الجنيه الإسترليني يدفع ثمن «بريكست» غالياً

احتمالات هبوطه أكبر من فرص تماسكه أو صعوده

متظاهرة مناهضة لخطط «بريكست بلا اتفاق» تحمل لافتة «لا لمزيد من التقشف» خارج مبنى البرلمان البريطاني (أ.ب)
متظاهرة مناهضة لخطط «بريكست بلا اتفاق» تحمل لافتة «لا لمزيد من التقشف» خارج مبنى البرلمان البريطاني (أ.ب)
TT

الجنيه الإسترليني يدفع ثمن «بريكست» غالياً

متظاهرة مناهضة لخطط «بريكست بلا اتفاق» تحمل لافتة «لا لمزيد من التقشف» خارج مبنى البرلمان البريطاني (أ.ب)
متظاهرة مناهضة لخطط «بريكست بلا اتفاق» تحمل لافتة «لا لمزيد من التقشف» خارج مبنى البرلمان البريطاني (أ.ب)

واصلت أسعار الجنيه الإسترليني التعافي لليوم الثالث على التوالي خلال تعاملات أمس الخميس، بعدما كان هبط سعر صرف الجنيه إلى أدنى مستوى منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016 متأثرا بآخر تطورات قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
فتعقيدات «بريكست» دفعت العملة البريطانية إلى هبوط جديد تحت 1.2 دولار للجنيه الثلاثاء الماضي. وإذا استثنينا الهبوط الصارخ في 7 أكتوبر (تشرين الأول) إلى مستوى 1.149 دولار وبنسبة تراجع بلغت 9.6 في المائة في غضون 40 ثانية عاد بعدها الجنيه إلى الصعود، فإن سعر الثلاثاء الماضي يعد الأدنى منذ عام 1985، وتبقي التقلبات سيدة الموقف في موازاة زيادة حالة اللايقين بشأن كيفية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والأزمة السياسية الناتجة عن ذلك.
ووفق بعض محللي أسواق النقد، فإن الخروج من دون اتفاق في نهاية الشهر القادم هو السيناريو الأسوأ بالنسبة للجنيه، وتمنح الأسواق وقوع أو تحقق هذا السيناريو الصعب نسبة 60 إلى 65 في المائة. وفي مواقع المراهنات على شبكة الإنترنت فإن النسبة 45 في المائة كما تؤكد «أركيرا» المؤسسة المتخصصة في هذا المجال.
أما محللو وكالة «بلومبيرغ» فيتوقعون مستوى 1.23 دولار للجنيه مع نهاية العام، مقابل توقعات أكثر تشاؤماً لعدة مصارف مثل «ميتسوبيشي يو إف جي فايننشال» و«باركليز» بتوقعات مستويات صرف تراوح بين 1.09 و1.10 دولار مع نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل إذا وقع الطلاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
وتشير تقارير صادرة عن «دوتشيه بنك» إلى أن احتمالات الهبوط الإضافي للجنيه الإسترليني أعلى من احتمالات الارتفاع، وباتت العملة أكثر تأثرا بالتقلبات حالياً مما كانت عليه قبل أسابيع، فسعر صرف العملة البريطانية الذي كان بدأ القفز في المجهول غداة استفتاء «البريكسيت» في عام 2016، هو الآن في حالة لا توازن قل نظيرها.
وفقد الجنيه هذه السنة 6 في المائة مقابل الدولار، و5 في المائة مقابل الفرنك السويسري، و9 في المائة مقابل الين الياباني، و1.6 في المائة مقابل اليورو. وتقول مصادر صناديق التحوط إنها متشائمة حيال سعر صرفه باستثناء صندوق واحد اسمه «كريسبين أوديه» الذي راهن على عودة الجنيه إلى الصعود بعدما هبط بقوة في أكتوبر 2016، وربح من الرهان 220 مليون إسترليني... ولا يراهن الصندوق حاليا على السقوط، وفقا لما جاء في صحيفة «التليغراف».
وفي حال الانتخابات المبكرة، سيعيد ذلك الصندوق شراء مراكز كان باعها ليحقق الأرباح منها، ويتوقع للسعر أن يستقر بين 1.22 و1.24 دولار مقابل الجنيه، لأن سعر الصرف استفاد من مرة سابقة مشابهة عندما أعلنت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي انتخابات مبكرة وصعد بين 1.5 و2 في المائة مقابل الدولار آنذاك.
وتنعكس حالة اللايقين السياسي في قناعات المستثمرين ثم قراراتهم، فنسبة 44 في المائة من عملاء وزبائن بنك «نومورا» الياباني العالمي يعتقدون أن بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي في الموعد المحدد، مقابل 56 في المائة تعتقد أن مهلة جديدة ستضاف لهذا الاستحقاق لتأجيله. ومن يعتقد بحدوث الطلاق في موعده يؤكد أنه سيحصل من دون اتفاق، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر بالنسبة للاقتصاد البريطاني والأسواق المالية، علما بأن لديهم بعض الثقة ببنك إنجلترا (المركزي البريطاني) لجهة إمكان تدخله في أسواق النقد عند الضرورة لحماية الجنيه من أي هبوط حاد كبير.
والخروج من دون اتفاق سيكلف ناتج الاقتصاد البريطاني 2.5 نقطة خلال سنتين إلى 3 سنوات كما يؤكد الاقتصاديون في «سيتي بنك»، ويضيف هؤلاء في تقرير صدر الأسبوع الماضي أن النمو سيضمحل في 2020 و2021، وأن سعر صرف الجنيه سيفقد 5 في المائة إلى 10 في المائة.
ولإخراج البلاد من هذا المأزق، قد يلجأ البنك المركزي إلى خفض معدلات الفائدة إلى صفر في المائة تدريجيا من الآن حتى عام 2022 ويعيد إطلاق برنامج تحفيزي أو تيسيري لشراء الأصول بمعدل 50 مليار جنيه شهريا. وإذا كان هبوط العملية أكبر من التوقعات بكثير؛ فلا يمكن استبعاد أزمة ميزان مدفوعات تدفع البنك المركزي إلى اتجاه معاكس تماما، أي رفع الفائدة.. ما قد يفاقم الأزمة أكثر، وفقا لتقرير «سيتي بنك».



كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)
أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)
TT

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)
أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم، مع ارتفاع أسعار المعدن المشعّ، استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية التي تهدد الإمدادات، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

وقد توقعت شركة «كاميكو»، أكبر منتج في البلاد، أن يقفز إنتاج اليورانيوم بمقدار الثلث تقريباً في عام 2024 إلى 37 مليون رطل في منجميها بقلب صناعة اليورانيوم في البلاد، شمال ساسكاتشوان.

ووفقاً لبنك الاستثمار «آر بي سي كابيتال ماركتس»، فإن المناجم والتوسعات الجديدة التي تخطط لها الشركة، وكذلك مناجم «دينيسون»، و«أورانو كندا»، و«بالادين إنرجي» و«نيكسجين إنرجي» في المنطقة نفسها، يمكن أن تضاعف الإنتاج المحلي بحلول عام 2035.

وقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية في كندا، جوناثان ويلكينسون، إن الاستثمار في سوق اليورانيوم في البلاد بلغ أعلى مستوى له منذ 20 عاماً، مع ارتفاع الإنفاق على التنقيب وتقييم الرواسب «بنسبة 90 في المائة ليصل إلى 232 مليون دولار كندي (160 مليون دولار أميركي) في عام 2022، و26 في المائة إضافية في عام 2023، ليصل إلى 300 مليون دولار كندي».

