهيدروجين وحدها قادرة على تلبية هذه المتطلّبات، وبدؤوا بتقييم وطلب ودمج المكونات المطلوبة كخزّانات مركّبة لتخزين غاز الهيدروجين، ومدخنة لخلايا الوقود، تحوّل الهيدروجين إلى كهرباء، وإلكترونيات للطاقة، ومحرّكات.
مع حلول فبراير (شباط) الماضي، نجحت «زيرو آفيا» بتجميع طائرتها التجريبية ذات المقاعد الستّة، وبقدرة تصل إلى 275 كيلوواط، وحصلت على تصريح من إدارة الطيران الفيدرالية لإخضاعها لاختبار الطيران. يقول ميفتاخوف إنّ أوّل إنتاج من محرّكاتها سيعمل على توليد بين 600 و800 كيلوواط، ما وصفه بـ«نصف الطريق إلى نطاق القدرة المطلوب»، الذي تنتجه المحركات التوربينية PT6 من «برات وويتني» المستخدمة اليوم في كثير من الطائرات الإقليمية.
ولكن بدل بناء طائراتها الخاصة، تعتزم «زيرو آفيا» تأجير محركاتها لصنّاع الطائرات وخطوط الطيران، إلى جانب تزويدهم بخلايا الوقود. وكشف ميفتاخوف أنّ شركته «تستهدف مستويات الطاقة التي تستخدم اليوم، وهي قادرة على استخدام إطارات هوائية متوفرة مع تعديلات طفيفة».
من جهة أخرى، تقدّم الطائرات الخالية من الانبعاثات، سواء أكانت تعمل بالبطارية أم بالهيدروجين، مكاسب إضافية في المجال النفسي، لأنّها توفّر على المسافرين الشعور بالذنب، الذي بدأ ينتشر في الآونة الأخيرة بسبب تأثير الطيران ومساهمته في التغيّر المناخي.
وفي إطار ادعاءاتها الجريئة، تروّج شركة «زيرو آفيا» لفكرة مفادها أنّ الزبائن الذين سيتقدّمون بطلبات للحصول على عروض السفر الخالي من الانبعاثات سيوفرون على أنفسهم كثيراً من المال. لا ينكر ميفتاخوف أنّ صناعة محركات خلايا الوقود ستماثل محرّكات التوربو العاملة بالديزل المستخدمة اليوم لناحية الكلفة، ولكنّه يؤكّد في المقابل، أنّ كلفة تشغيل نظام خلايا الوقود ستوازي نصف كلفة تشغيل النظام التقليدية، بفضل الانخفاض المتوقّع في تكاليف الصيانة، والفعالية الإضافية، والوقود الرخيص المستخدم.
وتخطط «زيرو آفيا» لتقديم أداء خالٍ من الانبعاثات عبر إنتاج الهيدروجين بواسطة المحللات الكهربائية العاملة بالرياح أو الطاقة الشمسية. وتبيع محطات تعبئة خلايا الوقود للسيارات في كاليفورنيا هيدروجيناً «أحفورياً» أرخص مصنوعاً من الغاز الطبيعي، إلا أن العربة التي تستخدمه تحتاج إلى الشحن مرتين أو 3 أكثر من تعبئة الوقود التقليدي لنفس المسافة. في المقابل، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المحلّلات الكهربائية والطاقة المتجددة تشهد تراجعاً في أسعارها.
من جهته، يخطط الرئيس التنفيذي لـ«زيرو آفيا» لبناء مصانع تحليل كهربائي في المطارات الإقليمية لتجنّب بدلات التوصيل الباهظة المدفوعة من قبل محطات تعبئة الهيدروجين.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً