هل تتخلى أوروبا عن الغاز الروسي؟

الولايات المتحدة تخطط لزيادة صادراتها من الخام إليها

جانب من الأعمال في خط غاز «سيل الشمال 2» في روسيا (رويترز)
جانب من الأعمال في خط غاز «سيل الشمال 2» في روسيا (رويترز)
TT

هل تتخلى أوروبا عن الغاز الروسي؟

جانب من الأعمال في خط غاز «سيل الشمال 2» في روسيا (رويترز)
جانب من الأعمال في خط غاز «سيل الشمال 2» في روسيا (رويترز)

تستعد الولايات المتحدة لخوض سلسلة من المفاوضات المُعقّدة مع الدول الأوروبية، هدفها إعادة تسعير الغاز الأميركي لجعله أكثر تنافسية مع الغاز الروسي الذي يقتحم أبواب دول الاتحاد الأوروبي بمئات الأطنان سنوياً. ويعترف ريك بيري وزير الطاقة الأميركي، بأن للغاز الطبيعي المُسال أولوية بالنسبة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وفرصة تجارية لا مثيل لها في تاريخ البلاد.
وحسب المعطيات الصادرة عن وزارة الطاقة الأميركية، فإنه قد تصل زيادة الإنتاج النفطي اليومي للدول غير التابعة لمنظمة (أوبك)، التي تقودها الولايات المتحدة، إلى 2.2 مليون برميل حتى نهاية عام 2020، وفي شهر مارس (آذار) الماضي، وصل الإنتاج النفطي اليومي الأميركي إلى 12 مليون برميل، أي بزيادة 1.6 مليون برميل مقارنةً بالشهر ذاته من عام 2018.
وفي شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، رست صادرات النفط الأميركية اليومية على 2.5 مليون برميل، أي بزيادة بنسبة 90% مقارنةً بنفس الشهر من عام 2018، واعتماداً على هذه المعطيات قد تتشجع الولايات المتحدة على منافسة روسيا حتى في أسواق الغاز العالمية.
تقول أستريد فايبل الخبيرة في وزارة الطاقة ببرلين، إن النيات الأميركية الرامية إلى زيادة صادرات الغاز الطبيعي المُسال «خطوة أوتوماتيكية» تضعها أمامها أي دولة تنجح في توطيد صادراتها النفطية وقادرة، من جهة أخرى، على إنتاج النفط والغاز معاً على أراضيها، «وبما أن ملف الطاقة أصبح حساساً في ظلّ المخاطر الجيوسياسية الدولية ستكون استراتيجية التعاون بين الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي حاسمة في تقرير مصير الغاز الأميركي».
وتضيف أن الولايات المتحدة، من خلال المنظور الجيوسياسي، تريد تحسين أمن الطاقة الأوروبي عن طريق زيادة صادراتها من الغاز كي تضحى أوروبا أقلّ اعتماداً على الغاز الروسي الذي تختلط أسعاره مع تقلّبات مزاجية روسية بحتة. وفي الوقت الحاضر، ثمة 11 دولة أوروبية، من بينها ألمانيا، تعوّل على صادرات الغاز الروسية بنسبة 75%.
وتوضح: «ثمة فارق كبير في الأسعار بين الغاز الطبيعي المُسال والغاز الطبيعي الذي يتدفّق من روسيا إلى أوروبا عبر شبكات أنابيب نقل ضخمة. فالغاز الطبيعي المُسال هو غاز طبيعي يتم تبريده إلى 161 درجة مئوية تحت الصفر بهدف تقليص حجمه 600 مرّة، كي يتمكّن المُنتج من التخزين وشحنه بالبواخر».
وأضافت: «لكن هذه العملية العلاجية تجعل سعر الغاز الطبيعي المُسال أعلى 20% مقارنةً بسعر الغاز الطبيعي. وتضع الولايات المتحدة دول الاتحاد الأوروبي في مرماها، الآن، من جراء الحرب الضريبية الجمركية المستعرة بين حكومتي واشنطن وبكين. فالصين رفعت الضرائب على صادرات الغاز الأميركي، وسرعان ما استبدلت به صادرات الغاز المُسال القطرية عن طريق توقيع عقد بين حكومة الدوحة وشركة (بتروشينا) الصينية. هكذا، تكبّدت الولايات المتحدة ضربة موجعة لن تنساها أبداً».
في سياق متصل، يقول الخبير الاقتصادي الألماني ماركوس شيفر، إن روسيا تُغطي 50% من احتياجات ألمانيا من الطاقة حالياً.
ويضيف أن المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر، يلعب دوراً رئيسياً، تجارياً وسياسياً، في جعل ألمانيا الفريسة المُفضّلة لصادرات الغاز الروسي لأنه يترأس، حالياً، شركتين («نورد ستريم» و«نورد ستريم 2») تابعتين لعملاق الطاقة الروسية «غازبروم» تنويان مضاعفة صادرات الغاز الروسي إلى ألمانيا بواسطة بناء شبكة أنابيب ثانية موازية للأولى.
ويختم: «تواجه مخططات (غازبروم) الروسية التوسعية في ألمانيا امتعاضاً شديداً من الأميركيين. علاوة على ذلك، زاد استهلاك بعض الدول الأوروبية، كألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وإسبانيا والبرتغال وبولندا، للغاز الطبيعي المُسال 110% في الشهور الأخيرة. ونظراً إلى انهيار أسعار الغاز في الدول الآسيوية بات سعر الغاز الطبيعي المُسال أكثر ملاءمة للدول الأوروبية مقارنةً بذلك المتدفّق إليها عبر شبكات الأنابيب الروسية. مما يحفّز الشركات الأميركية المنتجة للغاز، بالتنسيق مع وزارة الطاقة الأميركية التي ستعرض عليها حوافز ضريبية مغرية، على إعادة تسعير غازها الطبيعي المُسال ليتنافس مع الغاز الطبيعي الروسي في أسواق الطاقة العالمية».



وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

وزير الطاقة القطري سعد الكعبي... الدوحة (أرشيفية - رويترز)
وزير الطاقة القطري سعد الكعبي... الدوحة (أرشيفية - رويترز)
TT

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

وزير الطاقة القطري سعد الكعبي... الدوحة (أرشيفية - رويترز)
وزير الطاقة القطري سعد الكعبي... الدوحة (أرشيفية - رويترز)

شكلت تصريحات وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد الكعبي، خلال «منتدى الدوحة 2025»، نقطة محورية في مناقشات المنتدى الذي افتتحه أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في نسخته الثالثة والعشرين تحت شعار: «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس». وأكد الكعبي على رؤية متفائلة للغاية لمستقبل الغاز، مشدداً على أنه «لا قلق لديه على الإطلاق» بشأن الطلب المستقبلي بفضل الحاجة المتزايدة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي.

وأكد الكعبي أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيظل قوياً بفضل تزايد احتياجات الطاقة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ما بين 600 و700 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035. وأبدى في الوقت نفسه، قلقه من أن يؤثر نقص الاستثمار على الإمدادات المستقبلية للغاز الطبيعي المسال والغاز.

وقال الكعبي: «لا أشعر بأي قلق على الإطلاق بشأن الطلب على الغاز في المستقبل»، مُضيفاً أن الطاقة اللازمة للذكاء الاصطناعي ستكون مُحرّكاً رئيسياً للطلب. عند بلوغه كامل طاقته الإنتاجية، من المتوقع أن يُنتج مشروع توسعة حقل الشمال 126 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بحلول عام 2027، مما سيعزز إنتاج قطر للطاقة بنحو 85 في المائة من 77 مليون طن متري سنوياً حالياً.

وأضاف أن أول قطار من مشروع «غولدن باس» للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع مشترك مع «إكسون موبيل» في تكساس، سيبدأ العمل بحلول الربع الأول من عام 2026.

وأكد الكعبي أن أسعار النفط التي تتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل ستوفر إيرادات كافية للشركات للاستثمار في احتياجات الطاقة المستقبلية، مضيفاً أن الأسعار التي تتجاوز 90 دولاراً ستكون مرتفعة للغاية.

كما حذّر من كثرة العقارات التي تُبنى في الخليج، ومن احتمال «تشكُّل فقاعة عقارية».

الاتحاد الأوروبي

كما أبدى أمله أن يحل الاتحاد الأوروبي مخاوف الشركات بشأن قوانين الاستدامة بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول).

وكانت قطر أعربت عن استيائها من توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات الصادر عن الاتحاد الأوروبي، وهدّدت بوقف إمدادات الغاز. ويتمحور الخلاف حول إمكانية فرض توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات غرامات على المخالفين تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية. وقد صرّح الوزير مراراً بأن قطر لن تحقق أهدافها المتعلقة بالانبعاثات الصفرية.

من جهة أخرى، أطلق الكعبي تحذيراً بشأن النشاط العمراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك «بناءً مفرطاً للعقارات في منطقة الخليج»، ما قد يؤدي إلى «تشكُّل فقاعة عقارية».

استراتيجية مالية منضبطة

من جهته، أكد وزير المالية القطري، علي أحمد الكواري، خلال المنتدى، قوة ومتانة المركز المالي للدولة. وأوضح أن التوسع المخطط له في إنتاج الغاز الطبيعي المسال سيعمل كعامل تخفيف رئيسي يقلل من تأثير أي انخفاض محتمل في أسعار النفط مستقبلاً. وأضاف أن السياسة المالية «المنضبطة» التي تتبعها قطر تمنحها مرونة كبيرة، مما يعني أنها لن تضطر إلى «اللجوء إلى أسواق الدين» لتلبية احتياجاتها من الإنفاق في أي مرحلة.


حاكم «المركزي» السوري: قرار كندا رفع العقوبات يفتح صفحة جديدة من التعاون

حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)
حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)
TT

حاكم «المركزي» السوري: قرار كندا رفع العقوبات يفتح صفحة جديدة من التعاون

حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)
حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)

رحب حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، بقرار كندا رفع العقوبات عن سوريا، بما يفتح صفحة جديدة من الفرص والتعاون البنّاء بين البلدين.

وكانت الحكومة الكندية، أعلنت يوم الجمعة، رفع العقوبات عن سوريا، وإزالة اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لافتة إلى أن خطواتها بإزالة العقوبات عنها، تتماشى مع قرارات اتخذها حلفاؤها مؤخراً، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وأشار الحصرية، في بيان، إلى أنه عقد سلسلة من اللقاءات وصفها بـ«المثمرة والناجحة بكل المقاييس»، مع البنك المركزي الكندي، وشركاء مهمين في القطاع المالي، وذلك خلال زيارته الأخيرة إلى كندا، بهدف بناء جسور التعاون بين القطاع المالي السوري والقطاع المالي الكندي.

وأكد الحصرية أن تلك الزيارة عكست رغبة واضحة لدى الجانب الكندي في دعم الاستقرار المالي، وتعزيز آفاق التعاون مع سوريا في المرحلة المقبلة، وقال: «نتطلع إلى الاستفادة من هذه الانطلاقة الجديدة، والعمل معاً من أجل إعادة دمج اقتصادنا في النظام المالي العالمي بطريقة آمنة وفعّالة».


العراق يصف تقلبات السوق الموازية الأخيرة بـ «التذبذب الطارئ»

رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)
رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)
TT

العراق يصف تقلبات السوق الموازية الأخيرة بـ «التذبذب الطارئ»

رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)
رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)

أكد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، يوم السبت، أن سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار ثابت عند 1320 ديناراً، مشدداً على أن التقلبات الأخيرة التي شهدتها السوق الموازية لا تمثل تأثيراً جوهرياً على الاستقرار الاقتصادي العام.

وكانت أسواق الصرف في العراق شهدت يوم الجمعة تحركات واضحة، بينما ازداد بحث المواطنين حول سعر الدولار في العراق.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن صالح وصفه هذه التقلبات بأنها «تذبذب طارئ ومؤقت» ناتج عن تأثيرات معلوماتية «غير دقيقة» أسماها في التحليل الاقتصادي بـ«الضوضاء الملوّنة». وأوضح أن هذه المعلومات المشوشة، التي تعتمد غالباً على الإشاعة، تؤدي إلى سلوك مضاربات قصيرة الأجل في السوق النقدية غير المنظمة.

الإصلاحات الحكومية تحمي استقرار الأسعار

أشار المستشار المالي إلى أن مثل هذه التحركات السعرية تُعد نموذجية في الفترات الانتقالية، خاصة مع استمرار البلاد في مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية، وبالتزامن مع تطبيق الحكومة لنظام الحوكمة الجمركية، وإجراءاتها الرقمية. وتتضمن هذه الإجراءات أنظمة التتبع الجمركي، والتطبيقات الرقمية الحديثة التي تهدف إلى تعزيز الشفافية، والانضباط في البيئة التجارية، والمالية.

وأكد صالح أن هذا التذبذب في سعر الدولار في السوق الموازية لم يترك أي أثر جوهري على استقرار المستوى العام للأسعار، حيث نجحت السياسة النقدية في تحقيق هدفها المتمثل في تثبيت الأسعار، والحفاظ على ثبات سعر الصرف الرسمي.

كما أكد صالح أن سياسة ثبات سعر الصرف مدعومة بـ«أسس جوهرية»، أبرزها كفاءة الاحتياطيات الأجنبية الكافية لدعم سعر الصرف الرسمي.

وفي سياق متصل، أشار إلى أن المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها البنك الدولي، ومؤسسات التمويل العالمية متعددة الأطراف، تنظر «بعين الارتياح» إلى الخطوات الإصلاحية التي تتخذها الحكومة العراقية في نطاق القطاع المصرفي، والاقتصادي.

وتُعد هذه الخطوات، وخاصة التوجه نحو تعزيز الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، ركائز أساسية لبناء اقتصاد متنوع، وداعم لـ«رؤية العراق 2050» للتنمية المستدامة.