عندما تُلهم أشياء بسيطة أكسسوارات فريدة

عندما تُلهم أشياء بسيطة أكسسوارات فريدة
TT

عندما تُلهم أشياء بسيطة أكسسوارات فريدة

عندما تُلهم أشياء بسيطة أكسسوارات فريدة

بين قاعات مسرح أوبرا غارنييه المطلية بالذهب وحيث تجتمع الفنون الكلاسيكية والتجريبية تحت سقف واحد، أقيم عرض بيرلوتي الأخير لخريف وشتاء 2019 - 2020. لم يكن اختيار المكان صدفة، بل تعمده مصمم الدار كريس فان آش، حتى يأخذنا في رحلة شيّقة تزاوج ما بين الأصالة والحداثة. والأهم من هذا تلك الحرفية والشغف بالتفاصيل اللذان ارتبطا بأيام زمان، خصوصاً أن فخامة المكان وتلوانه بالذهب والموتيفات الفنية من عصر النهضة، لم تنعكس على التشكيلة. بل العكس كانت التصاميم جد عصرية وشبابية تدعو إلى الانعتاق من المألوف. بالنسبة للدار، فإننا نعيش عهداً جديداً من الفنية مستمدة. عندما يرقص على نغمات عصرية لكن بحرفية أيام زمان، وهو ما تجلى في الأكسسوارات، تحديداً. أمر بديهي إذا أخذنا بعين الاعتبار أن «بيرلوتي» انطلقت كشركة أحذية في عام 1895، لهذا كان التركيز على الأحذية، من المواد والخامات إلى التقنيات الحرفية، واضحاً فيه. إلى جانب الرخام والمرمر الإيطالي، يبقى طلاء الزنجار أكثر ما لفت الأنظار فيها هذا الموسم. فهذا الطلاء الذي تستعمله الدار دائما أخذه المصمم كريس فان آش إلى مرحلة جديدة وغير مسبوقة. قال إن ما أوحى له بفكرته، الطاولات الرخامية القديمة التي لا تزال موجودة ومستعملة في مصنع الدار بفيريرا. كان حرفيو «بيرلوتي» يستعملون هذه الطاولات لصبغ الأحذية بطلاء الزنجار يدوياً، وفي كل مرة كانوا يتركون عليها بقعاً جعلتها تبدو مع الوقت كلوحة من الفن الحديث. ما قام به المصمم البلجيكي أنه أضاف ألواناً متعددة من هذا الطلاء على تشكيلته وأكسسواراته حتى يضع بصمته عليها.
في المجموعة الخاصة بالأحذية، مثلاً، تميّز كلّ من الموديلين «أليساندرو» Alessandro وAndy و«أندي» اللذين استوحي اسمهما من أليساندرو مؤسس الدار، والفنان آندي وارهول، بمقدّمة تحاكي حبّة الألماس. لكن تفردهما يعود بالأساس إلى أنّهما صُنعا يدوياً من قطعة جلد واحدة وبلمعان رائع وبتقنية حديثة أعطت لطلاء الزنجار بُعداً أنيقاً. ولم تنس الدار أن تُرفق المجموعة بأدوات تسهيل دخول القدم في الحذاء وقالب الأحذية المصغّر والمعلّقين بحلقة مفاتيح، حتى تُذكرنا أن تاريخ بيرلوتي متجذر في صناعة الأحذية، وبأنها لا تزال تؤمن بالتقنيات التقليدية رغم توالي أربعة أجيال عليها، يُدركون ضرورة مواكبة تغيرات العصر من ناحية التصاميم وأهمية تطوير فنون ترويض الجلود من ناحية أخرى.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.