بات واضحاً في الجزائر اليوم، أن الطبقة السياسية منقسمة حيال مسعى الجيش تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية العام. فالأحزاب الموالية للسلطة، والقريبة من توجهاتها، تطالب بانتخاب رئيس بأسرع ما يمكن «لإعطاء فرصة لإنشاء الجمهورية الثانية وفق أهداف الثورة البيضاء»، أما أحزاب المعارضة فترفض «الاستعجال» بإجراء الانتخابات مخافة وقوع تزوير «يفرز رئيساً على مقاس النظام».
ويقف في الصف المؤيد لرغبة الجيش، «جبهة التحرير الوطني» التي كان يقودها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، برئاسة رئيس الوزراء السابق أحمد أويحي المسجون حالياً بتهم فساد، و«الحركة الشعبية الجزائرية» بقيادة وزير التجارة سابقاً عمارة بن يونس المسجون بتهم فساد، و«تجمع أمل الجزائر» برئاسة وزير الأشغال العمومية سابقاً عمر غول، المسجون أيضا بالتهم نفسها. وينتمي للتوجه نفسه، بخصوص خيار الانتخابات، عدد كبير من الأحزاب الصغيرة، من بينها «حركة البناء الوطني»، بقيادة وزير السياحة سابقا، الإسلامي عبد القادر بن قرينة، وأحد أبرز قيادييها هو رئيس البرلمان سليمان شنين. إضافة إلى «التحالف الوطني الجمهوري»، الذي يرأسه وزير المهاجرين الجزائريين في الخارج سابقاً، بلقاسم ساحلي.
كما يوجد ضمن هذه المجموعة، العشرات من التنظيمات والجمعيات القريبة من الحكومة، مثل «منظمة أبناء الشهداء» و«أكاديمية المجتمع المدني»، والنقابة المركزية «الاتحاد العام للعمال الجزائريين»، وقد كانت هذه التنظيمات موالية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وقد سارت في ركب «الولاية الخامسة» التي كانت سببا في انفجار الشارع يوم 22 فبراير (شباط) الماضي. يشار إلى أن الجيش حدد يوم 15 من الشهر الجاري لاستدعاء الهيئة الانتخابية، وبحساب 3 أشهر يلي ذلك، ستكون الانتخابات في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وقد انخرط أصحاب هذا التوجه في خطة قائد الجيش الجنرال قايد صالح، وتتمثل في استعجال الحكومة تنظيم انتخابات رئاسية، بعد أن عجزت عن عقدها في 4 يوليو (تموز) الماضي لعدم توفر مترشحين. ويراهن الجيش على مجموعة من السياسيين، لإنقاذ خطته من فشل محتمل، وذلك بترشحهم للرئاسية التي يريدها، وأبرزهم مرشح رئاسية 2014 بلعيد عبد العزيز وهو رئيس حزب، وعلي بن فليس رئيس الوزراء سابقا.
وسعياً لتوفير عناصر نجاح الخطة، أطلقت السلطة «هيئة» لـ«الوساطة والحوار»، وحددت لها مهمة واحدة: إقناع أكبر عدد ممكن من الأحزاب بالمشاركة في الانتخابات المرتقبة. وبعد أكثر من شهر من الاجتماعات واللقاءات، تمكنت «الهيئة» التي يقودها الوزير السابق كريم يونس، من الحصول على موافقة الأحزاب التي تتبع للسلطة فقط.
وفي الجهة المقابلة، ترفض المعارضة بشدة الانتخابات بالطريقة التي تريدها السلطة، واشترطت «تطهير الأجواء» قبل الحديث عن الاستحقاق، أهمها إطلاق سراح معتقلي الرأي وهم نشطاء بالحراك الشعبي، والإفراج عن مساجين سياسيين على رأسهم رجل الثورة لخضر بورقعة (86 سنة). كما اشترطت «مرحلة انتقالية» مدتها عام على الأقل، يتم فيها تعديل الدستور وقانون الانتخابات. ويجري التركيز على مراجعة الدستور، بحجة أنه يتضمن «صلاحيات ملك تدفع أي رئيس إلى التغوَل»، وهو ما كان عليه الحال في عهد بوتفليقة حسب أصحاب هذا الطرح.
وتتشكل مجموعة المعارضين لتنظيم انتخاب دون إحداث تغيير في منظومة الحكم، «حزب العمال» الذي توجد زعيمته لويزة حنون في السجن (متهمة بالتآمر على الجيش)، و«جبهة القوى الاشتراكية» وهي أقدم حزب معارض، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، و«حركة مجتمع السلم» الإسلامية و«جبهة العدالة والتنمية» بقيادة الإسلامي البارز عبد الله جاب الله، و«الحركة الديمقراطية والاجتماعية» (يسار).
ويرى أصحاب الرأي المخالف لخطة الجيش، أن السلطة «تريد الإسراع بتنظيم رئاسية بالإبقاء على منظومة التزوير قائمة، حتى يسهل عليها اختيار رئيس تتحكم فيها». ويعني ذلك حسبهم، أن النظام بصدد إعادة هيكلة نفسه من الداخل لإطالة عمره. وتعوَل المعارضة على استمرار الحراك، الذي يعدَ رهانها الوحيد لإفشال خطة السلطة.
انقسام في الجزائر حيال خطة الجيش لتنظيم الانتخابات الرئاسية بنهاية العام
انقسام في الجزائر حيال خطة الجيش لتنظيم الانتخابات الرئاسية بنهاية العام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة