«اتصال هاتفي» يعيد الحرارة لمفاوضات التجارة الأميركية ـ الصينية

بكين تتخذ إجراءات جديدة للإنعاش وسط ضغط اقتصادي

أعلنت بكين أمس عن جولة جديدة من مفاوضات التجارة مع واشنطن الشهر المقبل  (رويترز)
أعلنت بكين أمس عن جولة جديدة من مفاوضات التجارة مع واشنطن الشهر المقبل (رويترز)
TT

«اتصال هاتفي» يعيد الحرارة لمفاوضات التجارة الأميركية ـ الصينية

أعلنت بكين أمس عن جولة جديدة من مفاوضات التجارة مع واشنطن الشهر المقبل  (رويترز)
أعلنت بكين أمس عن جولة جديدة من مفاوضات التجارة مع واشنطن الشهر المقبل (رويترز)

على الرغم من تبادل فرض الرسوم الجمركية، أعلنت وزارة التجارة الصينية الخميس أنّ المفاوضين الصينيين والأميركيين سيعقدون في واشنطن في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) المقبل جولة جديدة من المفاوضات بينما بدأت الحرب التجارية بينهما تضر باقتصاديهما. وهذه المفاوضات كان مقرّراً أصلاً عقدها في سبتمبر (أيلول) الجاري في موعد غير محدد، لكن مجرد الإبقاء على الاتصالات كان كافيا لطمأنة الأسواق. وفضلت أسواق المال رؤية الجانب الإيجابي من المسألة على الرغم من تأجيل المحادثات شهرا.
وقالت وزارة التجارة في بيان مقتضب إنّ كبير المفاوضين الصينيين ليو هي تواصل هاتفيا صباح الخميس (بتوقيت بكين) مع كل من ممثّل التجارة الأميركية روبرت لايتهايزر ووزير الخزانة ستيفن منوتشين.
وأشارت تقارير إلى أن فريقي العمل للجانبين سيجريان مشاورات جادة في منتصف سبتمبر للتحضير الكامل للمحادثات رفيعة المستوى وتحقيق تقدم كبير.. وشارك في المحادثة الهاتفية وزير التجارة الصيني تشونغ شان ومحافظ بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) يي غانغ ونائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح نينغ جي تشه.
وأعربت الصين الخميس عن أملها في إحراز تقدم جوهري في الجولة الثالثة عشرة من المشاورات الاقتصادية الصينية الأميركية المقررة أوائل أكتوبر المقبل، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنها لم تفكر في سحب شكواها ضد واشنطن بشأن الرسوم الجمركية الإضافية.
وقال المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية غاو فنغ إن الجانبين سيتباحثان حول ترتيبات الجولة الثالثة عشرة من المشاورات الاقتصادية والتجارية رفيعة المستوى التي ستعقد في واشنطن أوائل الشهر القادم، سعيا وراء تحقيق تقدم جوهري، وهو ما يتطلب من الجانبين الاستعداد الكامل. وحول الشكوى التي تقدمت بها الصين إلى منظمة التجارة العالمية بشأن فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية على صادرات صينية تبلغ قيمتها 300 مليار دولار، أكد فنغ أن بلاده لم تفكر في سحب هذه الشكوى، وأن القرار الأميركي يخالف قواعد التجارة الحرة وآلية التجارة متعددة الأطراف. وأضاف فنغ أن الصين قدمت هذه الشكوى بهدف حماية حقوقها ومصالحها المشروعة والدفاع عن آلية التجارة متعددة الأطراف.
وجاءت هذه المحادثات بعد خمسة أيام على بدء تطبيق رسوم جمركية متبادلة بين البلدين. وستطبق الولايات المتحدة بحلول منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل رسوما جمركية عقابية على كل السلع الصينية المستوردة تقريبا. وردت الصين بزيادة الرسوم التجارية المفروضة على بضائع أميركية بقيمة 75 مليار دولار.
وتصاعد التوتر فجأة الثلاثاء. فقد وعد الرئيس دونالد ترمب بكين بحرب تجارية أقسى إذا أعيد انتخابه. وتوقع الرئيس الأميركي «نزيف وظائف» في الصين من دون أن يأخذ في الاعتبار أن الصناعيين الأميركيين يعانون من آثار سياسته الحمائية. لكن خبراء اقتصاد في معهد بترسن للاقتصادات الدولية، المركز الفكري الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، شكك في تأكيدات ترمب.
وقالوا في تقرير إن الوظائف في قطاع الصناعات التحويلية في الصين تراجعت العام الماضي «لكن بوتيرة أبطأ مما حدث بين 2014 و2017 قبل فرض الرسوم الجمركية». وأضافوا أن «حجم زوال الوظائف الذي ينسب بشكل مباشر إلى الحرب التجارية يبقى ضئيلا».
ويهدد النزاع التجاري بين واشنطن وبكين الذي بدأ العام الماضي، حاليا النمو في أول اقتصادين في العالم. وقال جورج جو، من وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني إن «التصعيد التدريجي لكن المتواصل للخلاف التجاري بين الصين والولايات المتحدة يضر أساسا بالنشاط الاقتصادي» في البلدين والعالم، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وخفضت مراكز كثيرة في الأيام الماضية تقديراتها لنمو الصين العام المقبل إلى أقل من 6 في المائة، مقابل 6.6 في المائة في 2018، فيما يعد أبطأ وتيرة خلال نحو ثلاثين عاما. وتباطأ نشاط الصناعات التحويلية في الصين في أغسطس (آب) الماضي أيضا للشهر الرابع على التوالي، حسب مؤشر رسمي، في أجواء من ضعف الطلب الداخلي. وفي مؤشر إلى الضغط الذي يتعرض له اقتصادها، أعلنت بكين الأربعاء عن إجراءات جديدة للإنعاش بعد اجتماع برئاسة رئيس الوزراء لي كه تشيانغ بينما «تتعرض الصين لضغط اقتصادي باتجاه الانخفاض»، كما اعترفت وكالة أنباء الصين الجديدة.
ودعت الحكومة إلى خفض عتبة الاحتياطي الإلزامي للمصارف لتسهيل القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعد الأكثر حيوية في التوظيف لأنها مستبعدة إلى حد كبير من القروض، خلافا للمجموعات العامة الأخرى مع أن مردوديتها قليلة. وأوضح بيان صدر عقب الاجتماع أن الاقتصاد الصيني حققا نموا مستقرا على وجه العموم، محرزا مزيدا من التقدم خلال النصف الأول من العام الجاري، لافتا إلى أن الضغط الاقتصادي النزولي يتزايد أمام الصين في ضوء ما تتسم به البيئة الخارجية من تعقيد وتحديات متزايدة. وأضاف أنه يتعين تعزيز الجهود الرامية إلى ضمان استقرار الأداء الاقتصادي عبر الاستغلال الفعال لسياسات التكيف لمواجهة التقلبات الدورية والتدابير المستهدفة. وسيجري العمل من أجل الحفاظ على مستوى التضخم الاستهلاكي مستقرا في عمومه، بما يضمن استقرار الإمدادات واستقرار أسعارها، وتوسيع نطاق الاستثمار الفعال في الوقت ذاته، مع إصدار جميع السندات الحكومية المحلية في حدود الحصة المقررة لهذا العام بحلول نهاية سبتمبر.
ولفت البيان أيضا إلى أن الصين تعتزم مواصلة تنفيذ سياسة نقدية حكيمة مع إجراء تعديلات استباقية وضبط دقيق. وسيجري تفعيل بعض الأدوات السياسية على نحو سريع، مثل خفض نسب الاحتياطي الإلزامي على نحو شامل ومحدد الهدف، حتى يتم تشجيع المؤسسات المالية على توجيه مزيد من رأس المال إلى التمويل الشامل، مما يعزز دعم الاقتصاد الحقيقي ولا سيما الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر.
وحث الاجتماع على تسريع وتيرة إصدار السندات الحكومية المحلية الخاصة واستخدامها، وتقرر أيضا إصدار حصة إضافية من سندات العام المقبل قبل الموعد الأصلي.



مصر: نظام ضريبي جديد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لجذب ممولين جدد

وزير المالية خلال لقائه مع رئيس وأعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين (وزارة المالية المصرية)
وزير المالية خلال لقائه مع رئيس وأعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين (وزارة المالية المصرية)
TT

مصر: نظام ضريبي جديد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لجذب ممولين جدد

وزير المالية خلال لقائه مع رئيس وأعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين (وزارة المالية المصرية)
وزير المالية خلال لقائه مع رئيس وأعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين (وزارة المالية المصرية)

أكد وزير المالية المصري، أحمد كجوك، أن أولويات بلاده المالية والضريبية تُشكِّل إطاراً محفّزاً للاستثمار، ونمو القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، موضحاً أن الحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية تعالج بشكل عملي ومبسط تحديات كثيرة تواجه كبار الممولين وصغارهم، في مسار جديد من الثقة والشراكة والمساندة مع المجتمع الضريبي يبدأ بعودة نظام الفحص بالعينة لجميع الممولين.

وقال، في حوار مفتوح مع رئيس وأعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين، إنه سيتمّ تبسيط منظومة رد ضريبة القيمة المضافة، ومضاعفة المبالغ المسددة إلى الممولين، وتقديم حلول محفّزة لإنهاء النزاعات الضريبية بالملفات القديمة، لافتاً إلى أن الغرامات لا تتجاوز أصل الضريبة، وهناك نظام متطور للمقاصة الإلكترونية بين مستحقات ومديونيات المستثمرين لدى الحكومة؛ على نحو يُسهم في توفير سيولة نقدية لهم.

وأضاف الوزير أنه «سيتمّ قريباً جداً، إقرار نظام ضريبي مبسّط للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال والمهنيين حتى 15 مليون جنيه يجذب ممولين جدداً، حيث يتضمّن حوافز وإعفاءات، وتيسيرات جديدة تشمل كل الأوعية الضريبية: الدخل والقيمة المضافة والدمغة ورسم تنمية موارد الدولة، بما في ذلك الإعفاء من ضرائب الأرباح الرأسمالية وتوزيعات الأرباح والدمغة ورسوم الشهر والتوثيق أيضاً».

وأكد كجوك، التزام وزارته بتوسيع نطاق وزيادة تأثير السياسات المالية في الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية والصناعية والتصديرية، موضحاً أنه سيتمّ صرف 50 في المائة من مستحقات المصدرين نقداً على مدار 4 سنوات مالية متتالية، بدءاً من العام الحالي بقيمة تصل إلى 8 مليارات جنيه سنوياً، ولأول مرة يتمّ سداد مستحقات المصدّرين في 2024-2025 خلال العام نفسه، وقد تمّ بدء سداد أول قسط للمصدّرين في شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

وأشار إلى أنه ستتمّ تسوية 50 في المائة من متأخرات هؤلاء المصدّرين بنظام المقاصة مع مديونيّاتهم القديمة والمستقبليّة لدى الضرائب والجمارك وشركتي الكهرباء والغاز.

وأوضح أن الشركات الصناعية تبدأ الحصول على التسهيلات التمويلية الميسّرة لدعم خطوط الإنتاج خلال الأسابيع المقبلة، لافتاً إلى أن الخزانة العامة للدولة تُسهم في تمويل هذه المبادرة، وتتحمّل فارق سعر الفائدة، لزيادة الطاقة الإنتاجية وتعزيز النمو الاقتصادي.

من جانبه، أكد رئيس الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين، الدكتور محرم هلال، أن الحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية تُسهم في معالجة الكثير من التحديات، وتمهّد لبناء علاقة جديدة من الثقة بين مجتمع الأعمال ومصلحة الضرائب.

على صعيد آخر، عقدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، رانيا المشاط، اجتماعاً افتراضياً مع نائبة المدير العام للمفوضية الأوروبية، مديرة العلاقات الاقتصادية والمالية الدولية في المفوضية والإدارات المعنية بالمفوضية الأوروبية، إيلينا فلوريس، وذلك في إطار الدور الذي تقوم به الوزارة لتنفيذ الشق الاقتصادي في إطار الشراكة الاستراتيجية المصرية - الأوروبية، والإعداد لبدء التفاوض بشأن المرحلة الثانية من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم عجز الموازنة بقيمة 4 مليارات يورو، والإجراءات المزمع تنفيذها في إطار الشق الاقتصادي الخاص بالإصلاحات الهيكلية.

وتطرّقت الوزيرة إلى المتابعة والتنسيق مع 9 جهات وطنية ووزارات، والجانب الأوروبي فيما يخص المرحلة الأولى، التي بموجبها أتاح الاتحاد الأوروبي تمويلاً ميسّراً بقيمة مليار يورو لمساندة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المحفّزة للقطاع الخاص في مصر، موضحة أن الوزارة ستنسّق مع الجهات الوطنية والجانب الأوروبي فيما يتعلق بالشق الاقتصادي الخاص بالمرحلة الثانية، مؤكدة أن الوزارة تعمل على تعظيم العائد من ضمانات الاستثمار وتعريف الجهات الوطنية والقطاع الخاص بكيفية الاستفادة منها من أجل وضع الأولويات.

جدير بالذكر أن الحزمة المالية الأوروبية في إطار الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي تضم 6 أولويات مشتركة تتمثّل في تعزيز العلاقات السياسية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، والترويج للاستثمار والتجارة، وتعزيز أطر الهجرة والتنقل، ودعم الأمن، وتعزيز المبادرات التي تركّز على الإنسان بوصفها مطورة المهارات والتعليم.