«الحشد الشعبي» يشكّل مديرية للقوة الجوية

محاكمة قادة كبار في الجيش العراقي بتهم فساد

عناصر من الحشد الشعبي (رويترز)
عناصر من الحشد الشعبي (رويترز)
TT

«الحشد الشعبي» يشكّل مديرية للقوة الجوية

عناصر من الحشد الشعبي (رويترز)
عناصر من الحشد الشعبي (رويترز)

أعلن نائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» في العراق أبو مهدي المهندس عن تشكيل مديرية للقوة الجوية تابعة للهيئة، وسط تزايد غارات «مجهولة» على مخازن ومواقع تابعة لـ«الحشد» يضعها مراقبون في إطار المواجهة الأميركية - الإيرانية.
وقالت وثيقة وقعها المهندس: «استناداً إلى الأمر الديواني المرقم 79 لسنة 2014 والمبلغ إلينا بكتاب مكتب رئيس الوزراء والمؤرخ في 8-9-2014 والصلاحيات المخولة إلينا، ولمقتضيات المصلحة العامة، نسبنا تشكيل مديرية القوة الجوية ويكلف صلاح مهدي حنتوش مديراً للمديرية بالوكالة للتنفيذ من تاريخه أعلاه».
وكان لافتاً صدور الأمر بتوقيع نائب رئيس الهيئة أبو مهدي المهندس وليس رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة أو رئيس الهيئة فالح الفياض، ما قد يعكس أحد جوانب الخلاف داخل الهيئة منذ تناقض التصريحات بين الفياض والمهندس على خلفية قصف مخازن «الحشد» قبل أسابيع. وكان المهندس وجه أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى إسرائيل متوعداً بالرد، بينما انسجم الفياض مع رؤية الحكومة العراقية التي لا تزال تنتظر النتائج النهائية للتحقيقات.
وقال الخبير الأمني هشام الهاشمي إن تشكيل القوة الجوية الجديدة «سيزيد من حرج رئيس الوزراء كثيراً مع الأميركيين، خصوصاً إذا ما تم شراء المنظومة خارج لجنة التسليح الخاصة بوزارة الدفاع لأنه لا أحد يبيع السلاح للحشد الشعبي خارج هذه اللجنة إلا الإيرانيون». غير أنه رأى أن الخطوة «تفرض نفسها وتؤكد أن معسكرات الحشد الشعبي تعاني من اعتداءات خارجية وبالتالي فإنها تريد الدفاع عن نفسها من خلال شراء منظومة دفاع جوي تكون ضمن أملاك عملياتها العسكرية».
إلى ذلك، أحال وزير الدفاع العراقي حازم الشمري عدداً من كبار الضباط والقادة في الجيش إلى المحاكم العسكرية بتهم فساد. وقال بيان مقتضب لوزارة الدفاع أمس إن الوزير «أمر بإحالة عدد من الضباط والقادة وبرتب كبيرة إلى المحاكم العسكرية المختصة بتهم تتعلق بالفساد» من دون ذكر المزيد من التفاصيل.
وكشف مصدر مطلع في تصريح صحافي أن «بعض القادة المحالين للمحاكم العسكرية متورطون بعقود التسليح، وبينهم 4 قادة كبار برتبة فريق أول، إضافة إلى المفتش العام لوزارة الدفاع».
وفي أول حكومة تم تشكيلها برئاسة إياد علاوي بعد حكومة مجلس الحكم برئاسة الحاكم المدني الأميركي بول بريمر، اتهم وزير الدفاع الأسبق حازم الشعلان بتهم فساد وصدرت بحقه أحكام غيابية. وفي الوقت نفسه صدرت أحكام غيابية بحق المدير العام لوزارة الدفاع الأسبق زياد القطان الذي اعتقل العام الماضي في عمان من قبل «إنتربول» وأودع السجن بتهم فساد بمئات ملايين الدولارات.
وقال النائب عن «حركة إرادة» حسين عرب لـ«الشرق الأوسط» إن «الإجراء الذي أقدم عليه وزير الدفاع جيد ومسؤول ويتطلب الوقوف معه من قبل الجميع». وأضاف أن «هذا الإجراء ينطوي على مسائل مهمة على كل الأصعدة التي تخص المؤسسة العسكرية بعد أن كثر الحديث عنها في السنوات الأخيرة بشأن ملفات الفساد في جوانب عديدة من عملها».
وعما إذا كان هذا القرار سيتم تنفيذه بشكل صحيح من دون ضغوط، يقول عرب إن «هناك بوادر انقسام داخل الكتل السياسية بشأن ذلك، وقد بدأت الضغوط بالفعل باتجاه عرقلة الجهود التي يقوم بها الوزير وبالتالي ربما يصعب تطبيق القرار وفقاً لما نأمل لأن حملة الضغوط بدأت بالفعل على الوزير». ولفت إلى أن «الفاسدين والمرتشين سواء كانوا داخل الوزارة أو خارجها ممن لديهم روابط وعلاقات مع قادة وضباط سيبدأون بشن حملة ضد قرار الوزير».
وقال هشام الهاشمي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الوزير شجاع بحد ذاته، ففي حال المضي في تطبيقه من دون عوائق أو ضغوط ستكون له تداعيات إيجابية على عمل المؤسسة العسكرية». وأضاف أن «هذا الإجراء سيساعد برنامج رئيس الوزراء ويتوافق مع إرادة القضاء ومزاج الشعب الغاضب من الفاسدين».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.