أضاف: «لا تقوم كندا باستخراج ما يكفي من اليورانيوم لتزويد مفاعلاتنا المحلية بالوقود فحسب، بل نحن أيضاً الدولة الوحيدة في مجموعة الدول السبع التي يمكنها تزويد اليورانيوم، لتزويد مفاعلات حلفائنا بالوقود. وتصدّر كندا كل عام أكثر من 80 في المائة من إنتاجنا من اليورانيوم، مما يجعلنا دولة رائدة عالمياً في هذه السوق».

أسعار اليورانيوم

تتسابق هذه الصناعة للاستفادة من الارتفاع الكبير في أسعار اليورانيوم التي ارتفعت فوق 100 دولار للرطل في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، وهو مستوى لم نشهده منذ عام 2008. وعلى الرغم من انخفاضها منذ ذلك الحين إلى 73 دولاراً للرطل، فإنه لا يزال أعلى بكثير من المتوسط الذي يقل عن 50 دولاراً سنوياً على مدار العقد الماضي.

ويمثل هذا التوسع تحولاً في صناعة اليورانيوم في كندا، التي كانت أكبر منتج للمعدن في العالم (المكون الرئيسي للوقود النووي) حتى عام 2008، لكنها تقلَّصت عندما انخفضت الأسعار في أعقاب كارثة «فوكوشيما» في اليابان عام 2010 التي دمَّرت الصناعة النووية في الغرب، وفق الصحيفة البريطانية.

وضع كازاخستان

وقد ساعد الانكماش شركة «كازاتومبروم»، وهي شركة كازاخستانية مملوكة للدولة، على تعزيز مكانتها كأكبر منتج في العالم. وبحلول عام 2022، أنتجت كازاخستان 43 في المائة من إجمالي اليورانيوم المستخرج (وهي الحصة الأكبر على مستوى العالم)، وجاءت كندا في المرتبة الثانية بنسبة 15 في المائة، تليها ناميبيا بنسبة 11 في المائة، وفقاً لـ«الرابطة النووية العالمية».

لكن الزخم قد يتحوّل لصالح كندا؛ حيث من المتوقَّع أن يرتفع الطلب على اليورانيوم بعد تعهُّد 31 دولة بمضاعفة نشر الطاقة النووية 3 مرات، بحلول عام 2050، لمعالجة تغيُّر المناخ.

وتتجه شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل «أمازون» و«غوغل» و«ميتا»، أيضاً إلى الطاقة النووية لتشغيل مراكز البيانات المتعطشة للطاقة، لأن الوقود لا ينتج غازات الدفيئة.

وتُقدِّر شركة «نكست جين»، التي تعمل على تطوير منجم «روك 1» في حوض أثاباسكا شمال ساسكاتشوان، أنها يمكن أن تفوق إنتاج كازاخستان في غضون السنوات الـ5 المقبلة، مما يعزز أمن الطاقة للصناعة النووية في الغرب.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «نكست جين»، لي كوريير: «مشروعنا لديه القدرة على رفع كندا مرة أخرى إلى الصدارة، المنتج الأول لليورانيوم في العالم».

وأضاف أن شركات مرافق الطاقة في الولايات المتحدة تصطف لشراء اليورانيوم من مشروع «روك 1»، الذي هو في المراحل النهائية من التصاريح، ويمكن أن يبدأ البناء في منتصف عام 2025، إذا تم تأمين الموافقات والتمويل.

وتتوقع شركة «نكست جين» أن يكلف المنجم 1.6 مليار دولار أميركي، ويُنتِج 30 مليون رطل من اليورانيوم سنوياً عند الإنتاج الكامل، أي ما يقرب من خُمس الإنتاج العالمي الحالي.

وفي الوقت نفسه، تقوم شركة «دينيسون» بتطوير مشروع «ويلر ريفر»، كما تقوم شركة «بالادين للطاقة» بتطوير بحيرة باترسون، وكلاهما في ساسكاتشوان، ويمكنهما معاً إنتاج ما يصل إلى 18 مليون رطل من اليورانيوم سنوياً.

