القيادي الأصولي أنجيم تشودري أمين عام جماعتي «المهاجرون» و«الغرباء» وهما قلب التيار الأصولي في بريطانيا والتلميذ المخلص لزعيم الأصوليين عمر بكري فستق المحتجز في سجن الريحانية في منطقة بعبدا جنوب شرقي العاصمة بيروت، مثير للجدل من جهة تصريحاته التي تتشابه مع مقولات أسامة بن لادن، مثل العالم مقسم إلى فسطاطين، أحدهما للإيمان وآخر للكفر، بالإضافة إلى نداءاته المتكررة بتطبيق الشريعة ومنع بيع الخمور في شرقي لندن. وتزعم عمر بكري جماعتي «المهاجرون» ثم «الغرباء» المتطرفة التي جرى حظرها بأمر الحكومة البريطانية. وكان من بين 54 شخصا صدرت أحكام ضدهم في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 في محاكمات الميليشيات التي خاضت اشتباكات دموية ضد الجيش اللبناني 2007. ولكن أطلق سراحه فيما بعد بكفالة. وفي مايو (أيار) 2014 ألقي القبض عليه مجددا في لبنان جراء تهم تتعلق بالإرهاب.
وأكد أن تطبيق الشريعة الإسلامية بدأ في عهد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام واستمر لنحو القرن السابع بمجيء الإمبراطورية العثمانية، مشيرا إلى أن الإسلام لم ينشر في دولة الخلافة الإسلامية بالعنف وذلك بغض النظر عن تحليلات لبعض الوقائع التاريخية تحاول إثبات العكس.
وأوضح القيادي الأصولي تشودري أن «هناك فهما خاطئا لمفهوم الشريعة من قبل غير المسلمين، لأن هناك تركيزا كبيرا على قطع يدي السارق وعلى رجم الفتيات اللواتي يرتكبن الفاحشة، إلا أنها تمثل عدالة اجتماعية واقتصادية للمجتمع الذي يجري تطبيقها فيها».
وختم بالقول إن «بريطانيا ستصبح دولة إسلامية في عام 2050»، مضيفا أنه «بموجب فرض الشريعة فإنه لن يسمح بالتظاهر وسيعدم اللوطيون والمرتدون، ولن يسمح بشرب الخمور، كما أن الموسيقى ستمنع منعا باتا، إضافة إلى تحريم المسرح وعدم تدريس نظرية النشوء والارتقاء في المدارس».
والجدل كثير حول تشودري الذي كثيرا ما يتوقف عن الكلام المباح حتى لا تتم إدانته، بسبب دراسته للقانون الجنائي البريطاني. لكنه كثيرا ما وقع في المحظور أيضا، ففي لقاء مع «سي إن إن» بداية الشهر، تحدث عن عدم تجاهل مقتل مئات الآلاف من المسلمين الذين لا يعرف بهويتهم أحد في حين يصار إلى التركيز على قطع رؤوس صحافيين غربيين، قائلا إن المسلمين لا يفرقون بين الجندي والمدني الغربي، ودافع عن تشدده بالقول إنه يؤمن بأن العالم منقسم إلى قسمين، أحدهما لأتباع الله والآخر لأتباع الشيطان.
وجأدت تصريحات تشودري إلى مشادة كلامية مع مذيع القناة بعد مناقشة الكثير من القضايا وبالأخص التي تخص تنظيم داعش، حيث كان رده حول موقفه من مشهد قطع رؤوس الصحافيين الأجانب قال تشودري: «ما من شك أن قطع رأس أي شخص هو عمل مرعب وبشع، وأظن أن هذا هو برنامج عمل تنظيم داعش، نشر الرعب في صفوف أعدائها، أو من تتصوّر أنهم أعداؤها، من أجل أن يتركوا المسلمين لشأنهم». وتابع تشودري قوله في اللقاء المسجل بـ«سي إن إن»: «أظن أن طلبك من مسلم إدانة مقتل رجل واحد في حين يقتل مئات الألوف من المسلمين الذين لا يعرف أحد هويتهم هو طلب سخيف ومثير للشفقة، لقد جرى اغتصاب الناس وإذلالهم، كما أن أختنا عافية صديقي (عالمة القاعدة) المسجونة في أميركا تعرضت للضرب والتعذيب».
وحول ما إذا كان عليه مراجعة مواقفه من الصحافيين، خاصة أنهم ينقلون معاناة سكان المنطقة إلى العالم رد تشودري بالقول: «تقييمك للأمور مختلف عن تقييم المسلمين، بالنسبة للمسلمين في المنطقة لا تفريق بين المدنيين والعسكريين الغربيين؛ لأنهم يرون أن الناس انتخبوا مرة ثانية أشخاصا مثل جورج بوش وباراك أوباما الذين يواصلون سياسة الطغيان في المنطقة، كما أن الصحافيين هم الآلة الدعائية لإدارة أوباما». ولم يوافق تشودري على اتهامه بـ«جذب الناس إلى الإسلام المتشدد» قائلا: «ليس هناك إسلام متشدّد أو غير متشدّد، فالمرأة إما أن تكون حبلى أو لا تكون، إذا التزم المرء بالإسلام فعليه أن يتبع القرآن وسنة النبي محمد، ولن تجد شيئا مما أقوله إلا ويستند إلى التعاليم الإسلامية». وعن مطالبة البعض بحظر المواد الدعائية التي يبثها تشودري عبر حسابه بموقع يوتيوب قال رجل الداعية السوري الأصل عمر بكري المحتجز في سجن الريحانية: «أنا أؤمن بأن الله منذ أن خلق البشر انقسم العالم إلى فسطاطين، الأول يضم الذين يتبعون الله، والثاني يضم من يتبعون الشيطان، وقد يستخدمون الكذب والدعاية لأن هناك حربًا تدور بينهما، وبالتالي فإن تشويه صورة العدو جزء من الحرب الدائرة».
