موغابي بطل استقلال زيمبابوي الذي تحوّل إلى طاغية

وجهت له تهم سحق المعارضين وانتهاك القضاء وتزوير الانتخابات

أطفال يلعبون أمام صورة حائطية للزعيم الراحل موغابي في هراري أمس (أ.ب)
أطفال يلعبون أمام صورة حائطية للزعيم الراحل موغابي في هراري أمس (أ.ب)
TT

موغابي بطل استقلال زيمبابوي الذي تحوّل إلى طاغية

أطفال يلعبون أمام صورة حائطية للزعيم الراحل موغابي في هراري أمس (أ.ب)
أطفال يلعبون أمام صورة حائطية للزعيم الراحل موغابي في هراري أمس (أ.ب)

«ببالغ الأسى أنعى لكم الأب المؤسس لزمبابوي والرئيس السابق القائد روبرت موغابي».
بهذه العبارات توجّه «أمرسون منانغاغوا» الرئيس الحالي لزيمبابوي إلى مواطنيه ليعلن وفاة الرجل، الذي وُلدت زمبابوي في ظلّ حركة التحرير التي شارك في تأسيسها، وقادها حتى الاستقلال عام 1980، قبل أن تنحدر في أواخر حكمه الذي دام 37 عاماً إلى أسفل دركات الفقر، وأبشع أشكال القمع والتنكيل بخصومه السياسيين، ليتحول بذلك في نظر عدد كبير من خصومه إلى أكبر طاغية عرفته البلاد.
رحل موغابي عن 95 عاماً على سرير المستشفى، الذي كان يتردّد عليه منذ فترة للعلاج في إحدى أغنى دول العالم، بعد أن جعل من بلاده واحدة من أفقر الدول الأفريقية، وهي التي كانت يطلق عليها «سويسرا أفريقيا»، أو «سلّة غذاء القارة السمراء».
لم يتمكّن موغابي من العيش سنتين خارج السلطة التي أُجبر على مغادرتها عام 2017 تحت ضغط انقلاب عسكري، قاده رفيق نضاله ونائبه طوال ثلاثة عقود، ولم يتسنّى له أن يورّث الحكم لزوجته غريس، التي كان يعدّها لتولّي السلطة بعد مماته.
وُلد روبرت موغابي لأب نجّار وأم مدرّسة، عندما كانت زمبابوي تُعرف باسم روديسيا، التي كان يديرها حفنة من المستعمرين البيض على غرار جارتها جنوب أفريقيا. في فترة الشباب التحق موغابي بجامعة «أونيسا»، حيث بدأ ينخرط في العمل السياسي، وينشط مع حركات التحرّر الوطني، التي كانت قد بدأت تنتشر في طول القارة الأفريقية وعرضها. وفي عام 1963 شارك مع مجموعة من رفاقه في تأسيس «حركة الاتحاد الأفريقي الوطني لتحرير زمبابوي»، التي قادت النضال المسلّح ضد النظام العنصري الاستعماري، الذي كان يرأسه أيان سميث حتى نيل الاستقلال عام 1980، لتصبح الحركة بعد ذلك الحزب السياسي الوحيد، الذي حكم زمبابوي تحت قبضة موغابي الحديدية طوال أربعة عقود تقريبا.
وخلال حرب التحرير أمضى موغابي عشر سنوات في السجن، نال خلالها شهادتين جامعيّتين، وبرز بين رفاقه خطيباً مفوّهاً، لمع في تأليب الجماهير ضد الإمبريالية، ونال شعبية واسعة ليصبح بطلاً قوميّاً بعد الاستقلال، وواحداً من رموز التحرّر في القارة الأفريقية.
لفت موغابي الأنظار في بداية حكمه، عندما سمح لحاكم المستعمرة أيان سميث بالبقاء في البلاد لسنوات، قبل أن يقرّر الانتقال إلى جنوب أفريقيا حيث توفّي عام 2007. ثم عيّن عدداً من البيض في مناصب وزارية وإدارية مهمة، ما دفع بكثير من الدول الغربية إلى الإطراء على قيادته وتقديم المساعدة له، والتغاضي عن تجاوزاته التي كانت تتكرّر بمزيد من القمع والعنف، كالمجزرة التي ارتكبتها قواته المسلّحة في قبائل «نديبيلي»، وأوقعت ما يزيد على 20 ألف قتيل.
تميّزت السنوات العشر الأولى من حكم موغابي بنهضة تعليمية واسعة، وحققت زمبابوي خلالها نمّواً اقتصادياً كبيراً وتقدّماً في قطاع الصحّة والخدمات الاجتماعية. لكنه ما لبث أن بدأ يستشعر خطر المعارضة السياسية، التي كانت قد بدأت تنشط في الأوساط النقابية والطلابية، وبات يرى فيها تهديداً لاستمراره في الحكم، فأطلق حملة واسعة من القمع والتنكيل ضد خصومه، وعدد كبير من رفاقه ومعاونيه الذين كان يشتبه بعدم ولائهم المطلق له، بينما كانت عجلة الاقتصاد تتراجع بسرعة، وتدفع البلاد نحو أزمة خانقة لم تخرج منها حتى اليوم.
وعندما بدأت الدول الغربية تنأى عن مساعدته وتحاصره بالعقوبات الاقتصادية، شهر موغابي سلاح الديماغوغية، وأطلق عملية الإصلاح الزراعي عام 2000، التي كانت بداية انحدار البلاد نحو هاوية اقتصادية، تسببت في مجاعات متكررة، واضطرابات سياسية واجتماعية قمعها موغابي بوحشيّة غير مسبوقة. ويقدَّر عدد البيض الذين خسروا مزارعهم، التي كان إنتاجها يشكّل الركيزة الأساسية للاقتصاد، بأكثر من 4500 مزارع، بعدما قرّر موغابي مصادرة أملاكهم وتوزيعها على رفاقه من المحاربين القدامى في حركة التحرير، وعدد من أنصاره السياسيين.
لكن الانهيار الكبير لزيمبابوي حصل في عام 2008 عندما أدّت الأزمة الاقتصادية الخانقة إلى كارثة إنسانية، استدعت تدخّل كثير من المنظمات الدولية والإقليمية، بينما كان موغابي يمعن في تحدّي الأسرة الدولية، وخاصة بريطانيا والولايات المتحدة، ويواصل قمع المعارضة السياسية، ويدفع بقوات الجيش والشرطة لقمع التحركات الشعبية، التي كانت تنتشر في أنحاء البلاد للمطالبة بالكفّ عن قمع الحرّيات وإجراء انتخابات.
وفي نعيه لموغابي قال الرئيس الحالي أيضاً: «كان واحداً من أبرز أبطال القارة الأفريقية. لقد كرّس حياته لإعتاق شعبه وتمكينه من الإمساك بمصيره، وسيبقى دوره في تاريخ أمتنا وقارتنا محفوراً في ذاكرتنا».
أما الدولة الكبرى الوحيدة التي نعت موغابي بعبارات مشابهة، فهي الصين التي جعلت من تغلغلها في القارة الأفريقية أحد العناوين الرئيسية لسياستها الخارجية، في الوقت الذي يغلي فيه مرجل «هونغ كونغ» على أبوابها.
أما وزير الخارجية البريطاني الأسبق بيتر كارنغتون، الذي أجرى معه مفاوضات حول استقلال البلاد، فقال عنه: «يمكن أن تثير مؤهلاته وفكره الإعجاب (...) لكنه كان منفرا إلى درجة كبيرة».



فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».