وتدرس شركة «كاميكو» زيادة الإنتاج في مشروع «ماك آرثر ريفر» بأكثر من الثلث ليصل إلى 25 مليون رطل سنوياً.

وقال غرانت إسحاق، المدير المالي لشركة «كاميكو»: «لم نشهد رياحاً خلفية كهذه من قبل. ليس هناك شك في أن هناك طلباً متزايداً على اليورانيوم».

وقال محللون في بنك «بي إم أو كابيتال ماركتس» الاستثماري إن الاهتمام التكنولوجي الكبير بالطاقة النووية «يفتح الأبواب أمام مجموعة كبيرة من الاستثمارات الخاصة، بالإضافة إلى السياسات الحكومية الإيجابية المتزايدة»، ويمثل «عودة الاهتمام باليورانيوم».

وأشاروا في مذكرة صدرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى أنه «يبدو أن الحديث قد تجاوز مرحلة كسب الدعم الحكومي والعام الحاسم إلى مرحلة التمويل».

وعلى الرغم من أن منتجي اليورانيوم في أستراليا والولايات المتحدة وعدد من البلدان الأخرى يخططون أيضاً لتوسعات مناجم اليورانيوم، فإنها على نطاق أصغر بكثير من تلك الموجودة في كندا وكازاخستان.

وفي الوقت نفسه، اصطدمت قدرة كازاخستان على التوسُّع أكثر استجابةً للطلب المتزايد بعدد من العقبات؛ فقد شهدت شركة «كازاتومبروم»، التي تمثل 23 في المائة من الإنتاج العالمي، تعثُّر قدرتها على زيادة الإنتاج، العام الماضي، بسبب نقص حامض الكبريتيك الذي يُستخدَم في عمليات التعدين بالغسل.

كما جعلت التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022 من الصعب على الشركة إمداد الدول الغربية.

وفي أغسطس (آب)، حظرت الولايات المتحدة واردات اليورانيوم الروسي كجزء من جهودها لأمن الطاقة، على الرغم من وجود إعفاءات حتى عام 2027 لبعض العقود التي تُعتبر حيوية. وردَّت موسكو بفرض قيود مماثلة على تصدير اليورانيوم إلى الولايات المتحدة.

وتعتبر الصين أكبر مشترٍ لليورانيوم الكازاخستاني، وقد اشترت في 17 ديسمبر (كانون الأول) حصصاً في بعض الرواسب التي طورتها «كازاتومبروم» و«روساتوم» الحكومية الروسية للطاقة النووية.

وقال رئيس مجموعة الأبحاث «يو إكس سي»، جوناثان هينز، إن «تسارع اتجاه معظم اليورانيوم الكازاخستاني المتجه شرقاً، والصين على وجه الخصوص، قد يكون بمثابة جرس إنذار لشركات المرافق الغربية».

وقال إسحاق من «كاميكو» التي تمتلك 40 في المائة من «إنكاي» إن سوق اليورانيوم العالمية تعاني حقاً من انقسام لم يكن موجوداً من قبل. وقال إسحاق إن الحرب في أوكرانيا دفعت بعض شركات المرافق الغربية إلى التحول عن الإمدادات المرتبطة بروسيا، بينما كانت شركات أخرى تنتظر لمعرفة مدى تقدُّم الصراع قبل اتخاذ القرارات النهائية.

ويعني هذا التأخير أن شركة «كاميكو» لم تتخذ بعد قراراً استثمارياً نهائياً بشأن أحدث توسعاتها المقترحة في موقع «ماك آرثر ريفر» بساسكاتشوان.

وقال: «هذه ليست سوقاً من نوع (قم بالبناء وسيأتون)»، مضيفاً أن التأخير أدى فقط إلى زيادة الطلب وزيادة خطر حدوث أزمة في العرض وارتفاع الأسعار في السنوات اللاحقة.