أظهرت النشرة الإحصائية لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، ارتفاع حجم الموجودات النقدية لدى البنوك المحلية مع نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي إلى 4.24 تريليون ريال (1.13 تريليون دولار)، بزيادة تبلغ نسبتها 73.1 في المائة عن مستوياتها قبل 5 سنوات (أغسطس 2009)، والتي كانت تستقر عند مستويات 2.46 تريليون ريال (656 مليار دولار).
وعطفا على الأرقام هذه، فإن السعودية أصبح أمامها خيارات عدة للاستفادة من الموجودات النقدية المرتفعة لدى البنوك المحلية من جهة، والهروب من شبح زيادة معدلات التضخم في البلاد من جهة أخرى، يأتي ذلك في الوقت الذي يعد فيه اقتصاد البلاد من أكثر اقتصادات المنطقة تميزا واستقرارا خلال الفترة الحالية.
ويعكس ارتفاع حجم الموجودات النقدية لدى البنوك السعودية، مدى انخفاض حجم الإقراض خلال الفترة الماضية، وسط تأكيدات مختصين لـ«الشرق الأوسط» أن تضخم أسعار العقارات في البلاد قلل من مستويات الطلب على القروض العقارية عما كانت عليها قبل عام 2011.
ويأتي ارتفاع معدلات الموجودات النقدية لدى البنوك السعودية في وقت بدأت فيه مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، اتخاذ حزمة من الإجراءات الجديدة المتعلقة بأنظمة الإقراض والتمويل، في وقت تعد فيه البنوك التجارية في المملكة من أكثر بنوك المنطقة ربحية خلال السنوات القليلة الماضية.
وحول هذه التطورات، حذر فضل البوعينين الخبير المالي والمصرفي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس، من تأزم مستويات التضخم في السعودية خلال الفترة المقبلة، وقال «زيادة حجم الموجودات النقدية تعني مزيدا من التضخم وارتفاع أسعار السلع، لذلك فإنه من المهم التحرك الجاد لمواجهة شبح التضخم، من خلال طرح السندات التي تستهدف الاستثمار في المشاريع التنموية».
ولفت البوعينين خلال حديثه، إلى أن ارتفاع الموجودات النقدية لدى البنوك السعودية يعطيها ميزة تنافسية في الإقراض، إلا أنه استدرك قائلا «البنوك تواجه مشكلة في تحويل هذه الموجودات النقدية إلى الإقراض، مما يتسبب في تكدسها كما هو الحال في الوقت الراهن».
وطالب البوعينين وزارة المالية السعودية ومؤسسة النقد في البلاد، بضرورة التعامل الجاد مع السيولة النقدية المرتفعة، متمنيا أن يقوما بدورهما اللازم لمواجهة شبح التضخم، وزيادة معدلات الاستثمار، والاستفادة من هذه السيولة النقدية المرتفعة في تحقيق مزيد من التنمية للبلاد.
من جهة أخرى، أكد فهد المشاري المحلل المالي لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن محفظة التمويل العقاري لدى البنوك السعودية شهدت تراجعا ملحوظا بدءا من نهاية عام 2011، وقال «تضخم أسعار العقارات في البلاد، وتوجه وزارة الإسكان نحو تمليك المواطنين للسكن، كان سببا رئيسا في تراجع معدلات الإقراض خلال العامين الماضيين بشكل ملحوظ». يشار إلى أن عدد فروع البنوك الأجنبية العاملة في السوق السعودية، بلغ مع نهاية عام 2011، نحو 12 فرعا فقط، وهو ما يشكل في نهاية المطاف رقما ضعيفا مقارنة بأفرع البنوك المحلية التي بلغ عددها نحو 1634 فرعا، يأتي ذلك وسط نمو متزايد في معدلات القوة الشرائية في السعودية، وزيادة معدلات الإنفاق الحكومي. ويبدو أن قلة عدد فروع البنوك الأجنبية العاملة في السوق السعودية باتت تشكل سؤالا عريضا لدى الخبراء الاقتصاديين في البلاد، يأتي ذلك وسط مطالبة بضرورة فتح السوق أمام البنوك الأجنبية للدخول إلى خط المنافسة على كعكة السوق المحلية، وسط تأكيدات على أن إتمام مثل هذه الخطوة سيساعد على خلق فرص وظيفية جديدة أمام السعوديين، بالإضافة إلى فتح قنوات تمويلية جديدة، وخدمات إضافية قد تقدمها البنوك الأجنبية.
وبحسب تقرير سابق لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، فإن 30 في المائة من أفرع البنوك المحلية والأجنبية العاملة في السوق السعودية موجودة في منطقة «الرياض»، و22.6 في المائة في منطقة «مكة المكرمة»، و18.8 في المائة في «المنطقة الشرقية»، و6.3 في المائة في «منطقة القصيم»، و6.2 في المائة في «منطقة عسير»، و4.7 في المائة في منطقة «المدينة المنورة»، في حين تتوزع النسبة المتبقية على بقية مناطق البلاد.
وبحسب تقرير آخر لمؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» صدر في وقت سابق من العام الحالي، وهو التقرير 49، فإن الودائع المصرفية الموجودة لدى البنوك المحلية خلال الربع الأول من 2013، قفزت بنسبة 2.5 في المائة، وذلك بما قيمته 31.2 مليار ريال (8.3 مليار دولار)، ليبلغ بذلك مجموع الودائع المصرفية الموجودة لدى البنوك السعودية ما قيمته 1.29 تريليون ريال (344 مليار دولار). ولفت تقرير «ساما» في الوقت ذاته، إلى أن حجم الودائع بالعملة الأجنبية في البنوك السعودية، انخفض خلال الربع الأول من عام 2013 بنسبة 4.6 في المائة، وذلك بما قيمته 7.4 مليار ريال (1.9 مليار دولار)، على عكس الودائع المصرفية بحسب العملة المحلية للبلاد (الريال).
ارتفاع الموجودات النقدية للبنوك السعودية 73% في 5 سنوات
1.13 تريليون دولار حجم السيولة النقدية مع نهاية أغسطس

تراجع مستويات الإقراض أحد أسباب ارتفاع معدلات الموجودات النقدية لدى البنوك السعودية («الشرق الأوسط»)
ارتفاع الموجودات النقدية للبنوك السعودية 73% في 5 سنوات

تراجع مستويات الإقراض أحد أسباب ارتفاع معدلات الموجودات النقدية لدى البنوك السعودية («الشرق الأوسط»)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة