المغرب: اعتقال صحافية في قضية أخلاقية يثير جدلاً

نشطاء انتقدوا انتهاك الخصوصية... وطالبوا بإطلاق سراحها

TT

المغرب: اعتقال صحافية في قضية أخلاقية يثير جدلاً

نددت نقابة الصحافيين المغاربة، أمس، بما وصفته «حملة تشهير» تتعرض لها صحافية مغربية، اعتقلت على خلفية قضية أخلاقية، ما أثار جدلاً واسعاً في المغرب بين المنددين بانتهاك الخصوصية والشامتين.
وانتقدت النقابة، في بيان، عدم احترام بعض المنابر الإعلامية مبادئ وأخلاقيات المهنة، ودعت إلى احترام قرينة البراءة والتصدي لهذه «الممارسات المشينة والمسيئة للمهنة».
وكانت الصحافية هاجر الريسوني، التي تعمل في صحيفة «أخبار اليوم» قد اعتقلت السبت الماضي، وجرى إيداعها السجن على خلفية تهم تتعلق بالفساد والإجهاض. وحسب موقع «اليوم 24»، التابع لصحيفة «أخبار اليوم»، فإن الريسوني اعتقلت عندما كانت تغادر عيادة طبيب نساء رفقة خطيبها، الذي يحمل الجنسية السودانية، كما جرى اعتقال الطبيب واثنين من مساعديه، وتم إيداع الجميع السجن في انتظار محاكمتهم، الاثنين المقبل، بعد أن وجّهت إليهم تهم «الفساد والإجهاض والمشاركة في الإجهاض».
وحسب الموقع ذاته، فإن الريسوني نفت التهم الموجهة إليها، فيما قال الطبيب المتابع في القضية نفسها أمام قاضي التحقيق إن الصحافية حضرت إلى عيادته، وهي في حالة صحية خطيرة؛ حيث كانت تعاني من نزيف حاد، تطلب تدخلاً جراحياً مستعجلاً.
ونشر الموقع ذاته نسخة مما قال إنه تقرير طبي، أنجز للصحافية خلال فترة الاعتقال الاحتياطي، أثبت أنها لم تتعرض لأي عملية إجهاض، في حين تحدثت منابر إعلامية أنه جرى التلاعب في نتائج التقرير.
وتفاعل نشطاء وسياسيون وحقوقيون مع خبر اعتقال الريسوني، وأطلق كثير منهم وسماً على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بإطلاق سراحها، وربط البعض بين اعتقالها وبين كتاباتها الصحافية، ولا سيما أنها تعمل في المجموعة الإعلامية «أخبار اليوم» و«اليوم 24»، التي يملكها الصحافي توفيق بوعشرين، الذي حكم عليه بـ12 سنة سجناً نافذاً بتهم الاتجار بالبشر والاعتداء الجنسي والاغتصاب في حق 8 ضحايا، جرى تصويرهن بواسطة لقطات فيديو، بينهن صحافيات كن يعملن في مؤسسته. إلا أن بوعشرين والمتعاطفين معه ظلوا متشبثين بأن محاكمته جرت بسبب كتاباته ومواقفه السياسية المعارضة.
وعبّر عدد من النشطاء عن تضامنهم مع الريسوني «ضد ما تتعرض له من تشهير وخرق سافر للحياة الخاصة، ومحاولة للنبش فيما لا يعني الناس في شيء»، وفقاً لما كتبت النائبة آمنة ماء العينين، المنتمية لحزب العدالة والتنمية، التي قالت: «إذا لم نتمكن من تغيير أشياء كثيرة في واقعنا، فلنكف ألسنتنا عن الناس، ولنكف عن إذايتهم، ولنتحل ببعض الإنسانية وشيء من الضمير. هاجر إنسانة وامرأة تمر بظرف صعب، والشماتة كانت دائماً من أخلاق الصغار. نحن بحاجة إلى نموذج قيمي جديد، وإلى مقاربات مختلفة لتدبير عيشنا المشترك».
من جانبه، استنكر حسن بناجح، المتحدث باسم جماعة العدل والإحسان الإسلامية، شبه المحظورة، اعتقال الريسوني، و«توظيف سلاح الأخلاق ضدها»، وأدان «إطلاق صحافة التشهير الممنهج ضدها». مشدداً على أنه «ينبغي التكاثف المجتمعي... لرفض سياسة التصفيات الكيدية الرمزية لذوي الرأي والمناضلين والصحافيين».
من جهتها، انتقدت الصحافية المغربية سناء العاجي توجيه تهمة الإجهاض للريسوني، وكتبت أن «الإجهاض حق يجب أن يتوفر لكل النساء»، لأنه «من حق كل امرأة أن تقرر متى يمكنها أن تكون أماً... لا يمكن للمشرع أن يحدد لنساء بالآلاف، زمن الأمومة المناسب لهن»، حسب تعبيرها.
وانتقدت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان ما وصفته «حملات التشهير التي تستهدف العاملين في كل من «أخبار اليوم»، و«اليوم 24»، وطالبت بإنشاء جبهة وطنية ضد الانتهاكات، التي يتعرض لها أصحاب الرأي من حقوقيين وصحافيين ومدونين.
وأوضحت، في بيان لها، أن اعتقال الريسوني أمام عيادة طبية واتهامها بالإجهاض، جزء من «حملة التشهير»، التي تمس صحافيّي وتقنيّي وعاملي «أخبار اليوم» و«اليوم 24» من جهات مجهولة، «تريد ربط الجريدة والموقع بالفضائح الجنسية، ضاربين العرض بقرينة البراءة ومبادئ المحاكمة العادلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.