مظاهرات مناهضة لدمشق وحليفها الروسي في إدلب

أنقرة تدعم نقطة مراقبتها في مورك

رجل على كرسي متحرك خلال مظاهرة ضد النظام السوري في إدلب أمس (أ.ف.ب)
رجل على كرسي متحرك خلال مظاهرة ضد النظام السوري في إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

مظاهرات مناهضة لدمشق وحليفها الروسي في إدلب

رجل على كرسي متحرك خلال مظاهرة ضد النظام السوري في إدلب أمس (أ.ف.ب)
رجل على كرسي متحرك خلال مظاهرة ضد النظام السوري في إدلب أمس (أ.ف.ب)

تجمع مئات المتظاهرين الجمعة في محافظة إدلب تنديدا بالنظام السوري وحليفه الروسي، اللذين شنا لأشهر عدة عمليات قصف دامية على شمال غربي سوريا قبل إعلان هدنة، بحسب مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية.
ورفع نحو ألف متظاهر في ساحة رئيسية قرب معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، أعلام المعارضة ولافتات تدعو إلى سقوط النظام وموسكو.
وكتب على إحدى اللافتات «الثورة فكرة والفكرة لا تموت»، في إشارة إلى الحركة الاحتجاجية الشعبية التي اندلعت عام 2011 وتم قمعها بالقوة ما أدى إلى اندلاع النزاع في البلاد.
وتشهد محافظة إدلب والمناطق المجاورة لها الخاضعة لسيطرة الفصائل الجهادية وقفا لإطلاق النار أعلنته موسكو في 31 الشهر الماضي، بعد أربعة أشهر من القصف الذي شنه النظام وحليفه الروسي، ما أسفر عن مقتل أكثر من 960 مدنياً، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

كما تظاهر المئات في مركز محافظة إدلب وحملت امرأة لافتة كتب عليها «أوقفوا إرهاب روسيا».
وتأتي هذه الاحتجاجات بعد أسبوع من مظاهرة مماثلة عند معبر باب الهوى الحدودي، حاول المشاركون فيها عبور الحدود إلى تركيا ما اضطر القوات التركية إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع.
ونشرت تركيا، الداعمة للفصائل المقاتلة، قوات على عشرات نقاط المراقبة في شمال غربي سوريا. وتخشى أنقرة تدفقا جديدا للاجئين إلى حدودها في حال شن النظام هجوما واسعا.
وأعرب بعض المتظاهرين الجمعة عن أسفهم لتقاعس تركيا.
وقال أبو هيثم، أحد المشاركين في المظاهرة الجمعة قرب باب الهوى: «نريد من الحكومة التركية أن تفتح فقط الحدود لإخواننا الذين يعيشون تحت أشجار الزيتون»، في إشارة إلى النازحين الذين فروا من القتال ولم يجدوا مأوى سوى في بساتين الزيتون.
وأضاف: «إن وضعهم محزن».
ومنذ أواخر أبريل (نيسان)، نزح أكثر من 400 ألف شخص بسبب أعمال العنف، وفقا للأمم المتحدة.
وذكرت صحيفة الوطن السورية القريبة من دمشق الأربعاء أن وقف إطلاق النار لن يستمر سوى ثمانية أيام.
ويسيطر فصيل «هيئة تحرير الشام» (تنظيم القاعدة سابقا في سوريا) على محافظة إدلب ومناطق في محافظات حلب وحماة واللاذقية المجاورة لها والتي يعيش فيها نحو ثلاثة ملايين نسمة.
إلى ذلك، قال: «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «استهدفت قوات النظام بعد ظهر الجمعة بعدة قذائف صاروخية أماكن في قرية الركايا بالقطاع الجنوبي من الريف الإدلبي»، لافتا إلى استمرار الهدوء الحذر في عموم منطقة خفض التصعيد.
ودارت اشتباكات متقطعة فجر اليوم الجمعة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المقاتلة والإسلامية من جهة أخرى على محور حلبان جنوب شرقي إدلب، في هجوم للأول على مواقع الأخير في المنطقة، دون معلومات عن الخسائر البشرية حتى الآن.
وعلى صعيد متصل قصفت قوات النظام بعد منتصف الليل وفجر أمس قرى وبلدات التح وكفرسجنة وحاس والعامرية وأم جلال في ريف إدلب الجنوبي والشرقي، وتلال كبانة بريف اللاذقية الشمالي، فيما شهدت أجواء منطقة «خفض التصعيد» تحليقاً مكثفاً لطائرات الاستطلاع، بالإضافة لتحليق طائرة حربية روسية.
وفي السياق ذاته، دخل وقف إطلاق النار الجديد ضمن منطقة خفض التصعيد يومه السابع على التوالي باستمرار توقف القصف الجوي منذ صباح يوم السبت، في حين كان المرصد السوري رصد تراجعا في حدة الخروقات بشكل كبير جداً خلال يوم الخميس؛ حيث رصد قصفاً صاروخياً نفذته قوات النظام على مناطق في كل من العامرية وطبيش بريف إدلب الجنوبي، ومحور كبانة بجبل الأكراد شمال اللاذقية، كما وثق مقتل عنصر من الفصائل الإسلامية متأثراً بجراحه التي أصيب بها في محور كبانة بريف اللاذقية.
ومن جهة أخرى, دفع الجيش التركي بتعزيزات إلى نقطة المراقبة التاسعة الواقعة في مورك شمال حماة ضمن منطقة خفض التصعيد في إدلب التي تضم 12 نقطة مراقبة تركية أنشئت بموجب اتفاق بين تركيا وروسيا وإيران في أستانة. وأرسل الجيش 3 شاحنات تحمل دعماً لوجستياً عبر معر حطاط في ريف إدلب الجنوبي لدعم النقطة التي تحيط بها قوات النظام بعد توغلها في المنطقة مؤخرا بدعم من روسيا، وسيطرتها على مدينة خان شيخون في 23 أغسطس (آب) الماضي.
ونفت تركيا حصار قوات النظام لنقطة مورك، التي سبق أن تعرضت مرارا للقصف من جانب النظام، وأكدت أنها لن تسحب جنودها منها أو من أي منطقة أخرى، وطالبت موسكو وطهران بالعمل على حمل النظام على وقف تحرشاته بنقاط المراقبة في منطقة خفض التصعيد في إدلب.
وأشار الرئيس التركي إلى مباحثات جارية مع موسكو وطهران في هذا الصدد، كما سيجري مباحثات مع نظيره الأميركي دونالد ترمب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الشهر الجاري.
وتعتبر أنقرة التقدم الأخير للنظام في جنوب إدلب انتهاكا لاتفاق سوتشي الموقع مع روسيا في سبتمبر (أيلول) 2018.
وتنعقد في أنقرة في 16 سبتمبر (أيلول) الجاري قمة ثلاثية تضم رؤساء تركيا وروسيا وإيران لبحث التطورات في سوريا وبالأخص التطورات في إدلب، كما تتطرق إلى العملية السياسية وتشكيل لجنة الدستور السوري الجديد.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.