إسبر: سنمنع أي تهديدات إيرانية في مياه الخليج

وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر ونظيرته الفرنسية فلورانس بارلي خلال مؤتمر صحافي في باريس أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر ونظيرته الفرنسية فلورانس بارلي خلال مؤتمر صحافي في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

إسبر: سنمنع أي تهديدات إيرانية في مياه الخليج

وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر ونظيرته الفرنسية فلورانس بارلي خلال مؤتمر صحافي في باريس أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر ونظيرته الفرنسية فلورانس بارلي خلال مؤتمر صحافي في باريس أمس (أ.ف.ب)

مرة أخرى، تبرز التمايزات بين باريس وواشنطن بشأن الملف النووي الإيراني والمحافظة على أمن الخليج وحرية الملاحة في المضائق. وفي أول زيارة رسمية له للعاصمة الفرنسية بوصفه وزيرا للدفاع، لم ينجح مارك إسبر في إقناع نظيرته الفرنسية فلورانس بارلي بتخلي باريس عن تحفظاتها إزاء الانضمام إلى المبادرة الأميركية من أجل تشكيل تحالف دولي تكون مهمته حفظ الأمن في مياه الخليج ومواكبة السفن التجارية التي تمر في مضيق هرمز وحمايتها مما تعتبره واشنطن تهديدات إيرانية.
وفي المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقد بعد لقائهما في مقر وزارة الدفاع الفرنسية، حرصت بارلي على التخفيف من وقع الاختلافات من خلال «التأكيد على وحدة الهدف المشترك وهو تعزيز الأمن في منطقة الخليج». لكن وحدة الهدف، وفق الرؤية الفرنسية، لا تعني بالضرورة وحدة الوسائل وهو ما برز من خلال تصريحات الوزيرة الفرنسية التي شاركت نهاية الأسبوع الماضي في مباحثات غير رسمية في هلسنكي مع نظرائها في الاتحاد الأوروبي بشأن أمن الخليج والوسائل الآيلة إلى توفيره.
وبلغة لا تفتقر للصراحة، قالت بارلي أمس وإسبر إلى جانبها: «علينا أن نفعل كل ما في وسعنا للمساهمة في تخفيف التوتر مع إيران وضمان سلامة الملاحة البحرية».
وأضافت الوزيرة الفرنسية: «قبل أسابيع، أطلقت الولايات المتحدة مبادرة (لإقامة تحالف بحري) ولكن في سياق كان فيه هم فرنسا الأول المساهمة في خفض التصعيد إزاء إيران» ما يعني ضمنا أن باريس رأت في المبادرة الأميركية عاملا يؤجج النزاع ولا يدفع باتجاه الهدف الذي تسعى إليه.
وبحسب بارلي، فإن فرنسا «اعتبرت أنه من المفيد إطلاق مبادرة (منفصلة) يمكن أن تضم بعض الشركاء الذين لن ينضموا إلى المبادرة الأميركية ما يمكنهم من المساهمة في توفير الأمن البحري في مياه الخليج». والمقترح الذي تدور حوله المشاورات الأوروبية التي لم تفض حتى اليوم إلى أي اتفاق بسبب تضارب الآراء هو العمل من أجل إقامة تنسيق أوروبي بين الوسائل المتوافرة في الخليج. ومن غير إرسال قطع بحرية جديدة من أجل «تحسين الوضع الأمني» في مياه الخليج.
بيد أن اختلاف المقاربة بين باريس وواشنطن لا يعني أن فرنسا غير آبهة بما يحصل هناك. لذا ذكرت الوزيرة الفرنسية بضرورة التزام الجميع بحماية الملاحة في الخليج وبأمن المضائق. كذلك، فإنها سارعت لتوضيح الموقف الفرنسي ــ الأوروبي بقولها: «إننا نتمنى بطبيعة الحال أن نقوم بذلك بالتنسيق الكامل وبالتكامل وبالشفافية مع أصدقائنا الأميركيين» مضيفة أنه «ليست هناك أي منافسة بين المبادرات بل ثمة تنسيق جيد» مع الجانب الأميركي.
خلاصة القول بأن باريس لا تريد التسابق مع واشنطن أو منافستها. لكنها مصرة على أن تكون المبادرة الأوروبية مستقلة عن المبادرة الأميركية التي تضم، إلى الولايات المتحدة، أستراليا والبحرين وإلى حد ما بريطانيا التي تخلت عن مبادرتها الأولى في آخر أيام رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والتحقت جزئيا بواشنطن.
وسبق للطرف الأميركي أن طلب من ألمانيا يوم الثلاثاء الماضي المساهمة مع بريطانيا وفرنسا في مهمة حماية بحرية علما بأن برلين كما باريس رفضتا الالتحاق بالمبادرة الأميركية.
من جانبه، حرص الوزير الأميركي، بداية، على تأكيد أن «الأمن البحري أولوية للولايات المتحدة»، مضيفاً أن بلاده «ستمنع أي تهديدات إيرانية» في الخليج أو حتى صينية في أماكن أخرى. وأردف مارك أسبر قائلا: «كنا نفضل، بكل وضوح، أن تنضم إلينا كافة البلدان» في إطار المبادرة الأميركية.
حقيقة الأمر أن مارك أسبر لم يكن يطمع بأن تغير باريس مقاربتها. فقد استبق وصوله إلى العاصمة الفرنسية بتأكيد أن الغرض من الزيارة إقامة «تنسيق» الجهود والوسائل المتوافرة في المنطقة. أما كيف سيتم ذلك ميدانيا وعمليا، فإن أي طرف لم يكشف عن التفاصيل.
إذا كان لهذا الجانب الأولوية في محادثات الوزيرين، إلا أنهما تناولا آخر التطورات المرتبطة بالملف النووي خصوصا أن لقاءهما جاء عقب إعلان طهران مباشرة إطلاق تشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة ولكن بأعداد محدودة من الجيلين الرابع والسادس في إطار الضغوط على البلدان الأوروبية التي تتهمها بعدم القيام بما التزمت به لتعويض إيران عن خسائرها الاقتصادية بسبب العقوبات الأميركية. وفي هذا السياق، أعلن إسبر أنه «لم يفاجأ» بإعلان إيران أنها ستخرق بنود الاتفاق حول النووي مضيفا: «إنهم يخرقونه أصلا. يخرقون معاهدة الحد من الانتشار النووي منذ سنوات بالتالي الأمر ليس مفاجئا». لكن أيا من الطرفين لم يخص في تفاصيل الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها فرنسا من أجل خفض التصعيد ودفع إيران للبقاء داخل الاتفاق النووي رغم العقوبات الأميركية. واكتفت الوزيرة الفرنسية بالقول إن بلادها ستواصل الجهود الرامية إلى دفع إيران للالتزام الكامل بالاتفاق النووي المبرم عام 2015 واحترامه احتراما تاما. وشددت بارلي على أن كل الجهود الدبلوماسية تدفع في هذا الاتجاه وأنه يتعين الاستمرار في بذلها.
وشكل لقاء باريس فرصة لمناقشة رغبة باريس في الانفتاح على روسيا وفق ما يريده الرئيس ماكرون. ويقوم وزيرا الخارجية والدفاع الفرنسيان اليوم بزيارة إلى موسكو وهو اللقاء الأول مكن نوعه منذ أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في العام 2014. وسبق للرئيس الفرنسي أن استقبل نظيره الروسي فلاديمير بوتين في حصن بريغونسون في 19 الشهر الماضي. وفيما يريد الرئيس دونالد ترمب إعادة روسيا إلى مجموعة السبع التي ستترأسها بلاده العام القادم، فإن الوزير إسبر نبه من «التأثير المضر لروسيا على القارة الأوروبية» والتي تستهدف إضعاف الحلف الأطلسي. وردا على المخاوف الروسية، أعلنت بارلي أن الغرض محصور في «إقامة إطار طبيعي للمناقشات وليس التقارب من غير شروط».



إيران «لن تعرقل» مفتشي «الطاقة الذرية»

غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
TT

إيران «لن تعرقل» مفتشي «الطاقة الذرية»

غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

تعهدت إيران بعدم «عرقلة» مهمة ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة لتفتيش مواقعها النووية. وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، السبت، إن إيران لن تعرقل دخول ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى مواقعها وتفتيشها. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن إسلامي قوله: «لم ولن نضع أي عقبات أمام عمليات التفتيش والمراقبة التي تنفذها الوكالة (الدولية للطاقة الذرية)».

وأضاف: «نعمل في إطار الضمانات كما تعمل الوكالة وفقاً لضوابط، لا أكثر ولا أقل».

ووفقاً لتقرير صدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس الماضي، قبلت إيران تشديد الرقابة على منشأة فوردو النووية بعدما سرّعت طهران بشكل كبير من تخصيب اليورانيوم ليقترب من مستوى صنع الأسلحة. وقبل أيام ذكرت الوكالة أن إيران ضاعفت وتيرة تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمائة، أي قريباً من نسبة 90 بالمائة اللازمة لإنتاج أسلحة.

وأعلنت الوكالة أنها ستناقش الحاجة إلى إجراءات وقائية أكثر صرامة، مثل زيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وهي واحدة من منشأتين تصلان إلى هذا المستوى العالي من التخصيب.

وجاء في التقرير السري الموجه إلى الدول الأعضاء: «وافقت إيران على طلب الوكالة زيادة وتيرة وشدة تنفيذ إجراءات الضمانات في منشأة فوردو، وتساهم في تنفيذ هذا النهج المعزز لضمانات السلامة».

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن لـ«فوردو» الآن إنتاج أكثر من 34 كيلوغراماً شهرياً من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، مقارنة بـ5 إلى 7 كيلوغرامات كانت تنتجها مجتمعة في فوردو ومنشأة أخرى في نطنز فوق الأرض.

ووفقاً لمعايير الوكالة، فإن نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تكفي نظرياً، إذا تم تخصيبها أكثر، لصنع قنبلة نووية. إيران تمتلك بالفعل أكثر من أربعة أضعاف هذه الكمية، بالإضافة إلى ما يكفي لصنع المزيد من الأسلحة عند مستويات تخصيب أقل.

وتؤكد القوى الغربية أنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران إلى هذا المستوى، حيث لم تقم أي دولة أخرى بذلك دون إنتاج أسلحة نووية. فيما تنفي إيران هذه الادعاءات، مؤكدة أن برنامجها النووي ذو أهداف سلمية بحتة.