«نيوم» توفر أول الفرص الاستثمارية في مشروعها

إرساء عقود بناء وتمويل وتشغيل المجمعات السكنية على شركتين وطنيتين

جانب من توقيع الاتفاقيات (الشرق الأوسط)
جانب من توقيع الاتفاقيات (الشرق الأوسط)
TT

«نيوم» توفر أول الفرص الاستثمارية في مشروعها

جانب من توقيع الاتفاقيات (الشرق الأوسط)
جانب من توقيع الاتفاقيات (الشرق الأوسط)

استعداداً لإطلاق أعمال الإنشاءات في مشروع «نيوم»، شرعت شركة نيوم في بناء المنطقة السكنية المخصصة للعمالة التي ستنتقل للعمل هناك، وذلك من خلال إرساء عقود بناء وتمويل وتشغيل المجمعات السكنية المخصصة لهم على شركتين وطنيتين. وتعد هذه العقود هي أول الفرص الاستثمارية التي طرحتها شركة نيوم.
وتتكون المنطقة السكنية من أكثر من مجمع، إذ أرست «نيوم» عقود تطوير المجمعات السكنية الأولى على شركتين وطنيتين، وهما مجموعة التميمي وشركة ساتكو. وحصلت مجموعة التميمي على عقود بناء مجمعين سكنيين، سعة كل واحد منهما 10 آلاف عامل، فيما ستقوم شركة ساتكو ببناء مجمع مماثل بالطاقة الاستيعابية نفسها. وستوفر هذه المجمعات فرصة استثمارية مميزة للشركتين حيث يتيح العقد لهما تشغيلها لمدة 10 سنوات.
وستقدم المنطقة السكنية للعمالة نمط حياة يهدف إلى تهيئة بيئة عمل صحية لهم تماشياً مع أهداف «نيوم»، إذ تُعد جودة الحياة من الركائز الأساسية للمشروع. وتمتلك المنطقة السكنية للعمالة مقومات لإضافة المزيد من المجمعات إليها مستقبلاً بحسب احتياجات المشروع لاستيعاب المزيد من العمالة فيه، والتي قد تصل مستقبلاً إلى أكثر من 100 ألف عامل.
وتُعد المنطقة السكنية للعمالة امتداداً للتجهيزات الأخرى اللوجيستية لتسهيل انتقال عمال الإنشاءات إلى أرض المشروع حيث سبق هذا افتتاح مطار خليج نيوم ليكون مطاراً تجارياً برحلات منتظمة أسبوعية تربط «نيوم» مع العاصمة الرياض.
قال الرئيس التنفيذي لمشروع نيوم المهندس نظمي النصر: «إننا نتوقع أن يستمر العمل على تطوير مشروع بحجم وضخامة (نيوم) سنوات مديدة، ولهذا فإن الانتقال إلى (نيوم) للعمل والحياة لمدة طويلة هو أمر بالغ الأهمية. ومن هنا حرصنا على أمرين عند ترسية عقود المنطقة السكنية؛ الأول هو توفير جودة حياة عالية لكل من ينتقل للعمل والحياة هناك، والثاني هو تقديم فرصة استثمارية للمطورين تتماشى مع أهداف (نيوم) لجذب المستثمرين».
وأضاف النصر: «هذه العقود هي باكورة الفرص الاستثمارية التي سنقدمها للمستثمرين، وإضافة إلى ذلك هي معلم رئيسي آخر في تحويل حلم (نيوم) إلى واقع، ويسعدنا أن نرى الشركات الوطنية تشارك معنا في تحقيق هذا الحلم».
وقال طارق التميمي رئيس مجلس الإدارة لمجموعة التميمي: «لقد خططنا لإنشاء هذا المشروع الإسكاني الكبير بأفضل المعايير ومبادئ الاستدامة لكل من سيأتي للعمل في (نيوم) وبناء منطقة المستقبل. وحرصنا أن تضع هذه المنطقة السكنية معايير عالية وجديدة لكل المشاريع المماثلة مستقبلاً».
ومن جانبه، قال مالك عنتابي رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـ«ساتكو»: «إن الاستثمار في (نيوم) سيكون استثماراً لنا في مستقبل السعودية، ومستقبل مجموعتنا وليس في الحاضر وحسب، نظراً للدور المستقبلي المنتظر لـ(نيوم)».
وأضاف عنتابي: «ستوفر خدماتنا بيئة صحية للعمال لرفع معنوياتهم وزيادة إنتاجيتهم. والتزامنا بالمعايير العالية لـ(نيوم) سيساعدنا على تحقيق أهدافنا من هذا المشروع».
وسوف توفر المنطقة السكنية كل سبل الراحة والرفاهية للعمالة، وستحتوي على مساحات خضراء. ومن باب الحرص على البيئة والاستدامة، ستكون هناك آلية ونظام لمعالجة النفايات في المنطقة السكنية. وتماشياً مع رؤية «نيوم» الرياضية والصحية، سيوفر المشروع مرافق متنوعة للعديد من الرياضات مثل السباحة والتنس وكرة القدم والكريكيت، إضافة إلى نادٍ صحي رياضي.
ويُعد مشروع «نيوم» المشروع الأكثر طموحاً على مستوى العالم، والذي يتم تطويره على مساحة 26500 كلم2 في شمال غربي السعودية. وسيكون المشروع أحد ركائز التحول الاقتصادي للمملكة لتوفير مصادر دخل متنوعة من خلال قطاعات «نيوم» الاقتصادية والاستثمارات العقارية.



الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».