وعما يحصل بسوريا والعراق من انتهاكات على يد الجماعات الدينية المتشددة قال تشودري: «ما يحصل بسوريا والعراق حاليًا ثورات شعبية تحاول خلع الأنظمة المتوحشة المتسلطة وفرض الشريعة، والمعلومات الواردة حاليًا تؤكّد عودة الكثير من المسيحيين إلى الموصل واعتناق عدد كبير من الأيزيديين للإسلام، وبالتالي يجب عليك عدم تصديق ما تقوله الدعاية الإعلامية».
وكان تشودري المسؤول السابق لجماعة «المهاجرون» اعترف الشهر الماضي لـ«الشرق الأوسط» بأن منشورات «داعش» التي وزعت في لندن وزعها أعضاء سابقون في «المهاجرون»، وقال إن جماعة «المهاجرون» لديها وجود قوي في ليتون شرق لندن. وأضاف تشودري أن «الخلافة عقيدة راسخة في قلوبنا، وباب الهجرة مفتوح إليها، مشيرا إلى أن (دار الهجرة) من صحيح الدين وثوابته».
وأبدى الكثير من المسلمين في بريطانيا امتعاضهم من المنشورات التي شاهدوها توزع في «أكسفورد ستريت»، حيث كتبت فتاة مسلمة تدعى أسماء الكفيشي على «تويتر»: «المجموعة التي تروج لـ(داعش) في أكسفورد ستريت تتسبب بانتهاكات عنصرية ضدنا، وهم لا يعرفون عن الإسلام شيئا».
ووصفت المنشورات التي وزعت باللغة الإنجليزية على المتسوقين في شارع أكسفورد الشهير وسط لندن، إعلان قيام «الخلافة الإسلامية» بأنه «فجر عصر جديد بدأ بالفعل»، داعية البريطانيين إلى «الهجرة إلى داعش». ويعد شارع «أكسفورد ستريت» هو الأشهر في بريطانيا، حيث يقع في قلب العاصمة لندن، ويعج على مدار الساعة بعشرات الآلاف من المتسوقين والمشاة والسياح المقبلين من مختلف أنحاء العالم، إلا أنه يعج أيضا وعلى مدار العام بالسياح الخليجيين الذين عادة ما يقصدونه بهدف التسوق والاستجمام، حيث توجد فيه متاجر لأشهر العلامات التجارية في العالم. يأتي ذلك في الوقت الذي وصف فيه أنجيم شودري تنظيم داعش بأنه نموذج المجتمع الذي يحب أن يحيا فيه مع عائلته، مؤكدا أنه لا يعرف الإرهابي البريطاني المعروف باسم «جون» الذي قطع رأس الصحافي الأميركي جيمس فولي. وفي تصريحاته لصحيفة الأوبزرفر البريطانية قال شودري إنه «معجب بالدولة المؤقتة التي أقامها مسلحو تنظيم داعش في سوريا والعراق».
وعلى الرغم من أن الداعية المتطرف البالغ من العمر 47 عاما قال إنه لا يعد جواز السفر البريطاني الذي يحمله أكثر من جواز للسفر، فإنه أكد أنه لن يسافر إلى سوريا حيث إنه ولد هنا في بريطانيا، وإنه إذا حاول ذلك فإن الشرطة البريطانية ستعتقله. وأضاف أن «هذا لا يعني أننا في طريقنا للتدريب والعودة لتنفيذ عمليات هنا». وأكد تشودري على أن الإسلام لم ينتشر بحد السيف ومضى تشودري بالقول إن بريطانيا ستصبح دولة إسلامية في عام 2050 وسيتم تطبيق الشريعة الإسلامية فيها بشكل كامل. وتابع تشودري بالقول إن الشريعة الإسلامية هي الحل لجميع المشكلات في العالم، موضحا أن «بعض المسلمين ما زالوا غير متفهمين لمفهوم الشريعة بشكل صحيح، حيث يجري التركيز على أحكام الزنا والسرقة والرجم للفتيات اللواتي يرتكبن الفاحشة في حين يتجاهل البعض نظام العدالة الاجتماعية والاقتصادية التي يجب تنفيذها مع أحكام العقوبات»، على حد تعبيره.
تشودري على خطى معلمه الأول بكري في التطرف والتشدد
العالم عنده مقسم إلى فسطاطين.. ويتزعم حملة تطبيق الشريعة في شرق لندن
أنجيم تشودري أمين عام جماعتي «المهاجرون» و«الغرباء»
تشودري على خطى معلمه الأول بكري في التطرف والتشدد
أنجيم تشودري أمين عام جماعتي «المهاجرون» و«الغرباء»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة




