تركيا تسيّر دوريات مع أميركا شمال شرقي سوريا

TT

تركيا تسيّر دوريات مع أميركا شمال شرقي سوريا

قال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إن بلاده خططت لبدء تسيير الدوريات البرية المشتركة في «المنطقة الآمنة»، اعتبارا من غد (الاحد)، في وقت قال المتحدث باسم البنتاغون الكوماندوز شون روبرتسون «إن بلاده اتخذت خطوات لتنفيذ أحكام آلية الأمن» في شمال سوريا.
وأضاف أكار أن أنقرة تعتبر عمليات التحليق المروحية المشتركة مع الأميركيين شمال سوريا فرصة لتحديد كل ما يستوجب القيام به في الميدان، بما في ذلك تدمير «التحصينات الإرهابية». من جهته، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، «كانت هناك بعض المشكلات في تنفيذ تلك الآلية ونحن نناقشها مع نظرائنا الأتراك».
روبرتسون الذي لم يعلن عن طبيعة تلك المشكلات بدا واضحا أنه لا يستخدم تسمية «المنطقة الآمنة» بل «آلية الأمن»، على المناطق التي يشملها الاتفاق الأميركي - التركي في شمال سوريا، وهو الخلاف الجوهري الذي يعتقد أنه يقف حائلا دون تطابق وجهات نظر الطرفين حول طبيعة ودور المنطقة المستهدفة ومستقبلها سياسيا وأمنيا.
وفيما أعلنت تركيا أنها بدأت بتسيير دوريات مشتركة جوية وكذلك دوريات على الأرض مع القوات الأميركية في شمال سوريا بحسب أكار، أكد روبرتسون أنه لا توجد دوريات مشتركة أميركية - تركية في أي منطقة غير مدينة منبج السورية في الوقت الحالي، مشيرا إلى استمرار العمليات الجوية المشتركة بين الولايات المتحدة وتركيا، وأنهما سيعلنان بشكل مشترك عن أي عمليات إضافية بمجرد أن تبدأ.
وفي المقابل، كشف روبرتسون أن القوات الأميركية قامت هذا الأسبوع بدوريات في المناطق الحدودية السورية مع شريكتها قوات سوريا الديمقراطية، لتحديد مواقع النقاط المهمة التي حددها حليفنا التركي والتحقق منها على أنها تحصينات لوحدات حماية الشعب. وأضاف أن هذه الإجراءات توضح دعم قوات سوريا الديمقراطية لتنفيذ «إطار آلية الأمان».
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد عبر عن استيائه من البطء الشديد في تنفيذ الاتفاق الذي توصلت إليه بلاده مع الولايات المتحدة حول المناطق الحدودية مع سوريا، وتأكيده بأن تركيا عازمة على البدء فعليا بإنشاء «المنطقة الآمنة» حتى نهاية الشهر، إذا ما استمرت واشنطن في المماطلة في تنفيذ الاتفاق.
وحول هذا الموضوع، قال روبرتسون إن الحوار والعمل المنسق هو السبيل الوحيد لتأمين المنطقة الحدودية بطريقة مستدامة، وضمان استمرار الحملة في جهود التحالف الدولي لهزيمة «داعش»، والحد من أي عمليات عسكرية غير منسقة من شأنها تقويض هذا الاهتمام المشترك، في إشارة ضمنية إلى معارضة الولايات المتحدة أي عملية تهدد تركيا بتنفيذها في شرق الفرات.
من ناحيتها، قالت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في واشنطن سينم محمد لـ«الشرق الأوسط» إن ما اتفق عليه الجانبان الأميركي والتركي هو تنفيذ آلية أمنية وليس منطقة آمنة، وأن قوات سوريا الديمقراطية وافقت على التعاون على هذا الأساس. وأضافت سينم أن البنتاغون كان دائما على علاقة وطيدة مع قوات سوريا الديمقراطية ويعول على دورها الأمني في المنطقة، خصوصا أن الاتفاق الذي تم مع الأتراك هو اتفاق عسكري وليس سياسيا، وبالتالي فإن الحديث عن وجود تباينات بين وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين في التعاطي مع مخرجات الحوار الجاري بين الأطراف الثلاثة، هو خلاف شكلي.
وأكدت سينم أن علاقة جيمس جيفري المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا بتركيا جيدة مثلما هي جيدة مع الأكراد أيضا. لكن جيفري الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في تركيا يحظى بثقة الأتراك لذلك مهمته صعبة في إقناعهم على الاتفاق مع الأكراد وهو حتى الآن الشخص المناسب للقيام بهذه المهمة بحسب قولها.
من جهة ثانية، أكدت مصادر أميركية أن الاتصال الهاتفي الذي جرى بين المتحدث باسم الرئاسة التركي إبراهيم قالن ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، كان بهدف الإعداد للاجتماع المرتقب بين الرئيسين دونالد ترمب ورجب طيب إردوغان، على هامش أعمال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في النصف الثاني من الشهر الجاري.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.