إندونيسيا: مكافحة الإرهاب من أولويات الأمن القومي

منذ تفجيرات بالي عام 2002

دمار وخراب واستنفار أمني عقب تفجيرات بالي 2002 (الشرق الأوسط)
دمار وخراب واستنفار أمني عقب تفجيرات بالي 2002 (الشرق الأوسط)
TT

إندونيسيا: مكافحة الإرهاب من أولويات الأمن القومي

دمار وخراب واستنفار أمني عقب تفجيرات بالي 2002 (الشرق الأوسط)
دمار وخراب واستنفار أمني عقب تفجيرات بالي 2002 (الشرق الأوسط)

في أعقاب تفجيرات بالي التي نفذتها الجماعات الإسلامية عام 2002، أصبح وضع استراتيجية للتعامل مع الإرهاب إحدى أولويات الأمن القومي الأكثر إلحاحاً في إندونيسيا.
ما هي تدابير مكافحة الإرهاب التي اعتمدتها إندونيسيا خلال العقدين الماضيين؟ وهل أثبتت التدابير نجاحها؟
إن تدابير مكافحة الإرهاب التي اتخذتها الحكومة الإندونيسية في أعقاب تفجيرات بالي عام 2002، وما تلاها من اعتداءات شنها متشددون إسلاميون على مدى 18 عاماً، يمكن رؤيتها بوضوح في إطار ما يطلق عليه «نموذج العدالة الجنائية». فقد جرى التعامل مع الإرهاب بوصفه جريمة من خلال ذلك النهج، وقد تبنت الحكومة الإندونيسية استراتيجية فريدة لمكافحة الإرهاب.
وتجري المعركة ضد الإرهاب في الإطار القانوني الحالي، فعند إنشاء «الوكالة الوطنية لمكافحة الإرهاب» عقب تفجيرات جاكرتا عام 2009، كانت تلك هي المرة الأولى التي تتضافر فيها جهود الشرطة والجيش ووكالات الاستخبارات لتأسيس هيئة أكثر تنسيقاً واستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب.
ومع ذلك، فإن «وحدة 88» المعنية بمكافحة الإرهاب والتابعة للشرطة، والتي تأسست في أعقاب هجمات بالي ما بين عامي 2002 و2005، والتي لم تكن تتلقى تعليماتها من «الوكالة الوطنية لمكافحة الإرهاب»، كانت مسؤولة إلى حد كبير عن ملاحقة الإرهابيين المشتبه بهم. وكان الدور المفترض للجيش هو التركيز على منع الإرهاب فقط، ضمن إطار عمل «الوكالة الوطنية لمكافحة الإرهاب».
أصبحت الدعوات لتقليص التدخل العسكري لمكافحة الإرهاب أكثر حدة، منذ أن دعا الرئيس جوكو ويدودو علناً إلى دور أقوى للجيش عام 2017. وفي هذا الصدد، قال محمد سيافي، رئيس اللجنة المكلفة بمراجعة قوانين مكافحة الإرهاب الحالية، إنه يفضل مثل هذا التوجه.
استمرت منظمات حقوق الإنسان الإندونيسية مثل «أمبرايزال» في الإصرار على أنه يتعين على الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو أن يدعم نموذج العدالة الجنائية الحالي، حتى بعد تغيير قوانين مكافحة الإرهاب، وذلك لغرض منع إساءة استخدام القوات المسلحة للسلطة. ولكن نتيجة للسلسلة الكارثية للهجمات بالقنابل التي نفذها المسلحون الإسلاميون في مدينة سورابايا في مايو (أيار) 2018، فقد اتخذ القرار بمنح الجيش دوراً أكبر.
من الأمثلة الرئيسية على ازدياد انخراط الجيش في الحياة «وحدة عمليات تينومبالا» التي تعمل حالياً بمدينة بوسو بوسط إقليم سولاويزي، والتي تأسست عام 2016 كوحدة مشتركة بين الجيش والشرطة، بغرض القضاء على التهديد الذي تشكله جماعة «مجاهدي تيمور الإندونيسية» التي تنشط في المنطقة.
ورغم أن هذه المهمة يمكن اعتبارها مثالاً ناجحاً نسبياً للتعاون المشترك بين الجيش والشرطة، مما أدى إلى أسر وقتل كثير من أعضاء جماعة «مجاهدي تيمور الإندونيسية» فقد كان لذلك أثره الكبير على السكان المحليين؛ حيث أضفى ذلك شرعية على هيمنة الجيش. وأدى ذلك إلى استمرار تمدد «وحدة عمليات تينومبالا»، استناداً إلى أن جماعة «مجاهدي تيمور الإندونيسية» لم يتم تدميرها بالكامل، ولا تزال تجند أعضاءً جدداً. وعلى الرغم من أن هذه المبادرة تدل على تعاون فعال جزئياً، فإن وضع «المهمة المشتركة» أدى إلى حالة من الغموض فيما يتعلق بالكفاءات و«التنافس بين قوات الأمن».
إن حدود معركة مكافحة الإرهاب، يمكن رؤيتها ضمن نموذج العدالة الجنائية، عندما تكون التدابير عند الحدود المشروعة وحتى عند تجاوزها. يعود الفضل في نجاح التدابير في مواجهة المشتبه بهم في العمليات الإرهابية إلى «الوحدة 88»، ومع ذلك فقد اتُّهم أفرادها بانتهاك حقوق الإنسان. قد يؤدي ذلك إلى زيادة تطرف الإرهابيين المشتبه بهم ومؤيديهم؛ لأنهم باتوا يشعرون بأن مثل هذه الأعمال تثبت أن الدولة لا تمثل سيادة القانون. تعد «وحدة عمليات تينومبالا» مثالاً جيداً على ذلك؛ حيث إن «الوحدة 88» متهمة «بإطلاق النار على أهداف لم تظهر أي مقاومة، وبأنها تعاملت بعنف لاستعراض القوة، وعاملت السجناء المشتبه بهم بصورة غير إنسانية، مما أدى إلى تزعزع الثقة في رجال الأمن».
إن «التدابير الدفاعية لمكافحة الإرهاب» تصف التدابير الرامية إلى منع وقوع الهجمات الإرهابية، ويشمل ذلك التشديد على الأهداف المحتملة، بما في ذلك تنظيم ومراقبة حركة المرور، وزيادة التدابير الأمنية خارج المباني والمواقع المهمة المحتمل استهدافها.
في الآونة الأخيرة، أصبح هذا النهج أكثر أهمية لإندونيسيا، على الرغم من أن بعض هذه التدابير وُضعت بعد تفجيرات فندق جاكرتا 2009. وعلى سبيل المثال، بات من الواضح أن الأماكن العامة والوزارات والسفارات المهمة، وكذلك الأماكن الشعبية التي يرتادها السياح الأجانب، تتطلب الحماية وفرض تدابير أمنية إضافية، مثل فحص الأمتعة والمركبات التي تجوب هذه المناطق. يأسف المسؤولون عن صياغة مبادرات مكافحة الإرهاب، لاتخاذهم تدابير أمنية بعد ظهور تنظيم «داعش»، ثبت أنها تتعارض مع قوانين مكافحة الإرهاب التي كانت سارية قبل مايو 2018.
وبحسب بدر الدين هايتي، القائد العام للشرطة الوطنية: «لا يوجد أي نص في القانون الإندونيسي يحظر تنظيم (داعش) بوضوح. والنتيجة هي أنه عندما يدعم بعض الأفراد أو جماعة تنظيماً مثل (داعش)، يتحتم علينا البحث عن تهمة أخرى مبررة لاعتقاله، وإذا لم نتمكن من العثور على اتهام واضح فلن يكون أمامنا سوى إطلاق سراحه».
ولذلك تشعر وحدات مكافحة الإرهاب منذ ذلك الحين، بأن إصلاح قوانين مكافحة الإرهاب في إندونيسيا قد عالج هذه المشكلة بشكل كافٍ. وبموجب القوانين الجديدة التي أدخلت العام الماضي، فقد أصبح من الممكن الآن توجيه الاتهام إلى الإندونيسيين الذين انضموا إلى «داعش» في الخارج، ثم عادوا إلى إندونيسيا لأنهم انضموا إلى منظمة إرهابية أجنبية.
تتضمن تدابير «مكافحة الإرهاب الوقائية» مناهج معقدة ومتنوعة، بما في ذلك أنشطة وكالات الاستخبارات الحكومية في إندونيسيا.

- باحثان في العلوم السياسية في «جامعة دورتماند التكنولوجية» الألمانية. خدمات «تريبيون ميديا».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.